ويأتي استقبال طهران لعدد من المسؤولين الأوروبيين، خاصة المنسقة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني، ووزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، للتأكيد على أن المنطقة أمام تغيير في عناصر المعادلة السياسية، وأن إيران كقوة إقليمية سيكون لها دور معترف به دوليا في تسوية قضايا المنطقة، خاصة الأزمة السورية، والوضع في اليمن، وفي العراق، ومحاربة تنظيم "داعش".
وقبل ذلك زار وزير الاقتصاد الألماني زيغمار غابريل طهران على رأس وفد اقتصادي كبير يضم عددا من ممثلي كبرى الشركات الألمانية بهدف تنمية العلاقات مع طهران، وأعلنت إيطاليا عن توجه وفد اقتصادي إلى إيران لبحث تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، وأعربت وزيرة التنمية الاقتصادية الإيطالية فيدريكا غويدي عن الأمل بالوصول إلى مسار للتعاون الثنائي يعيد العلاقات إلى المستويات السابقة.
وتتمسك الإدارة الأمريكية بالاتفاق مع إيران، رغم رفض الكونغرس صاحب الأغلبية من الجمهوريين، الأمر الذي دفع الرئيس الأمريكي بالتهديد لاستخدام حق الفيتو على أي قرار من الكونغرس يأتي مخالفا لرغبة البيت الأبيض.
تجاوزت العلاقات الغربية ـ الإيرانية البرنامج النووي إلى كثير من القضايا الشائكة في منطقة الشرق الأوسط الكبير أو الشرق الأوسط الجديد، في ظل دور إيراني مؤثر في سوريا والعراق واليمن ولبنان، لتنتقل العلاقات بين الجانبين من المواجهة إلى التعاون، خاصة بعد أن ظل الغرب متمسكا بضرورة إسقاط النظام الذي قام في إيران منذ عام 1979.
واعتبر كثير من الخبراء السياسيين والدبلوماسيين العرب أن توصل الغرب لاتفاق مع إيران حول برنامجها النووي، لا يمكن النظر إليه بمعزل عن قضايا المنطقة وأمن منطقة الخليج، رغم تحفظ عدد من دول المنطقة على الاتفاق، وأن المرحلة القادمة من الاتفاق ستشهد جهودا دبلوماسية من جانب أوروبا والولايات المتحدة، في محاولة لإقناع الدول التي تتحفظ على الاتفاق مع إيران، خصوصا دول الخليج العربية.
إن تحفظ عدد من الدول الإقليمية المؤثرة في الشرق الأوسط دفع بوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف للقيام بجولة في منطقة الخليج، حاملا رسالة طمأنة لدول الجوار عن طريق الكويت وقطر والعراق، بينما قام وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بزيارة الولايات المتحدة ولقاء باراك أوباما ووزير الخارجية جون كيري، كما قام وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر بزيارة المملكة ومن قبل إسرائيل.
تقف منطقة الشرق الأوسط أمام حراك سياسي يعكس توجهات مختلفة خاصة بين الدول الإقليمية التي لا تزال تنظر إلى سياسة إيران بقلق، بينما استطاعت طهران تحقيق العديد من المكاسب السياسية والاقتصادية، فضلا عن استمرار برنامجها النووي للاستخدامات السلمية.