خبر سيء أعلنت عنه "المفوضية العليا للاجئين" التابعة للأمم المتحدة، بتحطيم رقم جديد يمكن أن يدخل في "موسوعة غينيس للأرقام القياسية"، كدليل على حجم مأساة تعيشها الإنسانية، ويغرق فيها أكثر من 65 مليون إنسان، نصفهم من الأطفال، باتوا بفعل الحروب والنزاعات والاضطهاد، والقمع والعنف المنظم والتمييز، ما بين لاجئ ونازح، وهو رقم عالمي غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية، حيث بلغ عدد اللاجئين والنازحين حينها ما يقارب 50 مليون شخص، وصورة القادم أشد سوداوية نتيجة الافتقار إلى حلول سياسية للنزاعات المحتدمة، أو على الأقل وضع خارطة طريق لتسويتها بوسائل دبلوماسية.
وفي كل عام صارت تقارير "المفوضية العليا للاجئين" تخرج علينا بعنوان عريض لتقريرها السنوي: رقم قياسي جديد، وتحذر من أن هذا الرقم سيتم تخطيه في العام التالي، وشكّل الرقم الأخير ارتفاعاً كبيراً عن الرقم المسجل مطلع العام 2015، والبالغ 59.5 مليون لاجئ ونازح، نصفهم تقريباً من العرب، علماً بأن الرقم الذي سجّل عام 2014 كان يقارب 51 مليون شخص، وفي عام 2013 سجّل رقم 37.5 مليون لاجئ ونازح، بينما أعلنت المفوضية العليا للاجئين في تقرير صادر عنها عام 2010 أن عدد النازحين داخل بلادهم في أنحاء العالم بلغ 27.5 مليون في عام 2010 وهو أعلى رقم سجل منذ منتصف التسعينات، رغم أن التقارير كانت تؤكد حينها أن الوضع في القارة الأفريقية تحسن، وتراجع العنف في العراق بشكل ملحوظ.
حسب التقرير الأخير للمفوضية، ارتفع عدد اللاجئين الذين غادروا بلادهم إلى 21.3 مليون شخص، وعدد النازحين غادروا منازلهم لكنهم لا يزالون في بلدهم إلى 40.8 مليون شخص. كما أحصي 3.2 مليون طالب لجوء إلى الدول الصناعية في العام 2015. وأكد التقرير أن "واحداً من كل 113 شخصاً في العالم مشرد وهو إمّا طالب لجوء أو نازح أو لاجئ".
وعلى عكس ما قد يفهم ظاهرياً من الأرقام والتوصيف، تعد الأوضاع الإنسانية للاجئين أفضل بكثير من النازحين داخل بلدانهم، مما سيشجع المزيد من الناس على البحث عن بلد لجوء، ويشير تقرير للأمم المتحدة إلى هذه القضية بالقول: "بينما يكتسب اللاجئون الذين يعبرون الحدود خارج بلادهم حقوقاً وفق القانون الدولي فإن النازحين الذين أجبروا على الانتقال من مكان لآخر داخل نفس الدولة بسبب صراع أو مجاعة ليست لديهم مثل هذه الحقوق في الكثير من الدول".
ويوضح المفوض السامي لشؤون اللاجئين، أنطونيو غوتيريش، ما سبق بشيء من التفصيل قائلاً: "يحظى اللاجئون بنظام حماية دولي، ويتمتعون بامتيازات بناء على الاتفاقيات الدولية في العديد من دول العالم، أما النازحون فهم داخل حدود بلدهم، وفي الكثير من الحالات تقوم الحكومات بحمايتهم، ولكن في كثير من الأحيان لا تستطيع حماية المناطق التي يلجؤون إليها، أو تكون تلك الحكومات جزءاً من مشكلتهم الأساسية.."، ناهيك عن نقطة غاية في الأهمية وهي أن هؤلاء النازحين منسيون في المؤتمرات الدولية ولا يوضعون في اعتبارات خطط التنمية في العديد من الدول والمنظمات الدولية.
وبانضمام ستة ملايين إنسان إلى قوائم اللاجئين والنازحين في العالم سيسجل التاريخ فصولاً أكثر مأساوية من مشاهد البؤس والفقر والجوع والافتقار إلى أبسط شروط الحياة الآدمية، وتفادي تلك المآسي ممكن إذا ما توحدت جهود المجتمع الدولي وتركزت، من أجل إيجاد تسويات سياسية للحروب والأزمات، عدم خلق بؤر صراع جديدة في العالم، ووضع حد للقمع والعنف المنظم والاضطهاد في العديد من الدول، ودون ذلك سيغرق العالم بموجات جديدة من ملايين اللاجئين والنازحين.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)