وكان المشير كونيف صارما مع مرؤوسيه، ولكنه عرف كيف يخاطب الجنود بلطف، فهو بدأ حياته العسكرية جنديًا بسيطًا على إحدى جبهات الحرب العالمية الأولى. وأبرز كونيف مهاراته القيادية خلال الحرب العالمية الثانية بعد أن اعتدت ألمانيا النازية على بلاده وبدأت الحرب الوطنية العظمى بالنسبة لروسيا وغيرها من الجمهوريات السوفيتية المتحدة.
الصعود والهبوط
وتمكن كونيف في بداية الحرب من فك الحصار الذي فرضه المعتدي على مجموعة كبيرة من قوات الجيش الأحمر. وبعد هذا النجاح عُين كونيف قائدا لإحدى جبهات الحرب.
وواجهت القوات التي قادها كونيف القوات الغازية على أهم محاور الحرب في عام 1941، المحور الغربي الذي زحفت قوات ألمانيا النازية عليه إلى العاصمة موسكو. وتمكن الغزاة في أكتوبر/تشرين الأول 1941 من تطويق مجموعة من القوات التي قادها كونيف قرب مدينة فيازما على بعد 240 كيلومترا عن موسكو.
وكاد كونيف أن يحال إلى المحكمة العسكرية ليواجه عقوبة الإعدام، ولكن القيادة العليا رأت أنه من الضروري أن يستمر الوطن في الاستفادة من مهارات الجنرال كونيف، فعيَّنته قائدا لمجموعة القوات التي دافعت عن مدينة كالينين (تفير حاليًا) .وتمكن كونيف من إبعاد الغزاة عن هذه المدينة، قاطعا عليهم الطريق الذي يفضي إلى موسكو.
وبعد طرد الغزاة من موسكو عاد كونيف ليقود القوات على المحور الغربي. ولم تتمكن القوات التي قادها كونيف من مواصلة التقدم لتحرير المزيد من الأراضي من الاحتلال الألماني، ولكنها استقطبت القوات الألمانية التي كان يجب نقلها إلى مدينة ستالينغراد في الجنوب الروسي التي أصبحت محورا رئيسيا للحرب في عام 1942.
النجاح الكبير
وعُين كونيف في عام 1943 قائدا للجبهة الأخرى التي كسبت قواتها إحدى أهم معارك الحرب العالمية الثانية المعروفة باسم "معركة كورسك"، وحررت مدنًا هامة منها بلغورود وخاركوف، من الاحتلال الألماني. وكان النجاح الأكبر عندما قامت قوات كونيف بتطويق وتدمير 10 من فرق العدو، وأصبح أول من وصل إلى حدود الاتحاد السوفيتي في 24 مارس/آذار 1944.
وكانت عقيدة المشير كونيف الهجوم الكاسح المباغت على العدو. أما بالنسبة لصرامته مع مرؤوسيه فيجدر بالذكر أنه استخدم أحيانا العنف ضد الضباط المتقاعسين ولكنه امتنع عن إحالتهم إلى المحكمة.
قمة الموهبة
وأبرز المشير كونيف قمة الموهبة القيادية حينما فتح، بالتعاون مع اثنين من زملائه من قادة الجيش الأحمر هما المشير جوكوف والمشير روكوسوفسكي، مدينة برلين، عاصمة الرايخ الثالث (ألمانيا النازية).
ووصل الجيش الأحمر إلى عاصمة الرايخ الثالث بعد أن بدأ الحلفاء الأمريكيون والبريطانيون يقاتلون ألمانيا في أوروبا بعد مماطلة دامت أكثر من عام. وأحيط القائد الأعلى السوفيتي ستالين علما بأن الحلفاء ينوون الاستيلاء على برلين قبل أن يدخلها الجيش الأحمر.
وسأل ستالين كبار قادة الجيش الأحمر خلال اجتماعه معهم في 1 ابريل/نيسان 1945: "مَن يفتح برلين، نحن أم الحلفاء؟" وبادر كونيف إلى الإجابة عن السؤال قائلا: "نحن من سيفتح برلين، وندخلها قبل الحلفاء".
ومن الجدير ذكره أن كونيف قدم طائرته لنقل روائع فن الرسم التي تم العثور عليها في مدينة درسدن التي دمرها الطيران الأمريكي والبريطاني، إلى معمل ترميم اللوحات الفنية في موسكو.