ولكي يكون مدى خطورة هذه الأسلحة واضحا، يكفي أن نشير إلى أن الخبراء يعتبرون الروبوتات القاتلة بمثابة "الثورة العظيمة الثالثة"، أي مقارنتها باكتشاف البارود والأسلحة النووية.
الحقيقة أن تناول هذا الأمر ووجهات النظر المطروحة حوله من الأطراف لامختلفة أمر صعب للغاية، إذ تتباين وجهة النظر حول الأمر بشكل جذري، ما يجعل عرضها جميعا أمر غاية في الصعوبة.
ويمكن توضيح الأمر كما صاغه أحد أنصار نزع هذا السلاح بدقة ووضوح قائلا:
إن الروبوتات القاتلة، كما يسمونها، تهديد لوجود الجنس البشري بالكامل.
الأصعب من ذلك أن الروبوتات القاتلة لن تخفض العتبة النفسية وفقط، بل إنهاء تضيع المسؤولية عن جرائم قتل الأبرياء، فمن يتحمل مسؤولية القتل في هذه الحالة المبرمج أم الشركة المصنعة أم الروبوت نفسه؟
أما على الجانب الآخر، حيث الدول التي تحتل مراكز متقدمة في مجال التكنولوجية العسكرية الآلية، فإن الموقف أكثر غموضا وتعقيدا، ولكي نفهم هذه المواقف علينا في البداية أن نعلم ليس فقط ما يقوله المسؤولون عن هذه البلدان أمام العامة وإنما معرفة أيضا ما يتم حقا على الأرض.
ما يقولونه:
من بين التصريحات التي أدلي بها في هذا الاجتماع في جنيف، يجب أن نركز على موقف الولايات المتحدة الأمريكية، لسبب بسيط جدا وهو أن لا أحد على هذا الكوكب ينفق ويركز على هذه الصناعة أكثر منها.
جوهر الموقف الأمريكي هو الترحيب بالمفاوضات حول هذا الأمر، لكن في الوقت نفسه لا يتم توضيح ما إذا كانت الولايات المتحدة مع أم ضد هذه الأسلحة، إضافة إلى ذلك لا تهتم الولايات المتحدة بمناقشة العواقب المحتملة لانتشار مثل هذه الأسلحة، وإنما تركز فقط على توضيح المصطلحات.
ما يقومون به بالفعل:
تنشط، إلى جانب الولايات المتحدة، في مجال البحث والتطوير لهذه الأسلحة المملكة المتحدة وإسرائيل والصين وروسيا وكوريا الجنوبية، على الرغم من تأكيد هذه البلدان أن الروبوتات لم تدخل بعد للخدمة، لكن هذا لا يعني أيضا أن ما لدى هذه الدول مجرد أجهزة تجريبية.
مثال آخر على مثل هذه الآلات بندقية سلاح الحرس سامسونج إس جي آر-ايه1 القادرة على تتبع أكثر من هدف في وقت واحد، وهناك تقارير تشير إلى أنه خلال فترة محدودة سيتم وضع هذه الآلات في وضع مستقل جزئيا لحراسة منطقة ترسيم الحدود المتنازع عليها مع كوريا الشمالية.
الحالة الثالثة لهذه الأسلحة، فخر الصناعى الروسيالدبابة "أرماتا" التي يخلق على أساسها المطورون نسخًا أكثر تطورا من الطائرات بدون طيار لاستخدامها في وضع شبه تلقائي.
ما يعتقدونه:
عندما يقول أصحاب المناصب أشياء علنًا ويقومون على الأرض بضدها، هذا يعني بالضرورة أنهم يقولون ما لا يعتقدونه، وإذا كانت قراءة أفكار الآخرين غير واردة إلى الآن، إلا أن الصحافة وخدمات الإنترنت يسرت تثريب العديد من الوثائق السرية التي توضح الأمر.
ومن بين هذه الوثائق، تلك المتعلقة بالطائرات الأمريكية بدون طيار، والتي سربه للصحافة أحد المصادر المطلعة في أجهزة الاستخبارات الأمريكية عام 2015.
المشكلة الأكبر في هذه الأسلحة أن نسبة القتل الخطأ في الإطلاق الصاروخي 8:9 أي أنه لقتل شخص واحد مستهدف، يقتل عن طريق الخطأ 8 أشخاص آخرون، ورغم هذا لا تتوقف القيادات العليا في تلك البلدان عن استخدام الطائرات بدون طيار، بل يعدونها تكنولوجيا واعدة في الحرب المستقبلية.
وفي هذا السياق ليس من المستغرب أن تكون ميزانية تطوير الذكاء الاصطناعي والنظم العسكرية المستقلة لدى وزارة الدفاع الأمريكية 15 مليار دولار.
ما نستخلصه:
زرع فينا منذ الصغر التفريق بين نحن وهم، حقيقة إن أكبر الروابط لدى الإنسان هي الروابط القومية، واعتبار الآخرين أعداء له، لكن اليوم ومع معرفتنا بنظامنا البيئي الهش وتأثير الصناعات العسكرية علينا، فإن الوطنيين الحقيقيين هم الذين يهتمون بالبشر ومستقبل أطفالنا وكوكبنا الأرض.
المصدر: كيوي بيورد/ لايف.رو