لم تعد الأزمة السورية أزمة فقط بل تحولت الى عقدة معقدة لايمكن وصفها الا بالمتاهة التي أضاع الجميع فيها ضالته ، ماعدا الدولة السورية التي دأبت منذ بداية الأزمة الى تظهير الأسباب والمسببات التي نتجت عنها الأوضاع في سورية منذ عام 2011 ومن يقف ورائها ، وكان الكثيرين من قادة القوى الإقليمية والدولية تهزأ من هذا الطرح ومن مقولة مؤامرة ، حتى تدخل الحليف الروسي والذي كان له وحلفاء سورية الآخرين الدور البارز في كشف ملابسات مجريات الأحداث في سورية وماحولها ، بدءً من التنظيمات الإرهابية وتشكيلها وصولاً الى محاولات تدمير الدولة السورية سياسياً وعسكرياً وإقاصادياً وحتى ديموغرافياً ، وهنا الحديف يطول جداً لو أردنا الدخول في تفاصيل المراحل الماضية التي فشلت فيها الولايات المتحدة وحلفائها من دول الغرب والمنطقة أن تلي ذراع سورية أن تفتها لتعيد صياغة الدولة بدءً من الجغرافيا وصولاً الى الدستور الذي سيحم البلاد. الأن وعلى أبواب الرقة وبعد أن تكسرت كل الأمال التي كانت معقودة على الأذرع السياسية والميدانية الإرهابية ، تسعى الولايات المتحدة الى قضم الدولة السورية على أساس المناطق العازلة التي أرادها أردوغان لإعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية ومعه غير من دول المنطقة والتي كان لكل منها أجندتها الخاصة والمنبثقة عن أجندة دولية شاملة تقودها الولايات المتحدة ، لم تستطع الولايات المتحدة أن تقنع سورية أو تجبرها على الإنتقال السياسي والتقسيم حسب رغبتها ، ولم تستطع أن تكسر الإنتصار السوري على الرغم من الإختلال الكبير في التوازن الإسترتيجي وطريقة التعامل في الميدانين السياسي والعسكري ، وكيف لنا أن نفهم أن 60 دولة بقيادة الولايات المتحدة لم تستطع على مدار ثبلث سنوات من أن تزيح تنظيم داعشمن الرقة وماحولها ، والأن وبعد فترة قصيرة من تشكيل مايسمى بقوات سورية الديمقراطية ، وفي ظل الرفض الأمريكي الكامل للتنسيق مع الجانب الروسي لمواجهة هذا التنظيم وغيره من المجموعات الإرهابية ، يأتي فجأة الإعلان عن تحرير 16 قرية من يد داعش على يد قوات سورية الديمقراطية ، اذا مالخطب وأين يكمن بقاء داعش في الرقة طوال هذه المدة دون أن يستطيع المجتمع الدولي أن يحرز من خلال قوة التحالف أي تقدم على هذا المحور ، نعم الولايات المتحدة كانت مشغول بالتحضير لهذا اليوم ومنعت الجانب الروسي والسوري من إتخاذ أي قرارات حاسمة بخصوص التعامل مع المجموعات الإرهابية ككل في كامل سورية وليس على جبهة الشمال وشمال شرق سورية فحسب.
فهل الرقة هي مركز انطلاق سايكس بيكو جديدة ؟ وهل تتوقع الولايات المتحدة أنها قادرة بالفعل على خلق كيان جديدة تحركه كما تشاء ومتى تشاء لمصالحها ؟ ومالذي ينتظر سورية بعد هذا التناحر الدولي مع الإرهاب وعلى الإرهاب من بوابة الرقة ؟
التفاصيل مع الخبير العسكري الإستراتيجي اللواء يحيى
