وبينما يروج الغرب إلى أن الأسباب الجذرية للإرهاب تتمثل في تدهور الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، وعدم الرضا نتيجة للسياسات القمعية التي تتبعها حكومات دول منطقة الشرق الأوسط تعد السبب الرئيسي لانتشار التطرف وتجنيد الإرهابيين، في حين يرى البعض الآخر أن هذه المقولة تفتقد إلى المصداقية في ظل اتساع نطاق العناصر المتطرفة التي أصبحت تنتمي إلى دول غربية متقدمة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا.
نهج مصري في مكافحة الإرهاب:
وأضاف خلال مقال منشور على مدونة وزارة الخارجية المصرية، أن هناك فهم خاطئ لاستراتيجية مصر لمكافحة الإرهاب، من خلال التركيز على تداعيات الرؤية المصرية تجاه الإرهاب على المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، موضحا الاختلافات الكبيرة بين النهجين الأمريكي والمصري فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب.
وأوضح أن النهج المصري يركز على الأبعاد الأيديولوجية والأمنية وكذا الاقتصادية والاجتماعية معا في وقت واحد، فضلا عن مواجهة التطرف بكافة أشكاله ومظاهره، بما يعكس رؤية شاملة لمواجهة التهديد المتنامي لتلك الظاهرة.
طوفان المقاتلين الأجانب وشبكات التجنيد في الغرب
وشدد على أن هذا الواقع يكّذب النظرية القائلة بأن السياسات الحكومية في الشرق الأوسط هي التي تؤدي إلى تفاقم التطرف وتنامي التهديدات الإرهابية ومن ثم تصديرها للغرب. فإذا كانت الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية السائدة في الشرق الأوسط هي التي هيأت أرضا خصبة للتطرف وفقا لمزاعم أنصار هذه النظرية، فإننا لم نكن لنشهد طوفان المقاتلين الأجانب القادمين من الخارج — بما في ذلك من الدول الغربية — إلى منطقة الشرق الأوسط، أو شبكات تجنيد الإرهابيين التي تعمل وتنمو بشكل مستقل في الغرب ـ حيث تغيب مثل هذه السياسات والظروف ـ ولكن تظل للأسف هذه هي الحقائق التي لا يمكن تجاهلها أو رفضها. ومن ثم يجب أن تُفهم الأسباب الجذرية للإرهاب بعيدا عن الغضب البسيط أو عدم الرضا عن أداء أي حكومة هنا أو هناك.
سبل مواجهة الإرهاب
وأشار الدبلوماسي المصري إلى أنه في بعض المراحل التاريخية، شاهدنا دولا وحكومات تحاول استغلال المتطرفين والجماعات الإرهابية لتحقيق مكاسب في إطار صراعات أكبر، مما أدى إلى عواقب وخيمة على المدى الطويل، حيث أن هذه الجماعات خرجت تماما عن نطاق التحكم والسيطرة لتزرع الفوضى.
وأضاف "للأسف، مازلنا نشهد اليوم زيادة في قدرة الجماعات الإرهابية في الحصول على أسلحة متطورة، والوصول إلى الأموال الوفيرة، والتحرك بحرية عبر الحدود، وهذا يشير بوضوح إلى أن هناك بعض الكيانات التي تعمل على تسهيل عمليات هذه الجماعات، وتكرار نفس الخطأ الكارثي. يجب علينا أن نكون حازمين في مواجهتنا ضد هذه الجماعات الإرهابية، ورفض وجودهم من حيث المبدأ، بدلا من السماح لأي اعتبارات سياسية ضيقة الأفق بأن تقف عائقا في هذا الطريق".
وذكر أن مصر تعتمد على الرفض القاطع لكل الجماعات المتطرفة وأفكارها، ومحاربة جهودهم عن طريق نشر وتعميم الأفكار المعتدلة للإسلام الحقيقي. وجهود مصر في هذا الصدد "تعتمد على المؤسسات الدينية الموقرة مثل الأزهر ودار الإفتاء، الذين يعملون في شراكة مع المجتمعات والأصوات المعتدلة في جميع أنحاء العالم للتشكيك في الأساس المنطقي والديني للفكر المتطرف، وتعزيز قيم التسامح والسلام".
وتابع المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، بالتوازي مع الجهود المبذولة لمكافحة الفكر المتطرف والأيديولوجية الراديكالية، يؤكد نهج مصر في مكافحة الإرهاب على أهمية التدخل العسكري المناسب ضد المسلحين الذين يشكلون مظهرا من مظاهر هذه العقيدة، حيث يقوم الجيش المصري بعمليات مكثفة لمحاربة الإرهاب، كما تدرك مصر أهمية المواجهة العسكرية الحازمة لمنع التوسع الإقليمي من قبل الإرهابيين وحماية المدنيين من أعمال العنف الوحشية التي يرتكبونها. وللتأكد من فعالية هذه العمليات، تتعاون مصر عن كثب مع شركائها الدوليين.
تقرير أشرف كمال