إعداد وتقديم نواف إبراهيم
يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية بسلوكياتها العدائية الحالية تتجه ليس فقط نحو التصعيد مع روسيا وحدها بل إلى أبعد من ذلك بكثير فهي شحنت نقاط على أعلى درجات الإستقطاب مع روسيا في العالم عموماً وفي سورية خصوصاً.
لتعود من جديد إلى روسيا وما أكثر الملفات العالقة تعلوها قضية التدخل الروسي في الإنتخابات الأمريكية على حد زعمهم وصولاً إلى الممتلكات الدبلوماسية الروسية التي أعتقلتها الولايات المتحدة منذ ولاية أوباما ،وهذه الخلافات ليست أصلاً إلا حوامل ظاهرة لما هو أعظم في الخفاء ، ما دفع الرئيس الروسي وغيره من المسؤولين الروس إلى القذف بتصريحات ملؤها التحدي بأن روسيا لن تتحمل الحماقات الأمريكية وسترد بأكثر من الردود المتكافئة ولكن ما قاله نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف يدعو إلى شد الإنتباه بقوله لا نستبعد أي خطوات لإعادة الولايات المتحدة إلى رشدها.
ومن هنا التساؤلات التي تطرح نفسها كثيرة أهمها:
هل الولايات المتحدة تعي فعلاً إلى أين تقود العالم بمثل هذه التصرفات والسلوكيات غير المسؤولة والتي تخطت كل الخطوط الحمراء ؟
هل مشكلة الولايات المتحدة مع روسيا أم مع نفسها ومع مايسمى بالدولة العميقة التي تتناقض سياستها مع سياسة الإدارة الحالية أم هناك خدعة ما ؟
هل التصعيد الأمريكي ضد روسيا قد يكون لسببين أقربهما أن مهمة ترامب قد إنتهت وتبحث الولايات المتحدة عن مخرج آمن يقيها الإحراج أمام العام يكف لها ماء الوجه ؟
الرسائل التي تحملها روسيا في مناوراتها في شرق المتوسط هل تعتبر نوع من الرد أو التصعيد في مواجهة الولايات المتحدة ؟
يقول الخبير صالح:
بالفعل هناك مراكز قرار أميركية تدفع باتجاه المواجهة مع روسيا فهل يصل الاستقطاب الأميركي الروسي حد المواجهة؟
ويتابع قائلاً:
على عكس مجريات التسويات الأميركية الروسية حول سورية والتي أنتجت تفاهمين في هامبورج والقاهرة إرتفعت حدة السجال الأميركي الروسي حول مناطق إشتباك دولية لتضاف هذه السجالات إلى جملة من الإجراءات الأميركية ضد روسيا بدءاً من:
طرد الدبلوماسيين الروس من الولايات المتحدة الأميركية آواخر عام 2016
العقوبات المتكررة ضد روسيا من قبل الولايات المتحدة الأميركية
نشر قوات أمريكية على حدود روسيا وفي البلطيق وتشغيل الدرع الصاروخية الأميركية في بولندا ورومانيا
تسليح أوكرانيا بأسلحة ومعدات حديثة
تصنيف روسيا كأكبر مصدر تهديد للأمن القومي الأميركي
ومن جهتها روسيا تحاول إحتواء هذا التصعيد ولكن في إطار كرامة روسيا وسيادتها بدءا من:
تقليص عدد الدبلوماسيين الأميركيين في روسيا إلى حدود 450 دبلوماسياً
نشر صواريخ متوسطة المدى كرد على التصعيد الناتوي ضدها
تعميق العلاقة مع الصين لإنتاج شكل من التعاون الدولي ضد الأحادية الأميركية القطبية
نشر الأسطول الروسي في البلطيق مدعوما بغواصات نووية روسية بقيادة الغواصة "دميتري دونسكوي
وأردف الخبير صالح:
لتوضيح حقيقة ما يجري ينبغي فهم دوافع هذا التصعيد الأميركي ضد روسيا ومن يقف وراءه تحديداً، فالولايات المتحدة غير منسجمة في سياساتها وهنالك صراع قوى داخل السلطات الأميركية منقسم حول تحديد طبيعة العلاقة مع روسيا, فقسم يود الحوار والتسويات مع موسكو وقسم يدفع باتجاه الإستقطاب وزيادة نقاط التماس مع روسيا وزيادة المجهود الحربي الأميركي ، حيث شكل دخول روسيا في شرق المتوسط عسكريا (30/9/2015) بداية العصر الروسي الجديد، وهو ما لم تستطع الولايات المتحدة الاميرية إستيعابه إستراتيجيا حتى الآن رغم المحاولات الحثيثة بداية لتقويضه بإستثمار الإرهاب الحاصل في الشرق الأوسط ضد الوجود الروسي هنالك، وهو ما إنعكس على الداخل الأميركي صراعات في مراكز القوة الأميركية حول آلية التصرف حيال الصعود الروسي الحالي، من جهتها روسيا تبحث عن تعاون دولي لإعادة التوازن في مشهد العلاقات الدولية أكثر ما تبحث عن قطبية هكذا تشير السلوكيات الروسية وهو ما دفعها إلى تعميق الحوار والشراكة مع الصين، الأمر الذي رفع حدة السياسة الأميركية ضد روسيا، وإنعكس سجالا روسيا أميركيا حول شرعية التواجد العسكري شرق المتوسط.
وأضاف الخبير صالح:
المتتبع للقاءات الروسية الأميركية على أكثر من مستوى يظهر بوضوح حالة الإرتياح والود في لقاءات الدبلوماسيتين الروسية والأميركية وهو ما يشير إلى أن القوى الأميركية الدافعة نحو التصعيد ضد روسيا هي البنتاغون والمخابرات الأميركية وخصوصا مايك بومبيو الذي يخوض سجالا ضد روسيا عبّر عنه في الصين مؤخرا، وهو ما يدفعنا إلى القول أن جناحي السلطة في الولايات المتحدة يخوضان صراعا خفيا في تحديد طبيعة العلاقة مع روسيا بين مؤيد للتسويات و دافع للمواجهة ، الأمر الذي يتطلب الحسم داخل الولايات المتحدة وهو ما نشهده من محاولة الدول العميقة الأميركية "الاستبلشمنت" الأميركي تقويض شرعية الرئيس ترامب من خلال إظهاره بمظهر الصديق لروسيا وأن روسيا ساعدته في تولي الرئاسة الأميركية بتزوير الانتخابات.
وختم الخبير صالح حديثه بالقول:
بالنتيجة مستقبل السجال الأميركي الروسي وطبيعة المرحلة المقبلة مرتبط بأي فريق أميركي سينتصر داخل الولايات المتحدة البيت الأبيض أم تحالف البنتاغون الاستبلشمنت الأميركي ، ويبدو أن الرئيس ترامب سيواجه المتاعب مستقبلا وأن تيار المواجهة والتصعيد هو الخيار الأقرب لفرض وجهة نظره.
التفاصيل في التسجيل الصوتي المرفق