وتؤكد السياسة والاستراتيجية التي تتبعها الولايات المتحدة الأمريكية تجاه قضايا المجتمع الدولي، خاصة الشرق الأوسط، على افتقاد البعد الأخلاقي وعدم احترام قواعد القانون الدولي المعاصر، علاوة عن إصرار متواصل على انتهاك ميثاق الأمم المتحدة، عن طريق التدخل في شئون الدول الأخرى.
وفي إدارة علاقاتها مع الدول الأخرى، تتبع واشنطن سياسة لا تعرف سوى لغة المصالح، ولا تؤمن بالصداقة بين الشعوب والحوار بين الحضارات والثقافات المختلفة، ولا تعترف بالشراكة على أساس الاحترام المتبادل بين الدول المستقلة.
وتسيطر غطرسة القوة والرغبة في السيطرة والنفوذ على عقول وأفكار صناع القرار في واشنطن، فينطلقون في صياغة سياستهم من مصالحهم المبنية على دوافع وحسابات ومصالح داخلية، تتحقق في كثير من الحالات خلافاً لمصالح الدول الأخرى.
وتسعى "الإدارة" في واشنطن إلى تكريس سياسة الهيمنة وإلغاء دور المؤسسات الدولية، وإخلاء الساحة الدولية من أي قوى إقليمية أو دولية ترفض قواعد القطب الواحد والتدخل المباشر في شؤون الدول وإحكام السيطرة على مقدرات الشعوب وحقهم في تقرير المصير.
ويبدو الخبث الأمريكي على نشر الاعتقاد بأن سياستها مضطربة أو متغيرة، في حين تؤكد ممارساتها وتصريحات صناع القرار في واشنطن، بأنها تنتهج سياسة ثابتة تجاه القضايا التي تشغل المجتمع الدولي، وأن ما يبدو في الظاهر أنه تغيير أو إرباك، ما هو إلا تحرك تكتيكي لن يمس استراتيجيتها الخارجية، التي تهدف إلى تقويض قدرات الآخر بطريقة أو بأخرى.
ويمتد الخبث الأمريكي إلى محاولات الترويج بأن سياستها تهدف إلى خلق شرق أوسط جديد مستقر وآمن ينعم بالسلام والتنمية والحرية والديمقراطية، التي تعمل على تصديرها لدول المنطقة، في حين أنها تسعى إلى بث الفوضى والعنف وإسقاط الأنظمة غير المرغوب فيها، والتي ترى فيها عائقاً أمام تحقيق مصالحها.
وخبث سياسة واشنطن تبدو في تجاهل أسس التسوية السلمية العادلة للصراع العربي الإسرائيلي، وفي الإصرار على التدخلات الخارجية في شئون الدول، ونشر القواعد العسكرية في مناطق مختلفة من العالم، وخلق أجواء من عدم الاستقرار، وتهديد السلم والأمن الدوليين، والتسبب في تصاعد حدة التوتر في العلاقات الدولية.
وتعمل الولايات المتحدة على أن يكون المشهد العام على الساحة الدولية مزيج من الحروب والصراع الطائفي، مبدية استعدادها على دعم الجماعات المتطرفة بالسلاح والمال، ورفع قدراتها على العنف والتدمير، خاصة في المناطق التي تخدم النفوذ الأمريكي.
وما الانتقادات التي تروج لها واشنطن للتحرك الروسي، لوقف انهيار الدولة السورية ومكافحة الجماعات الإرهابية ورفض الحوار المباشر لتسوية الأزمة والتعاون لمكافحة التطرف والعنف، إلا جزءاً من خبث صانع القرار الأمريكي المتمسك باستراتيجية الفوضى والإرهاب في سوريا، ولا تسعى لإنقاذ الشعب السوري من سيف الإرهابيين المسلط على حضارته وثقافته وهويته العربية.
