وفضحت وثائق عثرت عليها القوات العراقية في عمليات تحرير نينوى ومركزها الموصل من قبضة "داعش" الإرهابي، وحصلت مراسلة "سبوتنيك" عليها من مصدر أمني، تقاسم قادة وعناصر من تنظيم "داعش" الكنز الأسود ومشتقاته بعد نهبه من باطن الأراضي العراقية والسورية.
وتبين الوثائق التي وجدت في أحد مقرات تنظيم "داعش" في سهل نينوى الذي حررته القوات العراقية، الشهر الماضي، من سيطرة التنظيم، أختاماً وأوامر تجهيز العناصر والقادة الدواعش بمادتي البنزين بنوعيه العادي، والأحمر الذي كان يتم نقله من الأراضي السورية، وزيت الغاز المعروفة بالكاز.
ومثلما واضح من إحدى الوثائق التي تنفرد "سبوتنيك" بنشرها، أن تنظيم "داعش" حدد حصص من البنزين والكاز لعناصره تراوحت ما بين 75-20 لترا، وفي أغلبها يتكرر اسم "أبو راما" وهو المسؤول عن تزويد الداعشيين بهاتين المادتين المشتقتين من النفط الخام الذي كان يسرقه التنظيم من آبار ناحية القيارة الأغنى نفطياً في جنوب الموصل قبل أن تحررها القوات في آب/أغسطس الماضي.
وأفادت مصادر محلية من الموصل لمراسلتنا، بأن مادة البنزين الأحمر التي كان تنظيم "داعش" يأتي بها من الأراضي السورية الواقعة تحت سيطرته لاسيما من الرقة التي يتخذها عاصمة لخلافته المزعومة، انقطعت عن الموصل ولم تعد تتوفر فيها رغم أنها الأسوء جودة من بين المشتقات، بسبب قطع خطوط الإمداد بين نينوى وسوريا بتقدم القوات العراقية.
وحسب المصادر التي تحفظت عن ذكر أسمائها، إن أسعار المشتقات النفطية ارتفعت في الساحل الأيمن الذي مازال تحت سيطرة تنظيم "داعش" في الموصل، بشكل جنوني وخيالي كالآتي:
سعر اللتر الواحد من البنزين بنوعية رديئة جداً وبراحة كريهة أشبه بالكاز والعفن، لونه أبيض يكرره تنظيم "داعش" محليا، بلغ 5 آلاف دينار عراقي بما يعادل 4 دولارات.
و"صفيحة سعة 20 لتر" أي "جلكان" مثلما يتم تسميتها باللهجة العراقية، من مادة الكاز، صار سعرها 100 ألف دينار عراقي ما يعادل تقريبا نحو 90 دولارا أمريكيا.
وبرميل النفط الواحد، بلغ سعره في الساحل الأيمن من الموصل، 750 ألف دينار عراقي ما يعادل نحو 600 دولار أمريكي وهو سعر تحطيمي للأرقام القياسية في بيع النفط الخام الذي وصل سعره العالمي إلى أكثر من 50 دولار حاليا.
وارتفع سعر أسطوانة الغاز "الغاز السائل" الخاص بالاستخدام المنزلي "لصنع الخبز والطبخ"، إلى 250 ألف دينار عراقي، وبنوعية رديئة أيضا.
ونتيجة ارتفاع أسعار المشتقات النفطية في الموصل التي تشهد حصارا من تنظيم "داعش" على المدنيين المرتهنين تحت يده كدروع بشرية منذ منتصف عام 2014، وحتى الآن، تدهورت الحياة بشكل أدهى وأتعس، لدرجة أن سعر سيارة الأجرة لمسافة خمس دقائق بلغت (6000) دينار ما يعادل خمسة دولارات.
ولشحة وغلاء الكاز الذي لا تستهلك مولدات الكهرباء الأهلية غيره، أصبح تشغيل الكهرباء الأهلية في الساحل الأيمن يقتصر من الخامسة عصرا حتى التاسعة ليلاً، وفي بعض المناطق من السادسة وحتى التاسعة أيضا، أي لمدة ثلاث ساعات فقط.
ويعاني الناس في الموصل التي دمر تنظيم "داعش" ملامح التاريخ والحياة فيها، الخلاص من التنظيم والنجاة بإنقاذهم على يد القوات العراقية التي استطاعت أن تنقل عشرات الآلاف من المدنيين إلى بر الأمن باستعادة مدنهم في الساحل الأيسر من المدينة ومساحات واسعة من محيط نينوى شمالي بغداد في معركة انطلقت منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وبتقدم مستمر حتى اللحظة.