ازدواجية المعايير... في يومهم العالمي لماذا فشل المجتمع الدولي في ضمان حقوق اللاجئين الفلسطينيين؟

في اليوم العالمي للاجئين، يعيش أكثر من 6 ملايين لاجئ فلسطيني أوضاعا مأساوية في المخيمات ودول الشتات، وسط وعود دولية لم تتحقق بحل أقدم قضية للاجئين على مر التاريخ.

لا يزال أكثر من 6.4 مليون لاجئ فلسطيني مسجلين في سجلات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، يعانون اللجوء، نتيجة تهجيرهم من أراضيهم قسرا إبان نكبة عام 1948، وفقًا لوكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".

ويقول المراقبون إن الأوضاع الصعبة التي يعيش فيها اللاجئ الفلسطيني جاءت في ظل فشل المجتمع الدولي في تنفيذ القرارات التي أصدرها، لا سيما قرار حق العودة رقم 194 لعام 1949، وذلك بسبب اعتماده على سياسية ازدواجية المعايير.

حق العودة

وقالت وزارة الخارجية والمغتربين لدولة فلسطين، في بيان لها، باليوم العالمي للاجئين اليوم الاثنين، أن حق العودة، والانتصاف، بما فيه التعويض للاجئين، جوهر الحقوق غير القابلة للتصرف.

وشددت على أهمية ضمان الحماية والرعاية للاجئين، والنازحين، والمهاجرين، وسبل الحفاظ على حقوقهم التي ضمنها القانون الدولي، وفي مقدمتهم اللاجئون الفلسطينيون الذين شردوا من ديارهم عام 1948 والنازحون عام 1967، في ظل التداعيات السياسية، والاجتماعية والاقتصادية، الذين يصل عددهم اليوم إلى ما يزيد على 6.2 مليون، مؤكدة حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والتعويض واستعادة الأملاك، وفقا لـ"وفا".

وأكدت الوزارة أهمية العمل على الحفاظ على الدعم السياسي والمالي المستدام، والمتوقع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطيني في الشرق الأدنى (الأونروا) إلى حين تحقيق حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين بناء على قرارات الشرعية الدولية وعلى رأسها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 194 وقرار مجلس الأمن 237، وأهمية حشد الدعم لتجديد ولاية "الأونروا" وتفويضها، للحفاظ عليها والحفاظ على اللاجئين وأنسالهم، وعدم تغيير تعريف اللاجئ من أجل تقويض حقوقهم إخفاء لجريمة النكبة.

ودعت الوزارة الدول، في يوم اللاجئ، إلى تقديم الدعم السياسي والقانوني اللازم لتأمين حقوق اللاجئين والنازحين الفلسطينيين وعلى رأسها الحق في العودة، وتطبيق القرارات ذات الصلة بما فيها قرار الجمعية العامة 194، وقرار مجلس الأمن 237، والتصدي والرد على الهجمات غير المبررة والمتزايدة على "الأونروا" في سياق المحاولات المتواصلة لتقويض ولايتها وعملها ووقف الدعم عنها، ولحرف الأنظار عن جريمة الاحتلال الإسرائيلي المستمرة منذ النكبة في عام 1948، وفقا للبيان.

وطالبت المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته في مواجهة كافة الانتهاكات والجرائم التي ترتكب ضد اللاجئين أينما كانوا، ومن أي جهة، والتخلي عن سياسة المعايير المزدوجة والانتقائية في تطبيق القانون الدولي، وعدم التمييز بين اللاجئين بناء على أصلهم، أو عرقهم، أو لونهم، أو دينهم، وتمكين اللاجئين من ممارسة حقهم بالعودة إلى ديارهم في أسرع وقت ممكن.

ازدواجية المعايير

قال محمود خلف، منسق اللجنة المشتركة للاجئين الفلسطينيين، إن وضع اللاجئين الفلسطينيين، صعب جدًا ومأساوي، حيث يتنقلون من أزمة لأزمة، سواء على المستوى الإغاثي والخدماتي، أو على المستوى السياسي. اللاجئون الفلسطينيون خاصة في هذه الأيام، يعانون من ازدواجية المعايير التي يتعامل بها المجتمع الدولي، في الوقت الذي كان هناك سلة كبيرة من المساعدات والتقديمات بالمليارات للاجئين الأوكرانيين خلال 6 أشهر، لم ينظر المجتمع الدولي بذات المعيار للاجئين الفلسطينيين ومأساتهم على مدار 74 عامًا.

وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، يعاني اللاجئ الفلسطيني من أزمات صعبة جدا نتيجة عدم تقديم المجتمع الدولي للواجبات اللازمة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) من أجل القيام بتقديم الخدمات لـ 6 ملايين لاجئ فلسطيني، والأزمات المالية متكررة ومتواصلة على مدار العام، ففي هذا العام هناك عجز وصل لـ 100 مليون دولار، وكل ما يتم صرفه من موازنة الأونروا 820 مليون دولار في الوقت الذي تبلغ فيه الموازنة المفترضة مليار و600 مليون دولار، وهذا الوضع ينعكس بشكل سلبي على الخدمات المقدمة للاجئين.

وتابع: "هذا على المستوى العملي والخدماتي، أما على المستوى السياسي، فقضية اللاجئين وفقا للقرار الأممي رقم 194 والقاضي بحق العودة على مدار 74 عاما لم يتمكن المجتمع الدولي من احترام قراراته، فقرار 194 لعام 1949، لم يتم تنفيذه حتى الآن، ولم يتمكن اللاجئون الفلسطينيون من العودة للديار التي هجروا منها، وفقط يتم تجديد التفويض للأونروا كل 3 سنوات مرة، في وقت وجدت فيه الكثير من أزمات اللاجئين حول العالم حلا بقرارات دولية، حيث ألزمت الجهات المختصة بأن تسمح للاجئين بالعودة لديارهم".

واستطرد: "لذلك نحن إلى جانب تمسكنا بالأونروا كمؤسسة أممية ترعى شؤون اللاجئين، نتمسك أيضا بقرار 194 وحق العودة، هذه مسؤولية دولية يجب على المجتمع الدولي أن يقوم بها، حتى الآن لم يتمكن من القيام بها نتيجة لازدواجية المعايير المطروحة على جدول أعمال المجتمع الدولي، وعدم إلزام الاحتلال على تنفيذ قرار السماح للاجئين بالعودة لديارهم، ومن عام إلى عام تنتقل الأزمة وتستفحل سواء على المستوى المالي والإغاثي والخدماتي للاجئين الفلسطينيين، أو على المستوى السياسي".

ويرى أن المحاولات مستمرة ومتواصلة من قبل إسرائيل وأمريكا لتقويض عمل وكالة الأونروا وصولا إلى تصفيتها، لاستهداف حق العودة، وهذه المحاولات دائمة ومستمرة والهدف منها إراحة إسرائيل من هذا العبء الذي يقع عليها بالمسؤولية أمام المجتمع الدولي من أجل إعادة اللاجئين لديارهم".

وأكد أن هناك أزمة مركبة على المستوى الإغاثي والخدماتي والسياسي للاجئين، مقابل تمسك فلسطيني بوكالة الأونروا ووظيفتها ودورها إلى أن يتم تطبيق قرار 194، فهناك 6 ملايين لاجئ حول العالم يتمسكون بحقهم في العودة وهو حق لا يسقط بالتقادم ولا بالمماطلة والتسويف، أو لأي مؤامرات تحاك ضد اللاجئين الفلسطينيين.

أوضاع صعبة

وقال الدكتور جمال نزال، المتحدث باسم حركة فتح، إن الركن الأساسي من القضية الفلسطينية تتمثل في قضية اللاجئين، وأزمتهم، معتبرًا أن حلها هو الأساس بالنسبة لحركة فتح والقيادة الفلسطينية.

وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن سبب فشل دول العالم في وضع حلول جذرية لأزمة اللاجئين ترجع إلى إرادة المجتمع الدولي، والذي يريد التماشي مع إسرائيل لطمس هذه القضية.

في السياق ذاته أكد زيد الأيوبي، المحلل الفلسطيني والقيادي في حركة فتح، أن اللاجئين الفلسطينيين الذين هجرتهم إسرائيل قسرا من منازلهم وأراضيهم عامي ١٩٤٨ و١٩٦٧ يعانون أوضاعًا إنسانية صعبة في المخيمات التي يسكنون فيها نتيجة عدم قدرة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) على القيام بمسؤولياتها نتيجة عدم وفاء الكثير من الدول بالتزاماتها تجاه الوكالة وخصوصا في دفع المبالغ المترتبة عليها سنويا والتي تشكل في مجموعها ميزانية الأونروا التي تصرفها على خدمات اللاجئين الفلسطينيين.

وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الكثير من الدول التي تدعي التعاطف مع القضية الفلسطينية لا يقدمون للوكالة أي شيء، كما أن وكالة الأونروا منيت بأزمة مالية ضخمة بعد أن توقفت المنحة الأمريكية للوكالة في عهد الرئيس دونالد ترامب، مشيرًا إلى أن الكثير من الدول الغنية قادرة على رفع قيمة منحتها للأونروا، وتقديم مبالغ معقولة وتتناسب مع قدراتها المالية تقدم مبالغ زهيدة للوكالة، وهي تستطيع أن تقدم مبالغ أكبر للخدمات الإنسانية التي تقدمها الوكالة مع العلم بأنها تقدم مبالغ طائلة للجماعات التي تستخدمها لتقويض الأمن والسلم الإقليمي.

وأفاد الأيوبي إلى أن وكالة الأونروا تعاني من أزمات مالية كبيرة نتيجة تعاظم مسؤولياتها وفقا للنمو الطبيعي للاجئين بالمقارنة مع قدرات الوكالة المالية المحدودة، وهذه الأزمات تحتاج لأن يتم الاتفاق على رفع قيمة المنح الدولية كي تستطيع الأونروا تقديم خدماتها والقيام بمشاريعها الإنسانية بشكل أكثر كفاءة.

وأضاف أن وضع اللاجئين الفلسطينيين يزداد تعقيدا في لبنان بسبب منعهم من العمل وشراء المساكن وعدم قيام الدولة اللبنانية بمسؤولياتها الصحية والبيئية تجاه المخيمات الفلسطينية باعتبارها الدولة المضيفة للاجئين، مشددًا على ضرورة التحرك الدولي العاجل للضغط على إسرائيل لإعادة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم التي هجروا منها قصرا.

وناشد الأيوبي كافة أحرار العالم للتحرك لإعادة قضية اللاجئين الفلسطينيين على طاولة الأحداث العالمية، والوقوف إلى جانب هؤلاء اللاجئين الفلسطينيين على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والتنموية والصحية.

وأقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2000 يوم الـ 20 من يونيو كل عام، للتعريف بقضية اللاجئين، وتسليط الضوء على معاناتهم واحتياجاتهم، وبحث سبل دعمهم ومساعدتهم في ظل تزايد الأزمات وأعداد اللاجئين.