باشاغا لـ"سبوتنيك": المرتزقة والاستقرار لا يلتقيان وأولويتي الأمن والمصالحة

بعدما أعلن فتحي باشاغا، وزير الداخلية السابق في حكومة الوفاق، نيته الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة في ليبيا، كشف عن الكثير من الأفكار التي يريد تحقيقها في حال تمكنه من الوصول إلى أعلى كرسي في ليبيا، مشيرا كذلك إلى كثرة المشاكل التي تعاني منها ليبيا حاليا.

طرحت "سبوتنيك" على باشاغا العديد من الملفات الشائكة وطلبت منه إجابات واضحة حول رؤيته لحلها، والتي من بينها المشاكل الاقتصادية، والأمنية ووجود المليشيات المسلحة الأجنبية على الأراضي الليبية، وكانت هذه إجابته...

بداية... منذ عشر سنوات تشكلت أغلب الحكومات والسلطات في ليبيا بناء على اتفاقات وحوارات وحروب... ما تقييم المرحلة القادمة لليبيا من خلال إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية؟

الصراعات السياسية والنزاعات المسلحة بين الأطراف المختلفة؛ أوجبت الجلوس على طاولة الحوار والتوافق على مشاركة الجميع في السلطة لتبديد انعدام الثقة بين المناطق والمدن، والهدف كان إبعاد شبح الحرب ونزع فتيل الحروب وصناعة قاطرة  تقود البلد نحو استقرار يمهد لمرحلة جديدة أفضل من سابقتها، ولا شك أنها أفضل الممكن في وقتها إلا أنها أنتجت سلطات منقوصة الشرعية.

الأجسام السياسية الحالية شرعيتها متآكلة وبعضها فاقد لها، علاوة على تقاسم السلطات التشريعية بين مجلسي النواب والأعلى للدولة وعجزها التام عن التنسيق والتكامل في مهامها.

لذا وجب إصلاح النظام وتجديد الشرعية لكل الأجسام ولا يتأتى ذلك إلا بانتخابات شعبية مباشرة لخلق أجسام تستمد قوتها من الشعب وتضمن مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية، وقد آن الأوان ليقول الشعب الليبي كلمته ويختار قادته المستقبليين بنفسه.

أعلنتم رسميا عن تقدمكم للترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة نهاية العام ماذا يحمل برنامجكم الانتخابي؟

تبدأ رؤيتي من الملف الأمني باعتباره مفتاح حل كل الأزمات، لا مصالحة بدون أمن، ولا عدالة بدون أمن، ولا اقتصاد وتنمية بدون أمن، الأمن الذي يجلب الطمأنينة لليبيين ويعيد الثقة بين المناطق وبين المواطن ومؤسسات الدولة، فضلا عن ثقة المستثمر المحلي والأجنبي في السوق الليبي، الأمن ليس بمفهومه البوليسي الضيق بل بمفهومه الشامل الذي يكون فيه حجر الأساس هو أمن الإنسان من العنف والانتهاكات والفقر وإنهاء التهديدات الداخلية والخارجية على كيان الدولة.

كما أسفلت بأن الأولوية القصوى تتمثل أساسا في تعزيز الأمن وتحقيق المصالحة الوطنية، والانتقال بليبيا من بلد فاشل إلى بلد مزدهر ذو معدل نمو مرتفع، وإرساء نظام إداري لا مركزي بشكل يضمن وصول الخدمات للمواطنين وتحسين مستواها في كافة أرجاء البلد دون تمييز، وتعزيز مبدأ المواطنة والعدالة الاجتماعية ومعالجة الأسباب الحقيقية للحروب والاضطرابات، واستعادة السيادة الكاملة لليبيا والانفتاح على العالم وفق علاقات خارجية متوازنة وشفافة تضمن الاحترام المتبادل وتحقق المصالح المشتركة.

شهدت ليبيا خلال الأعوام الأخيرة حربا شرسة بين الأطراف الليبية مع وجود قوات أجنبية تركية وغيرها كيف تابعتم هذا الملف خاصة وأن اللجنة العسكرية لا تزال تسعى لإخراج هذه القوات وهل من الممكن أن تجري انتخابات رئاسية وبرلمانية في وجود هذه القوات؟

استرجاع السيادة الوطنية التامة أمر في غاية الأهمية، ونمتلك ثقة في اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 ونشيد بتقدمها في ملف إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية بشكل تدريجي ومتوازن، وندرك جيدا أنه ملف شائك لكنه ليس بذلك التعقيد؛ فمتى توفرت الإرادة الوطنية سهلت الطريقة، ولعل أجراء الانتخابات سيزيد من فرص الانجاز، بوجود رئيس للبلد يستمد قوته من الشعب هو السبيل لاستكمال هذا الملف بشكل يحفظ سيادة ليبيا ويخرجها من دائرة الصراع الدولي.

كيف سيتعامل باشاغا إن فاز مع ملفات المرتزقة والمقاتلين الأجانب في حال جرت الانتخابات ولم يخرجوا من ليبيا؟

المرتزقة والاستقرار لا يلتقيان، ولا مجال للمساومة على سيادة ليبيا وإن اختلفت طبيعة التواجد بين قوات جاءت باتفاقيات تبين العدد والغاية وتضبط التبعية وقوات أخرى مجهولة ومأجورة تهدد الأمن في ليبيا والمنطقة بأسرها، ويدرك معظم الليبيين بأن صراعهم الداخلي هو ما استدعى تدويل الصراع بعد أن صنع فراغات استغلتها أطراف خارجية لها أهداف استراتيجية تتجاوز الجغرافيا الليبية.

وسيكون من أولوياتنا إعادة رسم خريطة علاقات متوازنة لليبيا مع كل دول العالم على أساس الاحترام المتبادل والثقة والتعاون بما يحقق المنافع والمصالح المشتركة، وهذا يتطلب إرادة سياسية واستنهاض جميع الدوائر الدبلوماسية الليبية ومضاعفة الجهود لبناء علاقات على مبدأ الندية والشراكة التي تحقق المصالح العليا للدولة.

ما هو موقفكم من الانقسام الحالي بين السلطة المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وما مدى تأثيره على الاستحقاق الانتخابي القادم؟

الانقسام الحكومي والتلاسن بين رئيس الحكومة ونائبه الأول أمر مؤسف، والمؤسف أكثر بأن أخذ الأمر منعطف مناطقي، ونأمل أن لا يزداد الشرخ ويرتفع صوت العقل والحس الوطني لإبعاد شبح الانقسام المؤسساتي والمجتمعي، وعلى السلطة المؤقتة و متصدري المشهد السياسي والإعلامي والمجتمعي المساعدة في خلق أرضية صلبة للتقارب والتفاهم وتقليل الهوة المتزايدة؛ لتعود الحكومة مجتمعة وتعمل بشكل تكاملي لإجراء الاستحقاق الانتخابي تنفيذا لالتزاماتها في خارطة الطريق .. وهذا الانقسام هو أكبر دافع للتوجه نحو صناديق الانتخابات، لإنهاء الانقسام وإعادة خلق أجسام شرعية تمثل كل الليبيين وتضمن حقوقهم دون تمييز.

كيف سيكون اختيارك لحكومتك المقبلة وعلى أي أساس ستكون مبنية؟

على أساس الكفاءة والمشاركة، وهدفي هو تلافي الأخطاء التي وقعت فيها أغلب الحكومات المتعاقبة، وليبيا دولة شبه قارية ومرورها بصراعات ونزاعات أدى إلى انعدام الثقة بين المناطق والمدن، وليس هناك أي فروقات بين الليبيين، والتنوع السياسي مصدر قوة وإثراء للمشهد لا العكس، وليبيا لن تبنى إلا بالجميع.

كيف ستتعامل مع ملفات تفكيك المليشيات وتوحيد المؤسسة العسكرية؟

سأوضح للجميع أن هدفي هو توحيد البلاد وإعادة هيبة الدولة وتفعيل المؤسسات النظامية المنضبطة المدربة، وننطلق في التعامل مع المجموعات المسلحة من أن عناصرها ليبيون ويجب التعامل معهم وفق معايير وعبر خطط لتدريبهم وتأهيلهم للاستفادة منهم في قطاعات الدولة المختلفة، وكذلك بتقديم التشجيع والدعم اللازم على إطلاق مشاريع تجارية وصناعية خاصة  وفتح فرص عمل لهم في مختلف المجالات، لنؤسس دولة القانون والمؤسسات والمواطنة وتكافؤ الفرص بين الليبيين دون إقصاء أو تمييز.

الملف الاقتصادي من أهم الملفات الليبية وهناك دول تسعى إلى تعاون اقتصادي مع ليبيا من هي تلك الدول التي سوف يعطي لها باشاغا اهتماما أكبر فيما يخص التعاون الاقتصادي؟

بالتأكيد نحن دولة في شمال أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط وتطل على البحر الأبيض المتوسط، تجمعنا حدود برية مع ست دول بالطبع سيكون لنا اهتمام بالتعاون الاقتصادي مع الدول الجارة والتي تمتلك الإمكانات الاقتصادية، حاليا لا دولة بعينها لكن بالتأكيد ان التعاون التجاري والأمني والعسكري سيكون مع الدول ذات الخبرة في هذه المجالات، حاليا لا عدو للدولة الليبية ولمسنا في مؤتمري برلين 1 و2 اهتماما من أغلب الدول الفاعلة في الأمم المتحدة ومجلس الأمن وبالتأكيد سننمي هذه العلاقات دون أي انحياز لأحد وبما يحفظ الحقوق ويعود بالنفع على الجميع.

كيف تقيم الدور الروسي خلال الأزمة الليبية الماضية والحالية وتعاملها مع الأطراف وما موقفكم من روسيا والتعاون معها؟

من الملاحظ أن موقف روسيا تطور إلى حد كبير من التطابق مع باقي الدول الفاعلة في المشهد الليبي، والدور الروسي كان جيدا خلال اجتماع موسكو يناير 2020 و مؤتمري برلين 1 و 2، وندعو إلى  الاستمرار في هذا النهج والعمل مع الأسرة الدولية لدعم إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية على النحو المبين في خارطة الطريق؛ لنصل إلى مرحلة السلام الدائم والاستقرار الكامل، ومستقبلا نتطلع للتعامل معها بشكل إيجابي وبناء في عدة مجالات.

أجرى الحوار نادر الشريف