وقد تكون الكتابة بعلم الشبح في مقابل مبلغ من المال، أو دون علمه عن طريق السطو. ويخرج العمل للنور حاملا اسم ذلك الكاتب اللص أو الكاتب دافع الأجر. ومن أشهر من اتهم بالنوع الأول من خلال استغلال كاتب شبح من وراء الستار كان ويليام شيكسبير، حيث أثار أحد الباحثين في إحدى الدوريات الأدبية في لندن قضية هزت الأوساط الأدبية حينها، عندما كتب مقالا عام 1819، عن كريستوفر مارلو يعبر فيه عن اعتقاده أنه الكاتب الحقيقي لأعمال ويليام شكسبير، الشاعر والكاتب المسرحي الإنجليزي الأشهر. وأكد آخرون الفكرة ذاتها في دراسات تالية. تقول الفرضية أن اسم ويليام شكسبير "توارى عند ظهور كريستوفر مارلو ككاتب مسرحي على خشبة المسرح الإنجليزي، ثم ظهر بعد فترة قصيرة من إعلان موت كريستوفر مارلو، الذي هو محل شك في الأساس. وأن من كتب أعمال مارلو وشكسبير شخص واحد". من هو إذا؟! حاول العديد من الأدباء والصحفيين والباحثين الإجابة عن هذا السؤال في دراسات وأعمال عديدة، استهلها الكاتب ويلبور.جي. زيجلر عندما كتب هذا المعنى في مقدمة روايته "إنه مارلو: قصة سر الثلاثة قرون." ثم تبعه الفائز بجائزة بوليتزر هنري واترسون، الذي ساند نظرية مارلو من خلال سيناريو متخيل يؤكد أن مارلو هو من أبدع كافة أعمال شكسبير. أما أقوى الدراسات التي تناولت نظرية مارلو كانت لكالفين هوفمان، الذي أسس فرضيته على التشابه الكبير لأسلوب الكاتبين.
وحديثا في عام 2001، تناول فيلم وثائقي أسترالي لميخائيل روبو القضية وقد حمل عنوان "ضجة حول أمر ما". ومن النقاط الهامة التي أثارت هذا الجدل موت كريستوفر مارلو، حيث أكد المؤيدون لهذه الفرضية أن كريستوفر مارلو لم يمت عام 1593، إنما هذا التاريخ مفبرك، وأنه المبدع الحقيقي لكافة الأعمال التي حملت اسم شكسبير. وأرجع آخرون الأمر إلى طبيعة الأمور في عهد إليزابيث، حيث كانت الملكية الفكرية وحق التأليف والنشر مازالت في مهدها، وقد استعار مارلو نفسه العديد من الأبيات من شعراء آخرين وأضافها لأعماله دون الرجوع لأصحابها، ثم قام بنشرها مع ادعاء أنها له دون أي إشارة لمصادرها. وهذا كان من الأمور الشائعة أيام مارلو، ولم يكن فعلا يجلب العار أو يؤدي إلى قاعات المحاكم كما هو الآن. وعلى الأرجح هذا مع فعله شكسبير مع مارلو، حيث لم ينشر الأول أي من أعماله قبل التاريخ المعلن لموت كريستوفر مارلو عام 1593، ربما استعار من شعر مارلو، وقد يكون تأثر، حاكى، أو نسخ أسلوبه في الكتابة. ولكن الطريف في الأمر أن اتهام شكسبير بالسطو على أعمال آخرين لم يقتصر على مارلو، إنما هناك أقاويل تشير إلى ما يزيد عن 30 مرشحا آخرين من الكتاب الأشباح ضحايا لقرصنة السيد ويليام شكسبير.
ومن المشاهير الذين واجهوا هذا الاتهام أيضا موليير، الذي وجّه له اتهام صريح بأنه استخدم كاتبا شبحا يدعى كورنيي، الذي نسب إليه العديد من أعمال موليير. استهل هذا الجدل بيير لويس عام 1919، عندما كتب عن الأمر في مقال له عرض فيه فرضيته التي أكد من خلالها حدوث "خديعة أدبية"، حيث خدع موليير جمهوره ومحبيه لأنه استغل كاتبا آخر خفيا يرجع له الفضل في كتابة العديد، إن لم يكن أغلب أعمال موليير. استمر الجدل بين الظهور والاختفاء خلال القرن الماضي، حتى عاد للسطح مرة أخرى عام 2000، من خلال دراسات علمية دقيقة رصدت التشابه الكبير، الذي يصل إلى حد التطابق، بين بنية ومفردات الكاتبين. طال الاتهام أيضا الكاتب الكبير ألسكندر دوما، الذي قيل أن شخصا يدعى أوغست ماركي هو الكاتب الشبح الذي استعان به دوما في كتابة أعماله مقابل أجر. ومن المواقف الطريفة في هذا الصدد، قررت منذ عدة أعوام إحدى عارضات الأزياء الإنجليزيات أن تصبح روائية، فاستعانت بكاتبة شبح، وحققت نجاحا باهرا، غارت الكاتبة الشبح من نجاحها وقررت أن تصدر رواية باسمها، لكنها فشلت ولم تنل نفس النجاح.
الغريب أن ظاهرة الكاتب الشبح تطورت بشكل مذهل بمرور الزمن، حتى أن هناك العديد من المواقع الإلكترونية التي يعلن فيها هؤلاء الأشباح عن أنفسهم وخدماتهم ومقابلها.
فيودور دوستويفسكي الروائي الروسي العظيم صاحب "الجريمة والعقاب" و"الأخوة كرامازوف"، الذي أثرى الأدب العالمي بروائع يسير على نهجها العالم حتى اليوم، وقدم لنا رؤية عميقة للنفس البشرية في أكثر حالاتها عادية وتعقيدا أيضا، عاش ومات هذا الأديب الفذّ دون أن يزعم أحد أنه سرق شيئا منه أو من غيره. هل غابت أشباح الكتابة عن المشهد الروسي، أم أن أصالة الأدب الروسي لا يمكن أن يمسها أحد، تبدو لي العبارة الأخيرة صادقة.
إن تسجيل وترخيص مستخدمي موقع "سبوتنيك" عبر حسابات الفيسبوك أو شبكات اجتماعية أخرى يشير إلى قبولهم لقواعد الموقع. يتوجب على المستخدمين الالتزام بالقوانين المحلية والدولية، واحترام المشاركين الآخرين في النقاش، والقراء والأشخاص الذين يتم ذكرهم في المنشور.
إدارة الموقع لها الحق في أن تحذف التعليقات التي تحتوي على لغات تختلف عن لغة غالبية محتوى الموقع. لدى كافة مواقع sputniknews.com باللغات المختلفة حق تحرير التعليقات.
يتم حذف تعليق المستخدم في الحالات الآتية:
إذا كان التعليق لا يتفق مع محتوى المنشور.
إذا كان التعليق يحرض على الكراهية والتمييز العنصري أو العرقي أو الجنسي أو الديني أو الاجتماعي، أو ينتهك حقوق الأقليات.
إذا كان التعليق ينتهك حقوق الأقليات، ويسبب لهم الأذى بأي شكل من الأشكال، بما في ذلك الإساءة المعنوية.
إذا كان التعليق يحتوي على أفكار ذات طبيعة متطرفة أو تدعو إلى أنشطة أخرى غير قانونية.
إذا كان التعليق يحتوي على شتائم أو تهديدات موجهة للمستخدمين الآخرين، أو للمنظمات بصورة تسيء إلى سمعة رجال الأعمال أو الموظفين فيها وتقلل من كرامتهم.
إذا كان التعليق يحتوي على شتائم أو رسائل تعبّر عن عدم الاحترام لموقع "سبوتنيك".
إذا كان محتوى التعليق ينتهك الخصوصية، بحيث ينشر بيانات شخصية لأطراف ثالثة دون موافقة هذه الأطراف، أو ينتهك خصوصية المراسلة.
إذا كان التعليق يحتوي على مشاهد عنف أو سوء المعاملة والقسوة تجاه الحيوانات.
إذا كان التعليق يحتوي على معلومات حول كيفية الانتحار والتحريض عليه.
إذا كان التعليق يهدف إلى إعلان تجاري، أو الترويج لإعلان سياسي غير لائق أو غير قانوني، أو أي مصادر أخرى على الإنترنت يكون محتواها ما تم ذكره أعلاه.
إذا كان محتوى التعليق يروّج لمنتجات أو خدمات لأطراف ثالثة دون علم هذه الأطراف.
إذا كان التعليق يحتوي على لغة فظة أو ألفاظ نابية أو تلميحات من مشتقات تلك الألفاظ.
إذا كان التعليق يحتوي على رسائل بريد إلكتروني غير مرغوب فيها، وخدمات بريدية جماعية تروّج لخطط الثراء السريع.
إذا كان التعليق يروّج لاستخدام المواد المخدرة وغيرها من العقاقير، ويحتوي على معلومات عن منتجاتها وكيفية استخدامها.
إذا كان التعليق يحتوي على وصلات لفيروسات أو برمجيات خبيثة ومضرة.
إذا كان التعليق جزءاً من عمل منظم ينطوي على كميات كبيرة من التعليقات ذات محتوى واحد.
إذا كان التعليق يحتوي على رسائل غير مفهومة وغير ذات صلة.
إذا كان التعليق ينتهك الأدب وأصول المعاملة مظهراً بذلك أي شكل من أشكال السلوك العدواني أو المهين.
إذا كان التعليق لا يتقيد بالقواعد الأساسية للغة الإنجليزية (العربية)، على سبيل المثال: الكتابة (باللغة العامية) بالأحرف الكبيرة أو عدم تقسيم المكتوب إلى جمل.
إدارة الموقع تملك الحق في أن تحظر دخول المستخدم إلى صفحة الموقع، أو حذف حسابه دون إشعاره، وذلك إذا انتهك المستخدم أو بدر منه سلوك دلّ على انتهاكه لما تم ذكره من القواعد أعلاه.
كل التعليقات
إظهار التعليقات الجديدة (0)
ردأ على(إظهار التعليق إخفاء التعليق)