وأثناء رحلة الموت الطويلة التي خاضتها العائلة للخروج من تحت سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي في المنطقة الشمالية، تعرضوا للبرد الشديد فلم يكن أمامهم سوى إشعال النار من أجل التدفئة إلا أن عمر أصيب بحرق كبير في قدمه.
مسؤول التواصل والتقارير في منظمة قرى الأطفال SOS أحمد مربية تحدث لـ "سبوتنيك"، أنه تم نقل الطفل عمر مباشرة إلى مركز sos في منطقة جبرين حيث قدم الفريق الطبي المختص بتقديم العلاج بشكل عاجل للطفل، وبدأ بالتحسن تدريجياً إلا أن الإصابة أثرت على نفسيته وسببت له الاكتئاب والحزن الشديدين، وامتنع عن التواصل مع المحيط وحتى مع أخوته، ليتم إدخال الطفل عمر بعد ذلك إلى مركز صديق الطفل للمنظمة في منطقة جبرين، ليتم دمجه وتشجيعه للذهاب إلى مدرسة وعاد إلى طبيعته، علماً أن عمر ليس الوحيد حيث توجد حالات إنسانية كثيرة ومتعددة وصلت إلى المنطقة.
ترميم نفسي ومدرسي
وبين مربية أن المنطقة الشرقية في حلب شهدت عودة كبيرة للأهالي وهذا يتطلب تأمين الاحتياجات لهم من خلال تكاتف جميع الجهود المحلية والمنظمات الدولية لتلبية الجزء الأكبر من هذه الاحتياجات، حيث تساهم SOS في الجانب الإنساني بإعادة بناء الطفل السوري الذي خسر جزءا كبيرا من طفولته خلال سنوات الحرب الستة، وهذه المعاناة تحتاج إلى ترميم نفسي، علماً أن التعليم هو المحور الأساسي الذي سيتم التركيز عليه في المرحلة المقبلة بالتعاون مع وزارة التربية السورية، والمنظمات الدولية والأمم المتحدة، كما ستعيد المنظمة بناء مدرستين في شرقي حلب استخدمتهم المجموعات المسلحة كسجون لتعذيب المدنيين مع الطموح لترميم 12 مدرسة في شرقي حلب.
وبدأ اهتمام المنظمة بالمدارس بحسب مربية منذ شهر آب/أغسطس 2016، وتم إنشاء مدرسة في منطقة جبرين، التي تضم أكثر من 3 آلاف عائلة مهجرة وتقدم خدمات التعليم لـ 700 طفل سوري، وبعضهم انقطع فترة طويلة عن المدارس يتم ترميم النقص للأطفال المنقطعين من خلال المنهاج "ب " الذي أنجزته وزارة التربية السورية.
خزانات وآبار
ومع أن ضخ المياه عاد إلى حلب، إلا أنه توجد معاناة كبيرة، كون تمديدات المياه مخربة بالكامل حيث يتم تركيز المنظمة بشكل كبير على جانب المياه، وتمت زيادة عدد الخزانات بناء على مطلب الأهالي وتم توزيع 16 خزانا ثابتا في منطقة الشعار، سعة كل واحد 5 آلاف لتر، يتم تعبئتها مرتين أو ثلاث مرات يومياً وتخدم 9 آلاف شخص، إلا أن احتياجات المنطقة تتطلب وجود 50 خزانا، في ظل العدد الكبير للأهالي حيث سيتم الاستمرار في تركيب الخزانات ريثما تعاد شبكات المياه إلى طبيعتها.
وأشار مربية إلى وجود بئر خاص بالمنظمة تم تأسيسه في عام 2014 في حي المارتيني، وتم تمديد لـ أكثر من 100 شقة بحيث تصلهم المياه يومياً، مع وجود بعض الصهاريج الصغيرة التي تنقل المياه لتخديم العائلات البعيدة وتم تخديم 70 ألف عائلة بالمياه من بئر sos في الوقت الذي يتم تأهيل بئر جديد لسد جزء من الاحتياجات الكبيرة في المنطقة، علماً أنه تم التوزيع في الفترة الأخيرة 2500 سلة شتوية تحوي أكياس نوم وحرامات ومخدات وألبسة شتوية وصوفية داخلية، إضافة إلى أنه يتم حالياً توزيع 12 ألف و500 سلة غذائية، و12 ألف و500 سلة صحية، إضافة إلى أنه تم إنشاء مطبخ بالتعاون مع دير مار يعقوب، يقدم وجبات طعام يومية لـ 22 ألف فرد يومياً في منطقة جبرين مع توزيع سلة فواكه لكل عائلة.
عمليات قلبية ومشورة
ولفت مربية إلى تقديم الخدمات الصحية في ظل وجود فريق طبي متكامل يضم أطباء أطفال ونسائية ومعالجين، وفريق آخر متنقل يقدم المشورة الصحية والدواء مجاناً، وكذلك التوعية الصحية للعائلات في مواضيع مختلفة لاسيما التي تتعلق بالحمل والرضاعة والتعقيم و تنظيم الأسرة، وشملت جلسات التوعية 2500 أم، إضافة إلى 2400 أم وطفل تلقوا خدمات الرعاية الطبية.
وأكد مربية أنه لا يوجد سقف لكلفة العمليات وتم إجراء 137 عملية جراحية نوعية أغلبها قلبية في دمشق وحلب، حيث تم إجراء عملية قلبية للطفلة سارا عمرها 8 سنوات فعندما كانت تركض يصبح لون وجهها أزرق كون قلبها لا يحتمل وبعد العملية عادت سارا إلى طبيعتها و ذهبت إلى المدرسة.
صديق الطفل
وأوضح مربية أنه تم افتتاح مراكز صديقة للطفل، وأخرى للرعاية في محافظة طرطوس هدفها تخديم 540 طفلا فقدوا الرعاية الأسرية، من خلال استضافتهم مع المربين المتخصصين في المنظمة، وبعدها تبدأ عملية البحث عن أهل كل طفل، وتدريب الأهل على المشاريع الصغيرة ومنح القرض المتناهية في الصغر.
وأشار مربية إلى أن عدد الأطفال في مراكز الرعاية المؤقتة في سوريا يبلغ 250 طفلا من أصل 600 طفل تم تخديمهم وإعادتهم إلى ذويهم عن طريق لم الشمل وتمكينهم مع أسرهم، إضافة إلى تخديم 600 طفل في مركز صديق الطفل في معسكر الطلائع بطرطوس، في الجوانب الترفيهية والمعالجة والدعم النفسي والاجتماعي، لإعادة دمج الطفل مع المجتمع، وإخضاع 125 طفلا لمنهاج التعلم الذاتي والمنظمة مستمرة في استقبال الأطفال.
