صوت واحد… ما وراء لقاءات القادة العرب قبل قمة يحضرها بايدن

إشارات عدة حملتها اللقاءات بين القادة العرب خلال الأيام الأخيرة، اتصالا بالقمة المرتقبة منتصف يوليو/ تموز المقبل بحضور الرئيس الأمريكي جو بايدن.

تحركات تؤكد أن القادة العرب يريدون تنسيق مواقفهم بشأن القضايا التي تطرح، وأنهم يوجهون رسائل واضحة وجلية تجاه العديد من القضايا، وكذلك أن ردة فعلهم ومواقفهم واحدة تجاه أي عمليات تمس من أمن أي دولة عربية.

ويتمثل الحراك الإقليمي في الجولة المزمع أن يقوم بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إلى كل من مصر والأردن وتركيا، والقمة الثلاثية التي عقدت في مدينة شرم الشيخ المصرية يوم الأحد 19 يونيو 2022 وضمت قادة كل من مصر والأردن والبحرين، وكذلك توقيع كل من الإمارات ومصر والأردن اتفاقية لـ"الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة" يوم 29 مايو 2022.

من ناحيته قال الدكتور محمد عبدالله العلي الرئيس التنفيذي لتريندز للبحوث والاستشارات، إن حالة الحراك الإقليمي التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط في المرحلة الحالية، تنطوي على مجموعة من الدلالات والملاحظات المهمة، أولها حرص قادة ودول المنطقة على إعادة ترتيب الأوضاع الإقليمية بما يعزز من حالة الأمن والاستقرار في المنطقة بعد سنوات طويلة من الفوضى الأمنية، التي ترتبت على صراعات ما يسمى "الربيع العربي" والنشاط المتزايد للجماعات الإرهابية والمتطرفة.

وأضاف في حديثه لسبوتنيك:

دول المنطقة تعمل ولاسيما السعودية ودولة الإمارات على صياغة ورسم ملامح نظام إقليمي جديد يقوم على مبادئ الحوار والتعاون البناء لتحقيق الاستقرار والتنمية لجميع دول المنطقة وشعوبها، وتعزيز نشر قيم التسامح والسلام.

ويرى أن التحركات الإقليمية خلال السنوات الماضية تشير إلى أن جهود واضحة لصياغة تحالف إقليمي يضم هذه الدول الفاعلة والمعتدلة لتنسيق المواقف وتعزيز التكامل الإقليمي، بما يسهم في استعادة الأمن والاستقرار وتحقيق طموحات شعوب المنطقة في التنمية والرخاء.

ولفت إلى أن التحركات تسبق قمة جدة المنتظرة التي ستعقد يوم 16 يوليو المقبل التي دعا إليها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس الأمريكي جو بايدن وقادة دول مجلس التعاون الخليجي الست، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، وهو ما يشير إلى رغبة هذه الدول في تنسيق مواقفها وتوحيد رؤاها بشأن القضايا المزمع أن تناقشها القمة.

بحسب العلي فإن الملف النووي الإيراني والجهود المبذولة على صعيد إنهاء الحرب في اليمن وانعكاسات ( العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا) على المنطقة، وهو ما يشير بوضوح إلى أن قادة دول المنطقة حريصون على إسماع الرئيس الأمريكي صوتاً واحداً تجاه مختلف هذه القضايا، بالشكل الذي يأخذ المصالح الخليجية والعربية بعين الاعتبار لدى صانع القرار الأمريكي.

أما الدلالة الثالثة بحسب العلي تتمثل في أن هذه الدول، بقيادة سعودية- إماراتية، عازمة وبقوة على أن تصنع مستقبلها بنفسها، وإذا كانت العلاقات مع القوى الدولية، خاصة أن تجربة السنوات الأخيرة أثبتت أن اختلاف المصالح والسياسات أمر وارد في العلاقات الدولية، ما يعني إمكانية التركيز على إعادة بناء منظومة العلاقات الخليجية والعربية والإقليمية بما يضمن مصالح كل شعوب المنطقة.

فيما قال الكاتب والمحلل السياسي محمد سعيد الرز، إن دروس ثورة 30 يونيو في مصر بدأت تظهر مفاعيلها الآن، مع ضرورة عدم نسيان أن الهدف الاطلسي من وراء تنفيذ مخطط تقسيم مصر طائفيا بين مسلمين واقباط وعرقيا باقامة دولة نوبية كان يسعى لاستثمار هذا المشروع حال نجاحه في تقسيم معظم المنطقة العربية.

وأضاف في حديثه لسبوتنيك أن مصر كسرت هذا المخطط وانقذت المنطقة العربية من شروره، الأمر الذي انعكس على انتصار العراق على الإرهاب وحفظ وحدته وكذلك سوريا والأردن ودول الخليج، وصولا إلى تونس والمغرب، حسب قوله.

ويرى أن التحالف القائم على كل المستويات بين مصر والخليج ، والتنسيق المتكامل بين مصر والأردن والعراق، وكذلك بين مصر والسودان وتونس والجزائر ساهم في استقرار المنطقة، إضافة للعمل على إطفاء بؤر التوتر في ليبيا ولبنان واليمن.

ولفت إلى أن التنسيق وتوحيد الموقف يخدم القضية الفلسطينية وحقها المشروع في إقامة دولتها وعاصمتها القدس.

ويرى أنه بعد التطورات الدولية الأخيرة وتمكن روسيا من كسر أحادية القطب العالمي وتحويل أضرار العقوبات لتصيب الذين اتخذوها، إضافة إلى الصعود المتسارع للصين، فإن الموقف العربي يرتكز إلى المصلحة الوطنية والقومية في التعامل مع الوضع العالمي.

وبحسب الرز فإن مساعي بايدن بشأن التطبيع تقابل بالموقف السعودي خاصة أن وزير الخارجية السعودي أعلن في وقت سابق تمسك بلاده بالمبادرة العربية للسلام كشرط أساسي لأي تقارب مع اسرائيل.

وفيما يتعلق بالعملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، أوضح أن موقفا عربيا مشتركا أصبحت صورته واضحة وهي التأكيد على المصلحة العربية أولا، وعدم الاصطفاف أو معاداة روسيا.

وفي مجمل المشهد شدد على أن الولايات المتحدة لم تعد تملك قوة الضغط على العرب مثل السابق، وإنها ابتعدت عن كونها ضمانة لحماية أوروبا، وأن بايدن جاء ليحاور ويسمع لا ليفرض، أما فزاعة إيران التي تستخدمها واشنطن فقد خبا وهجها ، خاصة في ظل لقاءات المشاورات السعودية الإيرانية والتواصل الإيراني الإماراتي، بحسب الرز.