هل يمكن حسمها عسكريا... لماذا تفشل كل دعوات وقف الحرب في اليمن؟

تزايدت في الآونة الأخيرة دعوات وقف الحرب وإحلال السلام، سواء كانت من أطراف النزاع في اليمن أو من الأمم المتحدة وواشنطن، تزامنا مع تصاعد حدة المعارك وفتح جبهات جديدة كانت هادئة منذ سنوات.

فهل هناك نوايا حقيقية لوقف الحرب التي راح ضحيتها الآلاف بين قتيل وجريح وجائع، أم أن تلك الدعوات ما هي إلا لتبرئة ساحة كل طرف إعلاميا؟

بداية، يقول رئيس مركز جهود للدراسات في اليمن، عبد الستار الشميري، إن "الشرعية لا يمكنها الانتصار على ميليشيات الحوثي (أنصار الله) أو الوصول إلى حل سياسي، إلا إذا قامت بإنجاز ثلاث قضايا مركزية، على رأسها الانسحاب من اتفاقية استكهولم، لأن الحوثيين أسقطوها فعليا وضربوا بها عرض الحائط وأصبح وجودها كعدمه".

قضايا مركزية

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن تلك القضايا المركزية تتمثل في انسحاب الشرعية من اتفاق ستوكهولم، والذهاب إلى فتح معركة الحديدة، علاوة على تطوير العمل العسكري في مأرب والانتقال من خندق الدفاع إلى مشارف الهجوم، والعودة إلى ما كانت عليه القوات "في نهم" كحد أدنى، أما القضية الثالثة فتتمثل في عودة الرئاسة والحكومة للعمل من الداخل والحضور في الجبهات للتخطيط.

وتابع الباحث السياسي، يجب أن يعاد النظر في الوضع الراهن وتشكيل حكومة حرب مصغرة يكون معظمها من العسكريين، من دون تحقيق تلك القضايا الرئيسية سوف يظل الأمر في مربعه الأول لأجل غير معلوم ولن نرى حسما سياسيا أو عسكريا، وقد تأخرت تلك الخطوة وكان التعليل دائما بأن هناك تشتت في الجبهة الداخلية، "لكن بعد توقيع اتفاق الرياض الذي أنجز بين المجلس الانتقالي ومكونات الشرعية، أعتقد أن الفرصة سانحة الآن".

وأشار الشميري إلى أن هناك تلكؤ من جانب قيادة الشرعية غير معلوم الأسباب من المضي نحو تلك الخطوات، مع البقاء في دائرة الدفاع، وقال: "نعم هناك عملية استنزاف حقيقي وكل الدوائر تشير إلى أن الحوثي لن يستطيع التوسع، لكن طموح كل اليمنيين أن يذهبوا لتحرير صنعاء والحديدة وعدم البقاء في دائرة استنزاف الحوثي، لذا فإن استعادة ميناء الحديدة من أيدي الحوثيين أمر حتمي لإنجاز مقاربة سياسية".

فرصة كبرى

من جانبه، يرى عبد الله العساف، المحلل السياسي السعودي، أنه لا شك أن الحلول السياسية ومد يد السلام من جانب المملكة العربية السعودية تأتي في مقدمة الحلول المطروحة من جانب الرياض، و"تدعو المكون الحوثي بأن يعود مكونا طبيعيا يمنيا ويجلسوا مع أشقائهم في اليمن ولديهم فرصة كبيرة في الحكومة القادمة عندما يختارهم الشعب، فهم جزء من المكون اليمني عندما ينبذوا هذا الفكر الإمامي والأيديولوجيا الاثني عشرية التي ليست من تاريخ ولا من عقائد أهل اليمن، أو أن يختاروا الطريق الآخر والذي ستصل من خلاله الشرعية والتحالف إلى صنعاء حتى وإن طال السفر".

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "أعتقد أن كل الخيارات في اليمن مفتوحة، حيث لا يزال خيار السلام مفتوحا وهو الطريق الأقصر والأفضل والأسلم للجميع، لأن إيران لن تستمر مدى الحياة في مد الحوثيين بالمال والخبرات، خصوصا وأن العالم بدأ يلتفت إلى الملف النووي لإيران والذي أصبح أكثر تعقيدا، حيث أن هذا الأمر قد يدفع العالم إلى أن يفرض عليها حصارا أكثر دقة من الحصار الحالي، علاوة على ذلك هناك مخاوف غربية نتيجة تطوير إيران لطائرات بدون طيار يمكنها حمل رؤوس نووية، وبالتالي أصبحت مدمرة ليس فقط للمنطقة بل للسفن الحربية وغيرها، علاوة على أن إيران تتماس اليوم مع إسرائيل بشكل مباشر من خلال حزب الله".

البعد الإنساني

وعن سبب تأخر الحسم العسكري في اليمن، يقول العساف، إن البعد الإنساني وراء تأخر إغلاق ملف الحرب، نظرا لأن الشرعية والتحالف تتعاملان مع "ميليشيا" تنتشر بين المدنيين، والتحالف والشرعية يراعيان القوانين الخاصة بالمدنيين والبعد الإنساني، كما أن التقارب الإيراني الخليجي هو أحد أسباب الحل، بل هو سبب رئيس في التهدئة وفي التوصل إلى صلح، مضيفا: "لكن لا أعتقد حدوث ذلك في المنظور القريب ولا حتى في العام 2022، وهذا يرتبط بما سوف تسفر عنه المفاوضات والمباحثات النووية، اليوم هناك مخاض سياسي عسير جدا في العالم وليس في المنطقة من المفاوضات النووية التي ربما لا تسفر عن نتائج مرضية لكلا الأطراف، علاوة على ما يحدث في العديد من مناطق العالم".

وحول ما إذا كان اليمن سيستقر في نهاية الحرب، يقول العساف: "المشكلة في يد اليمنيين أنفسهم لأن نهاية الحرب لا تعني الاستقرار والهدوء، حيث أن اليمنيين أمورهم معقدة ومتشابكة، ولديهم شيء غريب، أنهم يمسون في فكر ويصبحون في فكر آخر، وبالتالي مشكلة اليمن أكبر من أن تحل، وبالتالي يجب إنهاء الحرب كمرحلة أولى، وبالتالي وضع اليمنيين أمام مشاكلهم الخاصة فيما بينهم".

وكان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بن عبد العزيز، قد أكد على ضرورة التوصل إلى حل سياسي للصراع في اليمن، القائم منذ العام 2015.

وقال بن سلمان في كلمته بمناسبة انطلاق قمة التعاون الخليجي الـ42، إن "المملكة العربية السعودية مستمرة بتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وفي إرساء الحوار لحل النزاعات".

ومنذ مارس/ آذار 2015، ينفذ تحالف عسكري تقوده السعودية وبمشاركة قوات الحكومة اليمنية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، عمليات عسكرية ضد جماعة "أنصار الله".

وقد اجتمعت أطراف النزاع في اليمن في ديسمبر/كانون الأول 2018، لأول مرة منذ عدة سنوات، على طاولة المفاوضات، التي نظمت تحت رعاية الأمم المتحدة في ستوكهولم. وتمكنوا من التوصل إلى عدد من الاتفاقيات المهمة، لا سيما بشأن تبادل الأسرى، ووقف إطلاق النار في مدينة الحديدة الاستراتيجية ووضعها تحت سيطرة الأمم المتحدة.