فمرة تقول إن روسيا تتعامل مثلا مع إيران في استيراد النفط ومرة أخرى تتهم روسيا بشراء النفط الفنزويلي، وتارة تهدد دولا أوروبية بعقوبات إذا ما تعاملت مع شركات روسية، كما أن الولايات المتحدة وجهت تحذيرات إلى تركيا أيضا، بسبب صفقة استيراد منظومات "إس 400" من روسيا، وبناء خط الغاز التركي.
وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبو: "لا نريد أن يرتبط الزملاء الأوروبيون بالغاز الروسي من خلال مشروع أنابيب السيل الشمالي 2، كما لا نريد نحن أن نعتمد على إمدادات النفط الفنزويلية".
وقد استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية جميع أساليب العقوبات الاقتصادية ضد روسيا وشركاتها، ولكن باءت بالفشل ولم تستطع عزل أي شركة روسية، وجاءت نتيجة العقوبات بعكس ما أرادته الإدارة الأمريكية.
وهنا نتساءل ماذا تريد الولايات المتحدة من هذا التحريض على روسيا.
يقول قسطنطين ترويتسيف الأستاذ في معهد الاستشراق بموسكو:
"لقد فقدت الولايات المتحدة هيمنتها كقطب أحادي في العالم، كما أن روسيا حسب العقيدة الأمريكية تشكل خطرا سياسيا عسكريا أساسيا على استمرار الهيمنة الأمريكية"
وتابع ترويتسيف "والسبب الأخر يكمن بالمصالح الاقتصادية الأمريكية في أوروبا والعالم، كما أن الولايات المتحدة تعتبر المشاريع الروسية وخاصة خط "السيل الشمالي" للغاز تهدد مصالح الولايات المتحدة في بيع الغاز الأمريكي إلى أوروبا، وهناك سبب آخر يكمن بالصراع الداخلي في أمريكا بين الجمهوريين والديمقراطيين، حيث يتهمون ترامب على أنه عميل روسيا، ولذلك الإدارة الأمريكية تريد أن تبرهن أن لديها سياسة شرسة ضد روسيا، وهذه هي الأسباب الرئيسية للسياسة الأمريكية تجاه روسيا".
وجاء في بيان للخارجية الروسية: "إن التهديدات الصادرة عن وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، تجاه شركة "روس نفط" بسبب تعاملها مع فنزويلا فارغة ودون معنى. إذ أنها (الشركة) واقعة تحت العقوبات الأمريكية منذ عام 2014، لكنها تواصل العمل بنجاح. أما شركاؤها الأمريكيون السابقون فقد خسروا الكثير بعد أن أجبرتهم واشنطن على وقف التعاون معها".
وأشارت موسكو إلى أن واشنطن قررت مرة أخرى اللجوء إلى العقوبات، وهذه المرة بإدراج بنك روسي على "اللائحة السوداء"، بسبب منحه الحكومة الفنزويلية الفرصة للعمل بشكل طبيعي مع الشركاء الأجانب.
بينما يقول الدكتور عامر الربيعي، رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية العربية الأوروبية في باريس:
"إن الغضب الأمريكي له عدة أسباب، استمرار اعتماد الاتحاد الأوروبي على الغاز الروسي، وأيضا تشجيع روسيا لإيران لتبني مشروع بديل، يمر من العراق إلى البحر المتوسط عبر سوريا، وأيضا التواجد الروسي الاقتصادي في بعض دول أمريكا اللاتينية القريبة من الولايات المتحدة، وهذا اعتبرته الولايات المتحدة خطرا عليها، وذلك يهددها اقصاديا، وخاصة الربط بين أوروبا وآسيا، وهذا هو عامل مربك لتفرد الولايات المتحدة على تلك المناطق، لذلك تمارس أمريكا عملية أوكرانيا تارة ضد روسيا، وتارة أخرى تحرض الدول الأوروبية أيضا ضد روسيا، وكل ذلك هي سياسة أمريكية خاسرة.
— هل سنرى من يستطيع رفض الأوامر الأمريكية في العالم؟
— هل سنشهد استقرارا في العلاقات الروسية الأوروبية وخاصة بعد الضغوطات الأمريكية على دول القارة العجوز؟
يقول قسنطنطين ترويتسيف: نعم ستشهد العلاقات الروسية الأوروبية استقرارا، لأن روسيا تعتبر جسرا طبيعيا بين أوروبا كمركز انتاج مهم في العالم والمراكز الانتاجية المتواجد في جنوب وشرق قارة آسيا، بما فيها اليابان وكوريا الجنوبية والصين والهند ودول آسيا، وهذا مؤشر على حتمية مستقبل العلاقات الاقتصادية والسياسية بين روسيا وأوروبا.
وكان وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبو أدعى أن روسيا تضغط سياسيا على أوكرانيا من خلال قطاع الطاقة، وحرّض أوروبا ضد مشروع "التيار الشمالي 2" لنقل الغاز الروسي إلى القارة العجوز.
إعداد وتقديم نزار بوش