مع استمرار الخلافات السياسية..هل يصبح حل البرلمان والانتخابات المبكرة السيناريو الأقرب في العراق؟

حالة من الترقب تسود المشهد السياسي العراقي الذي يتجه صوب السادس والعشرين من مارس/أذار الجاري، وهو موعد عقد جلسة البرلمان لانتخاب رئيسا للبلاد من بين 40 مرشحا، بعد فشل البرلمان في المهمة الشهر الماضي، ولو تكرر هذا الفشل فسوف يضع العملية السياسية برمتها في مهب الريح.

وأخفق مجلس النواب (البرلمان) العراقي، في 7 فبراير/شباط الماضي، في انتخاب الرئيس، بعد مقاطعة معظم الكتل السياسية للجلسة، على وقع خلافات حول المرشحين وتشكيل الحكومة المقبلة.

ورغم مرور ما يزيد عن 5 أشهر على إجراء الانتخابات البرلمانية في العراق، إلا أن المساعي نحو تشكيل حكومة لم تتكلل بالنجاح حتى اللحظة، بسبب خلافات على تسمية رئيسها.

ويخوض السباق على منصب رئيس الجمهورية 40 مرشحا، بينهم الرئيس الحالي برهم صالح، وفق بيان سابق لرئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

بداية يقول أمين الحزب الطليعي الناصري بالعراق، الدكتور عبد الستار الجميلي، في ظني أن الكتل السياسية في بغداد وأربيل أمام مأزق دستوري وانسداد سياسي.

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، إلى الآن لم يتم الاتفاق على من يتولى رئاسة الجمهورية من بين عشرات المرشحين، علاوة على عدم اتفاق كتل أربيل على مرشح موحد لها، وانعكاس ذلك على الاستقطاب الحاصل بين كتل بغداد أفقيا وعموديا، على تأييد هذا المرشح أو ذاك مع حرصها على دوام المحاصصة الطائفية والعرقية، بما يتعارض مع أبسط قواعد الديمقراطية التي يدعون للعمل بموجب قواعدها.

حل البرلمان

ومن جهة أخرى فإنه في حال لم تنجح عملية تمرير انتخاب الرئيس، فإن السياق القانوني والدستوري يفرض حل مجلس النواب، والدعوة لانتخابات جديدة وفق مرحلة انتقالية ذات صلاحيات تصريف أعمال للحكومة الحالية، واستمرار رئيس الجمهورية بمنصبه لحين الانتخابات، والمحكمة الاتحادية ملزمة بحل مجلس النواب في حال لم يتم انتخاب الرئيس وإلا تٌعدّ منتهكة للدستور، ولكن السؤال هل ستسمح كتل بغداد وأربيل بحل البرلمان الذي ترتبط مصالحها الخاصة جدا باستمراره؟ أم أنها ستُجبر على ذلك؟.

وتابع أمين الحزب الطليعي: "الكرة الآن في ملعب المستقلين الذين جاءوا من رحم ثورة تشرين الأول/ أكتوبر، فهل سيشاركون كتل بغداد استبدادها وفسادها وتبعيتها، أم يقفون الموقف الوطني الذي فازوا على أساسه ويقلبون القواعد على هذه الكتل ويقررون عدم حضور الجلسة، وبالتالي التوجه نحو حل المجلس والانتخابات الجديدة، على أمل حصول متغيرات جذرية في قواعد العملية السياسية البائسة التي أوصلت العراق الى مصاف الدولة الفاشلة، وشعبه إلى مستويات مخيفة من الفقر وغياب الأمن والتدني الصحي والتعليمي والإداري والخدمي."

حالة الطوارئ

من جانبه يرى عضو الميثاق الوطني العراقي، عبد القادر النايل، أنه بعد تهديد الصدر والتحالف الثلاثي بالذهاب نحو إعلان حالة الطوارئ، إذا لم يتم عقد جلسة البرلمان القادمة وتمرير رئيس الجمهورية ، أعتقد أن المشكلة الأساسية ليست في كون المنصب للأطراف السياسية الكردية ولا يمس المتصارعين على رئيس مجلس الوزراء بين الصدر و الإطار التنسيقي، لأن منصب رئاسة الجمهورية صلاحياته غير مؤثرة، لكن هم فقط يخافون من صلاحية تكليف رئيس الوزراء التي تنحصر به وفق الدستور الحالي، ومن جهة أخرى رغب الصدر النواب المستقلين بالحضور مقابل امتيازات ومناصب.

النواب المستقلون

وأشار النايل إلى أن النواب المستقلين المدعومين من بعثة الأمم المتحدة في بغداد أصبحوا اليوم هم "بيضة القضبان"، فإن قاطعوا سيحسبون على الإطار التنسيقي وإن حضروا سيضَمنون استمرار عملهم في مجلس النواب وعدم الذهاب إلى انتخابات مبكرة وهي ليست في حساباتهم، لكنهم سيٌحسبون أيضا على التيار الصدري، لذلك دفع المالكي بعد الاجتماع الخطير الذي عقد برعاية عمار الحكيم، الذي يلعب دورا تخريبيا لدفع الأطراف نحو الانتخابات المبكرة وحل مجلس النواب، لأنه لم يستطع أن يحصل إلا على مقعدين غير مسيطر عليهم".

وأوضح أن زيد الحميداوي المعروف بأبي علي العسكري القيادي في مليشيات حزب الله، حضر الاجتماع، وبعد الاجتماع حمل تصريح المالكي تكذيب صريح للصدر حول حل البرلمان والذهاب لحكومة الطوارئ، وأكد أن تخويف الصدر للمستقلين هو لدفعهم للحضور ولا يوجد هكذا توجه، وهي دعوة مبطنة لتهدئة مخاوف المستقلين حتى لا يحضروا الجلسة وإلا دولة القانون وجزء كبير من الإطار التنسيقي مع حل البرلمان وإعادة الانتخابات".

التباعد السياسي

واستطرد: على هذا الأساس فإن جلسة البرلمان العراقي القادمة ستذهب باتجاه لي الأذرع داخل حلبة الصراع في البرلمان، وهذا التباعد السياسي أصبح أمرا حتميا حتى وإن حصلت تسوية سياسية في الساعات الأخيرة من انتهاء المهلة الدستورية في اختيار رئيس الجمهورية، مع أن التحايل عليها قضية موجودة صاحبت تشكيل كل حكومة ولا يوجد من يحاسبهم عليها، وإن كانت ليست قانونية مطلقا، فإذا انتهت المهلة فإن يجب الذهاب لقانون الطوارئ لعام 2004، قانون السلامة الوطنية الذي ينص على حل البرلمان وتشكيل حكومة طوارئ لمدة 60 يوما وإجراء انتخابات مبكرة.

وأكد النايل إن كل الأطراف السياسية العراقية، تتخوف من حل البرلمان لأن هذا الأمر يفقدهم وجودهم السياسي وهو من صلاحيات المحكمة، فإذا كانت مستقلة فإنها ستصدره في27/3/2022 إذا لم يتم انتخاب رئيس الجمهورية،

وبالتالي هذه الاختلافات تجذرت وتحولت إلى عداء وتنافس صفري بين الكتل السياسية في العراق وستتحول بجميع الأحوال إلى صراع مفتوح على جميع الاحتمالات.

الخلافات مستمرة

بدوره يقول نائب رئيس لجنة العلوم السياسية في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات، الدكتور قحطان الخفاجي، إنه أوقع أن يستمر التباعد بين القوى السياسية العراقية، وستظل الخلافات قائمة، وما ظهر من تغريدات لاستمالة "المستقلين"، هذا يؤكد أن حجم الخلافات كبير، وعدم توجه الجميع نحو هدف واحد.

وأضاف في حديثه لـ "سبوتنيك": أعتقد أن الأمر سوف يستمر بهذا التباعد، حتى الآن لم نلحظ أي عمليات تقارب نحو هدف محدد، ما يعني أن القوى والأحزاب العراقية فشلت جميعها في الوصول إلى شيء متكامل وأرى أن العملية السياسية في العراق، ذاهبة باتجاه إفناء نفسها بنفسها.

وأشارت شبكة "السومرية نيوز" في خبر سابق، إلى أنه لا توجد تسويات حتى الآن بشأن المتنافسين خاصة بين مرشحي الأحزاب وتحديدا الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني، مشيرة إلى غياب لغة الحوار.

وأوضحت أن ريبر أحمد، مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني، يبدو وكأنه الوحيد، الذي يراهن على المنصب بالنسبة للتحالف الثلاثي وبحسب نواب الثلثين

أما الاتحاد الوطني الكردستاني فيبدو متمسكا بالرئيس الحالي برهم صالح، حيث يرى نواب أن حظوظه وفيرة جدا للفوز بالمنصب.

وتقول الشبكة إنها المرة الأولى التي تخوض فيها الأحزاب الكردية سباق الرئاسة بمرشحين يبدو أن حدوث توافق بينها في غاية الصعوبة وفقا للمعطيات الظاهرة على الساحة العراقية.