بقلم: نزار عليان
ويركز التنظيم الإرهابي على العنصر النسوي في البلدان الأوروبية والإسلامية أيضاً، مستغلاً ضيق الأفق لدى الشباب، واندفاعهم نحو تحقيق أهداف "طوباوية"، من خلال الانضمام إلى "قضية عالمية"، لنشر الأفكار الراديكالية "المتعفنة" التي تعود إلى عصور الرق والعبودية.
وأنشأ التنظيم الإرهابي ما يسمى "بمؤسسة الزوراء"، التي تعنى بالنساء من خلال "إظهار" قضيتهن وتقديم النصائح والمشورة بالسفر إلى أراضي دولة الخلافة، وحتى كيفية تحضير الوجبات الخفيفة عند تواجدهن في ميادين القتال.
واعتبرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، في تقرير لها، أن الرغبات الطوعية لانضمام النساء من أوروبا ومناطق أخرى إلى صفوف التنظيم الإرهابي تكمن في أن لهؤلاء الفتيات دوافع خاصة، بخلاف الزواج من الدواعش، ورفض الارتباط بالكفار الأوروبيين.
وقالت "الغارديان" إن التكفيريين قاموا بتحميل دليل باللغة العربية، خاص بما يعرف بـ"لواء الخنساء"، يتكون من حوالي 10 الأف كلمة خاصة بالنساء المسلمات، ينصح النساء بالزواج في سن بين الـ9 والـ17، وضرورة الالتزام بالزي الإسلامي وعدم الاختلاط بالرجال، وأشارت الصحيفة إلى أكثر من 50 مراهقة تركت بلادها بريطانيا أخيراً وانضمت إلى صفوف الإرهابيين.
وكانت تقارير من العراق نشرتها وكالة "سبوتنيك" الروسية، تحدثت عن عمليات قتل واغتصاب نفذها عناصر التنظيم الإرهابي بحق عراقيات ينتمين إلى أقليات عرقية، مبينة أن بعضهن أقدمن على الانتحار بعد رفضهن المتاجرة بهن في أسواق النخاسة التي أقامها التنظيم على أرض خلافته.
وقالت التقارير إن معظم هؤلاء النسوة، قتل أزواجهن وإخوتهن، وأجبرن على اعتناق الدين الإسلامي وتطبيق العادات الإسلامية في الملبس والزواج.
ومهما تكن الدوافع لدى أولئك النسوة وافتنانهن بما يفعله عناصر "داعش" من قطع الرقاب واغتصاب النساء وبيعن في أسواق الرقيق، فإن الحقيقة "واضحة وجلية" للجميع، ومن الأجدر لهن محاولة إصلاح السلبيات في مجتمعاتهن، أو على الأقل الابتعاد عن "الموبقات"، واتباع طرق كثيرة لتجنب الوقوع في "الرذيلة"، وهذا برأيي ممكن وسهل.
فهناك مئات الآلاف من النساء المسلمات يعشن في الدول الغربية، ويمارسن شعائرهن الدينية، وهناك المئات أيضاً من اللواتي دخلن في الإسلام اتباعاً لقناعتهن الشخصية والفكرية بهذا الدين السمح، الذي لا يدعو بأي حال من الأحوال إلى ازدراء الأديان الأخرى أو معاداة غير المسلمين.
وباعتقادي، فإن المزايا التي تمنحها القوانين في الدول الأوروبية للرجال والنساء على حد السواء، تجعل من الضروري احترام المسلم أو المسلمة لمشاعر الآخرين والإحساس بهم، وعدم المجاهرة بالإعجاب بما ينشره الإرهابيون من قطع لرقاب الأبرياء الذين يأتون إلى بلادنا العربية لنقل الأحداث ومحاولة إيصال "الحقيقة"، حتى ولو كانت منقوصة، إلى جماهير شعوبهم.
آن الأوان أن لا يرد على العنصرية بعنصرية أشد، وأن نقنع العالم الآخر أننا ننتمي إلى أمة نشرت الحضارة في كل بقاع الأرض، واعترفت بوجود الآخر، وعاشت إلى جانبه كل لحظات البهجة والألم على حد سواء.
(هذه المقالة تعبر عن رأي صاحبها)