كلينتون حصلت على عدد المندوبين اللازم لترشيح الحزب "الديمقراطي"، 2383 مندوباً، بعد فوزها على منافسها بيرني ساندرز، في ولاية نيوجيرسي، وكانت كلينتون قد ترشحت للمرة الأولى في الانتخابات التمهيدية عام 2008 وخسرت فيها أمام أوباما. وحين فاز الأخير في الانتخابات الرئاسية على منافسه، مرشح الحزب "الجمهوري" جون ماكين، رفعت العديد من المانشيتات وصفت الانتخابات بأنها كانت "مصدر إلهام"، لأنها المرّة في تاريخ الولايات المتحدة التي يكون فيها مرشح من أصول أفريقية في السباق الانتخابي الرئاسي. واليوم ترفع مانشيتات مشابهة، تركّز هذه المرّة على دخول امرأة إلى حلبة المنافسة، وتمتعها بفرصة كبيرة للفوز على خصمها المرشح الحزب "الجمهوري" دونالد ترامب.
الرئيس باراك أوباما على وشك إنهاء ولايتين رئاسيتين له، وبعد ما يقارب ثماني سنوات قضاها في البيت الأبيض بدأ يجمع أوراقه وأغراضه الشخصية لمغادرته، دون أن يترك وراءه تغييراً كبيراً في النظام السياسي الأميركي، أو في آليات صنع القرار في واشنطن، فكل ما تم الترويج له حول دخول النظام السياسي والاجتماعي الأميركي "عصر ما بعد التمييز العنصري" ثبت بأنه غير صحيح، فالاعتداءات بدوافع عنصرية، ضد السود والأقليات الأخرى، بقيت على حالها وشهدت
ولم يتحقق شيء من غالبية وعود الرئيس أوباما، بخصوص القيام بإصلاحات هيكلية لمعالجة هذه المعضلة، بل ذهبت الوعود أدراج الرياح، وكانت الذريعة في عدم الوفاء بها الضغوط التي فرضتها معالجات الأزمة الاقتصادية التي ورثتها إدارة أوباما عن إدارة بوش الابن. وعلى الصعيد السياسة الخارجية اكتفت إدارة أوباما بالعمل على إغلاق ملف الحربين على العراق وأفغانستان، اللتين شنتهما إدارة بوش الابن، إلا أن إدارة أوباما لم تعمل على فتح صفحة جديدة في العلاقات الدولية، تقوم على التعاون البناء والابتعاد عن التلويح بالقوة واستخدام أساليب الهيمنة. وبالمحصلة التغييرات بقيت شكلية، سواء على المستوى الداخلي الأميركي أو على المستوى الخارجي.
هيلاري كلينتون أهدت فوزها للنساء الأميركيات وللرجال الذين ساندوها، وتعهدت بالعمل على تحقيق "العدالة الاقتصادية وتعزيز المشاركة السياسية وتمكين المرأة وخلق الجسور للتواصل وليس إحداث فرقة".. شعار بثلاثة رؤوس من المشكوك به أن تقدر على تنفيذه، ولا حتى تنفيذ جزء منه على نحو كاف. فتعزيز المشاركة السياسية يتطلب إعادة هيكلة النظام السياسي الأميركي، وتمكين النساء في الولايات المتحدة يستدعي ثورة في الهيكلية الاقتصادية، وخلق الجسور للتواصل يلزمه استراتيجيات وسياسات خارجية أميركية مغايرة للموروث العدواني الأميركي، وهو ما لا نجده في برنامج الانتخابي لهيلاري كلينتون.
ولن يعني فوز هيلاري كلينتون، بترشيح حزب رئيسي في الانتخابات الرئيسية، أن التغيير قادم، لأنه لا يمكن التعويل على فوزها بإمكانية التأثير جوهرياً على آليات صنع القرار في واشنطن، فما دامت عيوب النظام السياسي الأميركي على حالها مهما كانت الفوارق بين المرشحين ستبقى اليد العليا في صنع القرار لمراكز قوى بعينها، تتلاعب بالانتخابات، وبسياسات البيت الأبيض.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)