بعد فوز"الحلبوسي" برئاسة البرلمان العراقي للمرة الثانية... ما مصير الكاظمي وبرهم صالح؟

رغم الحديث عن التغييرات في المشهد السياسي العراقي بعد الانتخابات الأخيرة، إلا أن الواقع يشير إلى بقاء الأوضاع كما هي على رأس السلطات الثلاث، بعد أن فاز محمد الحلبوسي، برئاسة مجلس النواب للمرة الثانية، وبعض التوقعات تشير إلى بقاء الكاظمي رئيسا للحكومة و برهم صالح لرئاسة البلاد.

فهل تسير الأمور بنفس السلاسة في عملية انتخاب رئيس الحكومة الجديد ورئيس الدولة، رغم تناثر الأخبار عن خلافات وانشقاقات داخل المكونين الشيعي والكردي؟

بداية يقول المحلل السياسي العراقي، عبد الحسيني، إن حسم مقعد رئاسة البرلمان لصالح الحلبوسي جاءت بعد أن توافقت الكتلة السنية فيما بينها بمختلف أحزابها وسارت الأمور بسلاسة.

الكتلة الأكبر

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، إن ما تبقى من الرئاسات الثلاث سوف تحسمه الكتلة الأكبر، حيث أن هناك كتلتين تتنافسان على الكتلة الأكبر، أحدهما كتلة التيار الصدري، فإذا ما حسم أمر الكتلة الأكبر بالنسبة لمنصب رئيس الحكومة، سوف تمضي الأمور بسلاسة أكبر، وربما يكون للكاظمي حظ أوفر للعودة من جديد لرئاسة الحكومة.

وتابع الحسيني، أما ما يتعلق برئيس الجمهورية، هذا الأمر خاضع لتوافقات المكون الكردي، فعندما نقول أن هناك فرصة للكاظمي للعودة، يرجع هذا إلى أنه يحظى بالقبول من جانب التيار الصدري ومن سيكون معه، أما المكون الكردي، هناك مرشح للحزب الديمقراطي وقد يتم التصويت عليه من بقية المكونات، فإذا ما حسمت قضية الكتلة الأكبر وسارت الأمور بالتوافق سيكون هناك حلول، ومع هذا فإن الأمر ليس سهلا وقد تكون هناك بعض التعقيدات والمشاكل والاعتراضات على من ستكون له الكتلة الأكبر، وأعتقد أن الكتل السياسية حريصة على أن ينتهي الأمر في المدة المقررة حتى لا تحدث مشاكل قانونية ودستورية لا يرغب العراقيون في حدوثها في تلك المرحلة.

مشهد متكرر

من جانبه يقول المحلل السياسي الكردي، طارق جوهر، العملية السياسية دائما تولد بصعوبة جدا عقب أي دورة انتخابية في العراق، حيث تكون هناك خلافات ولي أذرع بين الكتل وقيادات السياسة العراقية، والمشهد الحالي في البلاد ليس بعيدا عما حدث في الدورات السابقة، وربما تكون هذه المرة أكثر صعوبة، لأنها بدأت بالتجاوز على مسألة مهمة والتي تتمثل في حكومات الشراكة الوطنية التي تشكلت على أسس توافقات وطنية بين المكونات الرئيسية في الدولة، لأن الخيار الذي تمر به الكتلة الصدرية، هو تشكيل حكومة الأغلبية، وهو ما يعني إشراك بعض القوى بعد الاتفاق على أجندة معينة، وبالتالي يتم تهميش أطراف أخرى أو تركها تلعب في ملعب المعارضة.

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، عندما يتعلق الأمر بالمواقع السيادية، ربما إعادة انتخاب الرئيس السابق للبرلمان "الحلبوسي" للمرة الثانية، ربما يعني أن الرئاسات الثلاث لن تشهد تغييرا، لكن هناك بعض التعقيدات والتي تتعلق بالخلافات بين بعض الأحزاب والتي قد تؤثر على هذا المشهد.

خلافات وانشقاقات

وبحسب جوهر، فإنه إلى الآن لا يوجد توافق في البيت الشيعي على من سيكون الكتلة الأكثر عددا، فقد قدم الإطار التنسيقي والتيار الصدري يوم أمس واليوم القوائم التي تقول أن كلاهما الكتلة الأكبر عددا، وهذا الأمر يجب أن يحسم في المحكمة الاتحادية.

وأشار المحلل السياسي إلى أن "منصب رئيس الجمهورية يخض الاستحقاق الكردي، وإلى الآن لا يوجد اتفاق بين المكونات الكردية على شخص الرئيس، خاصة بين الحزبين الكبيرين "الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني"، هذا الأمر كان يحب أن يحسم في الاقليم قبل الذهاب إلى بغداد، وشهد يوم أمس الأحد ترك الحزب الديمقراطي تحالفه مع الاتحاد الوطني في بغداد وانضم إلى خيار التيار الصدري والتقدم وعزم لتشكيل نواة الكتلة الأكبر عددا أو تحالف لتشكيل حكومة الأغلبية، لذا أعتقد أن هذا الأمر سوف يؤثر على العلاقات بين الحزبين فيما يتعلق بمنصب رئيس الجمهورية وكيفية إدارة الملفات العالقة بين أربيل وبغداد، وربما هذا الشرخ يعمق الخلافات داخليا في الإقليم، هذا الأمر أعاد إلى الأذهان ما حدث في العام 2018، حيث ذهب كلا الحزبين منفردا إلى البرلمان في بغداد، وتقدم كلا منهما بمرشح للرئاسة ولم تحسم في الجولة الأولى وحسمت في الجولة الثانية لصالح الاتحاد الوطني، هذا المشهد لا يسعد به أي كردي، وكنا نتمنى أن يبقى الاتفاق الذي أعلنه الحزبان قبل أسبوع من الآن، فقد شكلوا وفدا مشتركا وأعدوا ورقة بمطالب الإقليم للتفاوض مع الكتل السنية والشيعية، وعندما ذهبوا إلى بغداد كانوا وفدا مشتركا، وعندما بدأت الجولة الحاسمة أمس الأحد، يبدو أن الحزبان لم يستطيعا الاستمرار في التحالف بسبب تباين في المواقف والرؤى، وأصبح هناك شرخ كبير في الصف الكردي مع الأسف".

لم الشمل

ولفت جوهر إلى أنه لا يزال هناك متسع من الوقت أمام الحزبين الكبيرين في الإقليم للاتفاق على شخصية رئيس الجمهورية الجديد، وهناك تصريحات من قادة الحزب الديمقراطي يؤكدون فيها بأنه لن يكون لديهم مرشح لمنصب الرئيس القادم، ونتمنى أن يتوحد الصف لأن هناك استحقاقات كثيرة تتطلب إيجاد حلول مع الحكومة الاتحادية وينتظرها الشارع الكردي.

أعلن مجلس النواب العراقي فتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، مشيرا إلى أن الانتخابات ستجري في موعد أقصاه الثامن من فبراير/شباط المقبل.

وقال مجلس النواب العراقي، في بيان اليوم الاثنين، إنه تقرر "فتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية استناداً للمواد (2 و 3) من القانون رقم (8) لسنة 2012 وإن انتخاب الرئيس سيجري خلال موعد أقصاه نهاية يوم 8 فبراير 2022 تطبيقاً للمادة (72/ثانيا/ب) من الدستور".

وأضاف البيان أن على "الراغبين بالترشح ممن تتوافر فيهم الشروط تقديم طلباتهم التحريرية مرفقة بالوثائق الرسمية التي تثبت توافر تلك الشروط مع سيرهم الذاتية إلى رئاسة المجلس وتسليمها إلى الدائرة القانونية في مجلس النواب – قصر المؤتمرات من التاسعة صباحاً حتى الثالثة بعد الظهر من أيام الثلاثاء 11 يناير/كانون الثاني والأربعاء 12 يناير والخميس 13 يناير مع تسلم إيصال يثبت فيه تقديمه الطلب وتاريخ التقديم ومرافقاته من وثائق".

وكان محمد الحلبوسي قد حسم رئاسة البرلمان العراقي لصالحه، أمس الأحد، بعد منافسة مع محمود المشهداني أكبر الأعضاء سنا في البرلمان.

وحصل الحلبوسي على 200 صوت، والمشهداني على 14 صوتا، ووصل عدد الأوراق الباطلة إلى 14 صوتا، حسب مراسل "سبوتنيك".

يشار إلى أن هناك مهلة 30 يوما أمام البرلمان من تاريخ جلسته الأولى لانتخاب رئيس جديد للبلاد سيطلب عندئذ من أكبر كتلة في البرلمان تشكيل الحكومة.