يأتي هذا في الوقت الذي يتخوف فيه البعض من مرحلة ما بعد تحرير الموصل ومستقبل العراق الواحد بعد ذلك، في ظل غياب خطة واضحة للحكومة العراقية في معالجة الأزمات التي قد تحدث بعد استكمال عمليات التحرير.
وفي ذلك يقول الدكتور واثق الهاشمي رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية لوكالة "سبوتنيك": "أعتقد أن السيد المالكي ببيانه الذي حذر فيه من وجود تهديدات تهدد وحدة العراق قصد فيه الشركاء السياسيين، الذين لم يرسلوا رسائل مطمئنة، وتحديدا من قبل السيد مسعود البارزاني في قضية رفع العلم الكردي في كركوك، إلا أنه وعلى المستوى الدولي، فإن التحالف الدولي والسيد ترامب أبلغوا العبادي بأنهم مع عراق واحد، وكذلك الإدارة الروسية المتمثلة بالرئيس بوتين أيضا مع عراق موحد، والاتحاد الأوروبي أبلغ السيد العبادي كما أبلغ السيد البارزاني أنه مع عراق قوي موحد، لكن يبدو أن الطبقة السياسية العراقية لاتزال تغرد خارج السرب، بسبب القصور في الرؤية، فلا يمكن تصور طبقة سياسية صغيرة أن تصطدم بمصالح ورؤى دول كبرى، كما أنهم يهيئون بهذا المطلب بأخذ حصتهم لمرحلة ما بعد تحرير الموصل، لكن بطريقة سلبية تعتمد على مبدأ تغيير ديموغرافية السكان وموضوع الأقاليم وغيرها من المواضيع التي لا تخدم المواطن العراقي، سواء كان في الإقليم أو غير الإقليم".
وأضاف الهاشمي "الموضوع الكردي بعيد كل البعد عن الدولة الكردية، مع أنه حق، لكن لا توجد له مقومات، فالصراع موجود مع السيد البارزاني المتمسك بالسلطة، كما أن رغبة السليمانية تختلف عن رغبة أربيل، إضافة إلى أن كل الأحزاب الكردية ضد السيد البارزاني، فالأخير يرغب بدولة كردية تضم أكراد العراق وإيران وسوريا وتركيا، فكيف يحمل هذا المشروع وهو قام بضرب الأكراد السوريين، لذلك فإن المقومات غير موجودة، والدول التي يوجد فيها أكراد كـسوريا وإيران وتركيا لا تقبل بهكذا دولة، بل حتى الدول الكبرى لا ترغب بها".
أما الدكتور مزهر الساعدي رئيس مؤسسة مدارك للبحوث والدراسات، فقد قال لوكالة "سبوتنيك" عن هذا الموضوع "مشاريع تقسيم العراق ليست بجديدة والمناداة بها ليست بجديدة، فمنذ عام 2003 ولغاية يومنا هذا كان البعض يقول إنه ليست هناك هوية وطنية واحدة يتوحد عليها الجميع، لكن كان هناك ضاغط مجتمعي ودولي هو الذي جعل العراق دولة واحدة، لاسيما بعد الغزو الأمريكي للعراق، فالعراق دولة مفككة لا يمكن القول إنها دولة مؤسسات، فالجامع الذي كان يوحد الشعب العراقي هو جامع قمعي ودكتاتوري، أما الآن فقد انفتحت هذه الآفاق وانفتحت جميع المسائل على الإعلام وصار لها مواسم يتغنى فيها أصحابها كلما تسنى لهم ذلك، وأنا بتقديري الشخصي أقول إن العراق بما هو عليه الآن وبما فيه من مكونات شيعية وسنية وكردية لن يتغير فيه شيء طالما أن المتغير الدولي هو لازال ثابت كما هو، فالكرد كانوا أكثر الناس مطالبين بالانفصال، إلا أن واقع الحال أثبت أن الكرد ايضا أنفسهم قد تفتتوا، وأن الوحدة الكردية المطالبة بالاستقلال أيضا قد تفتت، من هنا نجد أن المطالبة بالانفصال هي مداعاة مطلبية وليست حقيقية، أي أنها تتعلق بأشياء حزبية وليست مجتمعية، كلما أخذوا هؤلاء المطالبين بالانفصال حصتهم من هذه القضية كلما كانوا أقرب إلى الهدوء، وهذا ما نراه دائما في التصريحات والإعلام، وأنا أقول إن المتغيرات التي سوف تحدث في العراق لن تجره إلى تقسيم على الإطلاق".
