توافد الرجال
كان المكان يبدو كأنه في عيد دائم، فلا يتوقف توافد الرجال الذين يصلون إلى مكان تدريب قوات الاحتياط، قبل التحاقها في صفوف الجيش العربي السوري، ويتم منح المقاتل الكساء والطعام، ومن بين الملتحقين القادمين من جميع المحافظات، طلبة معاهد وجامعيون وفلاحون وحرفيون ومن كل صنف.
والذي يجعل هؤلاء المقاتلين الشجعان مختلفين كل الاختلاف عن الجيوش النظامية هو أنهم أتوا من تلقاء أنفسهم تاركين بيوتهم ومبتعدين عن عائلاتهم ليخوضوا المعارك ضد الإرهاب التكفيري، إضافة إلى المحافظة على الأماكن والبقع الجغرافية التي تحررها قوات المشاة في الجيش العربي السوري والقوات الرديفة له.
أحاديث وشعارات
وقبل تسلل أشعة الشمس الصباحية يستعد المقاتلون لبدء التدريب، حيث يخضع الرجال لدورة تأهيل قصيرة المدة، ليتم نقلهم بعدها إلى المدن والأرياف التي تحتاج إلى وجود قوات، وكانت تكفي إطلاق كلمة "انتبه" من قبل المدرب، حتى تدوي صيحات تحيي قائد بلادهم مع الشعارات الوطنية التي يطلقها المقاتلون، الذين ينطلقون في صفوف منتظمة إلى الساحة، وكان الكلام الصباحي الموجه إلى المقاتلين يلهب حماسهم، كما تفعل شرارة في كومة من العشب اليابس، بينما يجلس الجميع في أوقات الاستراحة على شكل حلقات لتبادل الأحاديث عن عمل كل واحد منهم ومن أي منطقة أتى منها، في حين يستمع البعض بصمت واهتمام للأخبار المحلية الميدانية، من الراديو الصغير لمعرفة انتصارات الجيش العربي السوري و إلى أين وصل في تقدمه.
ذكرى وكلمات
أما الجو الذي يخيم على مكان التدريب يكاد يكون أربعة فصول في يوم واحد، في النهار شمس حادة بينما تداعب الرياح الباردة القارصة في الليل أوراق الشجر المتبقية على الأغصان المائلة على جهة واحدة.
ولم يتردد رائد الشاب الثلاثيني من محافظة دمشق في الالتحاق إلى أحد مراكز التدريب، كما تحدث لـ"سبوتنيك" من أجل الاستعداد والمشاركة في معارك الشرف ضد الإرهاب الذي يستهدف بلاده سوريا.
أما الشاب محمد من محافظة درعا بيّن لـ"سبوتنيك" أنه ما إن يبدأ بالغناء الشعبي حتى يتفاعل معه الشباب الآخرون، الذين كانوا قبل بدء الغناء في حالة شرود مع عائلاتهم وأهاليهم، في حين كان البعض يسير ببطء في فناء الساحة يتكلم مع أهل أو صديق أو حبيبة تنتظره، ويخبرهم عما حصل معه في ذلك اليوم.
وأشار سامر من محافظة اللاذقية إلى أن التحاقه بمركز التدريب يهدف استعادة مهارات الرماية، ومن ثم الالتحاق في صفوف الجيش العربي السوري للتصدي وقتال الإرهابيين، الذين قاموا بتهجير الأهالي وتدمير منازلهم.
وقبل مغادرة الشباب مكان التدريب إلى أحدى المناطق، يقوم البعض بتدوين الذكرى على جدار المبنى الاسم والمحافظة أو القرية التي أتى منها وكلمات أخرى تتوعد الإرهابيين.
تقرير فداء شاهين