وسط ضغوط اقتصادية... هل تنجح أمريكا في تمرير اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل؟

في تطور لافت بقضية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل والعالقة منذ فترة كبيرة، أبدى الرئيس اللبناني ميشال عون استعداد بلاده لدراسة المقترحات الجديدة التي قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية.

وقال بيان صادر عن رئاسة الجمهورية إن الموفد الأمريكي تقدم باقتراحات ستتم دراستها انطلاقا من الرغبة في التوصل إلى حلول بهذا الشأن. ومن المقرر أن يستمر التواصل مع الجانب الأمريكي تحقيقا لهذ الهدف، بحسب البيان.

ووصل الموفد الأمريكي آموس هوكشتاين أول أمس الثلاثاء بيروت في زيارة يبحث خلالها مع مسؤولين لبنانيين مسألة ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل.

عروض أمريكية

أعلن آموس هوكشتاين، موفد واشنطن لملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، أنه تم تقليص الثغرات في ملف ترسيم الحدود.

وقال هوكشتاين إن "هناك فرصة اليوم وقلّصنا الثغرات بشأن موضوع ترسيم الحدود البحرية ويمكننا التوصل إلى اتفاق"، مشيرا إلى "أننا لن نبرم نحن الاتفاقية وعلى لبنان وإسرائيل أن يقررا القيام بذلك".

وكشفت صحيفة لبنانية، أمس الأربعاء، عن محاولة أمريكية للعب على التناقضات اللبنانية في ما يخص ملف ترسيم الحدود الجنوبية مع إسرائيل.

وذكرت صحيفة "الاخبار" إلى أن "المبعوث الأمريكي الخاص بملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، عاموس هوكشتين، أسر قبل وصوله إلى بيروت بأنه يحمل مقترحاً مباشراً حول ترسيم الحدود ينطلق من عناوين عدة بينها: الخلاف بين الجانبين على النقطة المركزية للترسيم كبير، والحل يكون بتنازل متبادل، ما يعني تخلي لبنان عن الخط 29 وجزء من حقل قانا، مقابل تراجع إسرائيل عن "خط هوف".

تسوية اقتصادية

اعتبر سركيس أبوزيد، المحلل السياسي اللبناني، أن تعثر كل المحاولات السابقة من أجل ترسيم الحدود البحرية بشكل عملي ومقنع للجانب اللبناني والإسرائيلي دفع الولايات المتحدة الأمريكية لإيجاد نوع من الحل، والذي أطلق عليه البعض التسوية الاقتصادية.

وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تهدف هذه التسوية إلى توزيع الثروة الاقتصادية النفطية بين الطرفين اللبناني والإسرائيلي، خاصة أن إسرائيل تحتاج إلى الاتفاق من أجل أن تتمكن من استخراج الغاز والبترول الموجود في المياه، وفي الوقت نفسه لبنان أيضا بحاجة للاتفاق من أجل الأزمة المالية والضائقة الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها للخورج من أزمته.

ويرى أبوزيد أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى للاستفادة من الظرف الاستثنائي الذي يمر به لبنان من أجل تسويق تسوية اقتصادية لتقاسم الثروة البترولية الموجودة في المياه بين إسرائيل ولبنان.

وعن مدى نجاح هذه التسوية، قال المحلل اللبناني إن الضغوط القوية التي يمر بها لبنان والظروف الخانقة قد تشجعه للدخول في هذه التسوية والتي ترتبط بالأجواء الإقليمية والدولية والتي تسعى إلى احتواء الأزمات وليس تفجيرها، لذلك ربما الطرح الأمريكي يجد صدى إيجابيا عند أطراف السلطة، لا سيما في ظل الضغوط التي تمارس من أجل قبول لبنان بهذا الأمر.

في السياق، اعتبر الناشط المدني أسامة وهبي، أن الولايات المتحدة الأمريكية تبدو مصرة على إتمام اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان، وكان لافتًا مرافقة وفد تقني للوسيط الأمريكي الموجود في لبنان، والذي يضغط باتجاه إتمام هذا الاتفاق قبل الانتخابات النيابية.

ابتزاز للبنان

وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هذا لا يعني أن الخلافات داخل الحكومة وبين الفرقاء اللبنانيين قد تم تذليلها بالكامل، فلا يزال هناك انقسام ما بين من يريد التمسك بخط 29 وبين من يكتفي باعتماد الخط 23.

وتابع: "هناك حسابات سياسية تتعلق بالمستقبل السياسي لبعض الفرقاء السياسيين وخاصة وسط الحديث أن رئيس الجمهورية أجرى مقايضة للتنازل عن حقوق لبنان في الحدود البحرية وثروته النفطية والغازية مقابل رفع العقوبات الأمريكية عن صهره جبران باسيل، وهذا أمر يرفضه أكثر من فريق أساسي لبناني ويعتمد على الإحداثيات العلمية التي أثببت أن للبنان الحق في حقل 29".

واستطرد: كان لافتا بالأمس حديث الوسيط الأمريكي بأن الشعب اللبناني يعاني من أزمة اقتصادية وأصبح تحت الصفر، وعدم إتمام هذا الاتفاق سيبقيه على ما هو عليه وفي هذه الأزمات المآساوية بينما إتمام الاتفاق بأي طريقة سيؤدي إلى إراحة الشعب اللبناني، وهذا يعني أن الجانب الأمريكي والإسرائيلي يضغطان من أجل إتمام هذا الاتفاق في هذه المرحلة التي يعاني فيها لبنان من أزمات غير مسبوقة".

ويرى وهبي أن هذا يعد نوعًا من الابتزاز للبنان، مؤكدًا أن من أوصل البلاد لهذه الأوضاع والمرحلة التي أصبحت فيها الدولة مكشوفة أمام الجانب الإسرائيلي والأمريكي هي الطبقة السياسية مشيرًا إلى أن أمريكا جادة جدا في إتمام الاتفاق، لكن لبنان لا يزال منقسمًا ولم يصل لرؤية مشتركة أو رأي موحد، على الرغم من محاولة البعض الحديث عن أجواء إيجابية في اتجاه إتمام الاتفاق وترسيم الحدود.

ويعتقد الناشط اللبناني أن موقف بلاده ثابت نحو رفض ترسيم الحدود تحت الماء، ورفض الحقول المشتركة بين لبنان وإسرائيل، حيث يعتبر لبنان أن ذلك تطبيعًا اقتصاديًا مع إسرائيل، وهو مرفوض من جانب عدد كبير من القوى السياسية، وكذلك من الشعب اللبناني.

وكانت مفاوضات غير مباشرة بين لبنان وإسرائيل بشأن ترسيم الحدود البحرية انطلقت تحت رعاية الأمم المتحدة ووساطة الولايات المتحدة في أكتوبر/ تشرين الأول 2020.