ولكن الأهم من ذلك، فقد حصل اليانسون الصيني على استخدام واسع في مجال التحضير للفودكا الروسية، حيث أضاف اليانسون على الفودكا نكهة خاصة وطعما مميزا، مما جعلها تحظى بشعبية كبيرة ليس فقط بين عامة الناس، وإنما بين طبقة النبلاء والإقطاعيين في موسكو. وقد اشتهرت فودكا اليانسون إلى حد لم يكن أي احتفال للقيصر بطرس الأول يمر دون أن يكون هذا المشروب موجودا على مائدته. كما كان إيفان الرهيب الذي اشتهر بتعدد زوجاته، يستخدم هذا المشروب لتنشيط الجسم وزيادة حيويته، حتى أن فودكا اليانسون كثيراً ما كانت تذكر في قصائد وأشعار بوشكين. وكانت المشروب المفضل لدى اوستروفسكي وتشيخوف.
ولقد دفع الطلب الكبير على تناول الفودكا مع اليانسون الصيني إلى استخدام بذور اليانسون الذي ينمو في روسيا لتحضير الفودكا أيضاً، ولكن هذا النوع كان أقل نكهة من الفودكا مع اليانسون الصيني، ولذلك كان يضاف عليها نبتة الزعتر وبعض النكهات الأخرى.
الجدير بالذكر هو أن روسيا توقفت عن إنتاج هذا المشروب، لكن يمكن للمرء أن يتذوقه في بلدان أخرى تحت أسماء مختلفة. فهو في البلدان العربية يدعى "العرق"، وفي تركيا "راكي"، وفي إيطاليا "سامباكا"، وفي إسبانيا "أنيزيت"، أما في اليونان فيطلق عليه اسم "أوزو". وقد أصبح هذا المشروب أكثر شعبية في فرنسا، حيث يتم إنتاجه بكميات كبيرة تحت اسم "باستيس".
تحضير مشروب "العرق" في المنزل
هناك مجموعة متنوعة من الوصفات لتحضير هذا المشروب. تعالوا لنتعرف على واحدة منها. نقوم بتقطيع قشرة ثمرة البرتقال والليمون ونخلطهما مع بعضهما البعض، ثم نضيف 40 غراما من اليانسون وقليلا من الشبت والقرفة والزنجبيل إلى هذا المزيج. ثم نصب لترا من الفودكا على هذا المزيج، ونضعه في مكان مظلم لفترة ثلاثة أسابيع، وبعد ذلك نقوم بتصفية السائل، ونغلقه بإحكام ونضعه في مكان بارد لمدة أسبوع آخر.
الخصائص العلاجية "للعرق"
يستخدم العرق بكميات قليلة لعلاج نزلات البرد والقشع، وهو يعمل بمثابة مخفض حرارة ومسكّن ومطهر ومعقم. بالإضافة إلى ذلك، فإن اليانسون يحسن من عمل الجهاز الهضمي. يشار إلى أن أجدادنا كانوا يستخدمون الوصفة التالية في حال الإصابة بالتهاب القصبات أو السعال: مزيج من ملعقة عسل وأخرى من العرق وثالثة من عصير الصبار، ومن ثم تناول هذا الخليط قبل الطعام بنحو 15 دقيقة مع الحفاظ عليه في الفم لمدة أطول.