خبراء: لهذه الأسباب اقترحت الجزائر عقد القمة العربية نهاية العام

في ظل تعقيدات عالمية وإقليمية أبلغت الجزائر جامعة الدول العربية بنيتها عقد القمة التي كانت مقررة في مارس/آذار الجاري، وسط تساؤلات بشأن أسباب تأجيلها لنهاية العام.

وأعلن أحمد أبوالغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية أمس الأربعاء خلال الاجتماع الدوري لوزراء الخارجية العرب، أن الجزائر أبلغت وزراء الخارجية العرب نيتها عقد القمة العربية القادمة التي تستضيفها يومي الأول والثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني 2022.

حسب مصادر دبلوماسية مطلعة، فإن الموعد المحدد في نهاية نوفمبر المقبل يرتبط بمدى القدرة على حل الخلافات القائمة بشأن العديد من القضايا، حيث ربط المصدر نجاح القمة أو انعقادها بحلحلة الخلافات الراهنة سواء على المستوى الثنائي بين بعض الدول، أو على مستوى القضايا ذات الأهمية منها عودة سوريا للجامعة.

من ناحيته، قال المحلل السياسي الجزائري رشيد علوش، إن تبني اجتماع وزراء الخارجية العرب لمقترح موعد عقد القمة مطلع نوفمبر المقبل له أهمية كبيرة، كونه يمثل رمزية تاريخية للشعب الجزائري و كافة الدول العربية لتزامنه مع الذكرى الـ 68 لاندلاع ثورة التحرير الجزائرية.

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن تحديد الموعد هو رغبة من الجزائر في منح اجتماع قمة الدول العربية رمزية تاريخية، بتوفير مجمل شروط نجاحها خاصة المرتبطة بالعمل على تجاوز أبرز الملفات الخلافية، والتي كانت سببا في تعطيل بناء توافق عربي على مستوى أجهزة جامعة الدول العربية.

وأشار إلى أن انعقاد القمة العربية في هذا التوقيت يحمل العديد من الأبعاد المرتبطة بالتحولات الجيوسياسية حيث ستعمل الدول العربية على بناء تصور مشترك لموقع المنطقة العربية من هذه التحولات، من خلال التركيز على إلزامية إعادة تفعيل العمل العربي المشترك لمواجهة التحديات التي تشهدها المنطقة العربية.

ويرى أن إرجاء الموعد لنهاية العام يمكن معه تجنب التباين في المواقف حيال العديد من القضايا والملفات على الصعيدين الإقليمي والدولي، خاصة أن الاجتماع الوزاري ناقش تداعيات الأزمة في أوكرانيا.

وعدد الخبير القضايا التي تمثل عمق الخلافات بين الدول العربية حتى الآن وعلى رأسها عودة سوريا للجامعة العربية والتي تعتبرها الجزائر من أهم شروط نجاح القمة "حسب رأيه"، كما تمثل القضية الفلسطينية أحد الملفات الرئيسية، إضافة إلى الخلافات الثنائية بين البلدين.

في الإطار ذاته قال محمد سعيد الرز الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، أن التحديات الراهنة تفرض ضرورة التضامن وحل الخلافات الجانبية لمواجهة ومواكبة التطورات والاستحقاقات الدولية، التي من شأنها تغيير مشهد النظام العالمي.

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الخيار الوحيد أمام القادة العرب المتمثل في التضامن وتوحيد الصف يعود إلى سلسلة تجارب مر بها العرب خلال نصف القرن الماضي، حيث ثبت لهم أن الانغلاق القطري الوطني لا يؤمن الاستقرار، وأن التحديات المخيمة على الأمة العربية أكبر من طاقة دولة واحدة على مواجهتها.

وأشار إلى أن التحالف مع الغرب وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية لا يؤمن الاستقرار ولا الازدهار لأي دولة عربية.

ويرى أن معاهدات السلام مع إسرائيل أثبتت عدم جدواها، خاصة أنها بحاجة لمن يحميها، وبالتالي لا تشكل مصدر اطمئنان، وهو ما يعتبره المحلل السياسي بمثابة خلاصة تجارب للعرب مع إسرائيل وأمريكا والغرب مفادها أنه لا بديل عن إقامة محور عربي متضامن تتكامل فيه القوة العسكرية مع الثروة النفطية والطبيعية.

يرجح المحلل السياسي أن التحركات المصرية التي يقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيسي تهدف لتحقيق هذا التضامن، وهو ما تجسد أخيرا في البيان المصري السعودي المشترك، ومن قبله مبادرة الرئيس السيسي عام 2015 في القمة العربية في شرم الشيخ، والتي تتلخص بإنشاء القوة العربية المشتركة وإحياء معاهدة الدفاع العربي المشترك، وتحقيق التكامل الاقتصادي العربي.

رغم تفاقم التحديات على مستوى العالم، يرجح الرز أن البدء في تنفيذ توحيد الصف العربي وتشكيل قوة عربية مشتركة يمكنه الحد من تداعيات التحديات الراهنة.

يتفق الرز حول أسباب إرجاء موعد القمة لمطلع نوفمبر المقبل، بحيث يعطي مزيدا من الوقت للم الشمل العربي، وحل موضوع عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية.

ومنتصف شباط/فبراير الماضي، قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون: "لا يوجد أي خلاف بين القادة العرب حول القمة العربية، وهناك تعاون خليجيّ و مصري وتونسي لإنجاح القمة".