تطرق لافروف في كلمته التي ألقاها باسم روسيا يوم 23 سبتمبر/أيلول الحالي، إلى كافة القضايا التي يمكن أن تؤثر على منظومة العلاقات الدولية، وضرورة التغلب على التحديات المشتركة، وعدم استخدام الإرهاب آلية لتحقيق مصالح جيوسياسية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول صاحبة السيادة، والتأكيد على مبدأ الاحترام المتبادل والمساوة بين الدول في إطار عالم متعدد الأقطاب.
مبادرة بوتين للاستقرار
ولفت لافروف إلى أن حلف شمال الأطلسي جعل من نظام مراقبة الأسلحة الاستراتيجية في أوروبا آلية غير فعالة، وجميع الأفكار يمكن أن تكون فعالة عندما يدرك الحلف عدم جدوى التحركات أحادية الجانب، مؤكدا استعداد روسيا للحوار المفتوح في إطار اتفاقية الأمن الجماعي.
ولفت إلى أهمية العمل المشترك على تحقيق الأمن في مناطق أخرى مثل آسيا والمحيط الهادئ، وضرورة وضع حد لانتهاكات كوريا الشمالية للقانون الدولي، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنه لا يجب أن تستخدم هذه الانتهاكات ذريعة لوضع منظومة الدفاع الأمريكية في شبه الجزيرة الكورية.
كما دعا لافروف كافة الأطراف للابتعاد عن التصعيد، وإعاقة العمل لاستئناف المفاوضات، وأن موسكو ستواصل جهودها في إطار القمم الآسيوية للاتفاق على منظومة أمنية متساوية لكافة الأطراف.
الدول الإقليمية متوافقة على مبادرة الرئيس بوتين بإقامة "الشراكة الأوروآسيوية الكبرى"، والتي تستهدف العمل في إطار موسع يضم الدول الأعضاء في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، ومنظمة آسيان، ورابطة الدول المستقلة، وهي منفتحة على الجميع، كما أنها تعمل في إطار قيم منظمة التجارة العالمية، بعيدا عن سياسات التكتلات أحادية الجانب، وتتوافق مع تأسيس الخطوط المشتركة لروسيا والاتحاد الأوروبي في مجالات الأمن والمساعدات الإنسانية.
الشرق الأوسط في قلب الحدث
شعور بعض القوى بالتفوق الممزوج بالغطرسة يضر كثيرا بمبدأ المساواة في العلاقات الدولية، وقد ظهر هذا جليا في الأحداث التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فضلا عن تخريب أسس الاستقرار العالمي بأكمله.
والمساحة التي شغلتها منطقة الشرق الأوسط خصوصا الأزمة السورية، في بيان روسيا أمام الدورة 71 للجمعية العامة للأمم المتحدة، تعكس حجم تمسك موسكو بضرورة الحل السياسي والتأكيد على أن الحل يبدأ بالقضاء على الجماعات الإرهابية، وأن تقرير مستقبل سوريا بيد السوريين أنفسهم، من خلال الحوار ومشاركة جميع الطوائف.
تأجيل استئناف المفاوضات حول سوريا يجب أن يكون غير مشروط وفق قرار مجلس الأمن 2254 وأن محاولات المعارضة الخارجية للتأجيل تنعكس سلبا على محاولات التسوية.
استجابة روسيا لطلب الحكومة الشرعية ساهمت بشكل كبير في الحيلولة دون انهيار مؤسسات الدولة تحت ضغط الجماعات الإرهابية. هناك محاولات تخريب الاتفاقيات التي يمكن أن تساهم في تسوية الأزمة، وأن الفصل بين المعارضة المعتدلة والجماعات الإرهابية بات ملحا، والمسؤولية في هذا تقع على واشنطن وحلفائها. وأن محاولة حماية الإرهابيين تمثل خرقا لقرار مجلس الأمن.
مكافحة الإرهاب تتطلب التخلي عن سياسة ازدواجية المعايير، وتشكيل جبهة واسعة للقضاء على الإرهاب. المآسي التي تحدث في اليمن والعراق وليبيا وسوريا تتطلب وقف محاولات استغلال الإرهابيين للترويج للطموحات الجيوسياسية.
وبينما جدد رئيس الدبلوماسية الروسية الموقف من دعم إخلاء منطقة الشرق الأوسط من السلاح النووي، انتقد بشدة محاولات البعض عرقلة استئناف مفاوضات إخلاء المنطقة من السلاح النووي، مشيراً إلى أن "شعار الصفر النووي" لا يأخذ في الاعتبار امتلاك عدد من الدول لترسانات نووية وهي لا تشارك في معاهدة عدم الانتشار.
ولفت إلى ضرورة الانتباه إلى كافة العوامل التي يمكن أن تؤثر على الاستقرار الاستراتيجي بما في ذلك المنظومات الخاصة بالدرع الصاروخي ووضع أسلحة غير نووية واستراتيجية ونشر الأسلحة في الفضاء وعدم القدرة على منع التجارب النووية في العالم.
الخلاصة
روسيا أكدت أنه لا مكان للهيمنة في المستقبل وعلينا أن نتعلم احترام مصالح الشركاء والتعددية العالمية والعودة إلى مبادئ ومواثيق هيئة الأمم المتحدة التي تم تأسيسها بغية الحيلولة دون نشوب الحروب، والعمل على تطوير العلاقات الدولية، في مختلف المجالات بداية من الدفاع عن البيئة وتسوية النزاعات وحفظ السلام ومراقبة تأمين حقوق الإنسان والتنمية المستدامة ومكافحة تجارة المخدرات والفساد والمساهمة في التقدم التكنولوجي، وتعزيز حوار الحضارات والثقافات. الحديث يدور عن الحفاظ على البشرية بتنوعاتها الطائفية، وهو هدف يجب أن يكون مشتركا لكافة أطراف المجتمع الدولي.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)