وأضاف انه "من المتعارف عليه في العلوم الاستراتيجية ان المعارك الاهم هي التي نكسبها دون دفع كلفة عالية في الأرواح والأملاك وبالتالي نحن في التوصيف أمام مكاسب متعددة".
وقال: "إذا ما نظرنا الى جوهر الاتفاق عمليا لوجدنا ان هناك امتدادا جغرافيا كبيرا يبدأ من شمال حلب ويمر بريفيها الغربي والجنوبي وارياف ادلب الشرقية والجنوبية وصولا الى مدينة مورك وكامل امتداد ريف حماة الشمالي الى سهل الغاب وجسر الشغور..هذه المنطقة بعمق ما بين 15الى 20 كم تعني الاف الكيلومترات المربعة وبالتالي خروج الجماعات الإرهابية من هذه المنطقة وتسميتها منطقة منزوعة السلاح هو انجاز بحد ذاته وكان من الممكن ان تكلف الاف الشهداء لو قمنا بتنفيذ العملية العسكرية ".
وأوضح: "الأمر الاخر ان الطريق الدولي من الحدود السورية التركية حتى مدينة مورك سيكون ضمن نطاق المنطقة العازلة وبالتالي هذا يعني فتح الطريق من درعا الى الحدود السورية التركية شمالا وهو امر سيساهم مساهمة كبيرة في تقليص فترة المرور على هذا الطريق وبالتالي له فوائد اقتصادية كبيرة".
وتابع" أضف الى ذلك ان احد الاهداف المهمة بهذا الاتفاق كان التملص من ضربة اميركية محتملة بذريعة شن عملية عسكرية في ادلب وهو في الحقيقة مناورة سياسية ذكية من الجانب الروسي بشكل اساس مع الاشارة ان كل ما حصل بين اردوغان وبوتين بشكل اساسي كان بمعرفة الحكومة السورية وبالتالي يحقق اهدافا سورية بحتة"، مضيفا "بالعنوان الرئيسي ايضا هذا الاتفاق طالما انه لم يقدم تنازلات جوهرية ترتبط بالسيادة السورية وانما على العكس اتاح ولو بعد حين استعادة الجغرافيا السورية اقله حتى اللحظة بجهود دبلوماسية وسياسية.."
وقال معربوني: "حتى اللحظة نستطيع القول أن تنفيذ الاتفاق هو المفصل الذي يمكن من خلاله اختبار مصداقية الجانب التركي في هذا الاتجاه وبالتالي علينا الانتظار حتى العاشر من تشرين الاول/اكتوبر القادم لتحديد الاتجاهات التي يمكن ان تسلكها هذه الاتفاقية وما اذا كانت تركيا جادة وصادقة هذه المرة في تنفيذ المطلوب منها ام ان الامر يندرج ضمن المناورات المعهودة بالنسبة للاتراك."
واضاف معربوني ان "الممارسات التركية السابقة على مدى سبعة عشر شهرا منذ انطلاق لقاء استانا الاول وبعد تحرير الاحياء الشرقية من حلب..وتم جر تركيا الى استانا بعد تحقيق الهزيمة بجماعاتها الارهابية في الاحياء الشرقية حينها لم يكن بمقدور تركيا الا تقديم تنازل سياسي هام لكن هذا التنازل كان محدودا لم يثمر في تنفيذ اتفاقات استانا بالفصل بين الجماعات الارهابية وتلك التي يسميها الغرب وتركيا بالمعتدلة..".
ولفت معربوني إلى أن "الان الوضع مختلف تماما اذا لم يبق لدى الجيش السوري سوى منطقة ادلب لتحريرها وبالتالي حجم الحشد العسكري الذي قام به الجيش وطبيعة المتغيرات السياسية والعسكرية ادركت من خلالها تركيا ان المسألة باتت قريبة جدا باتجاه الحسم وبالتالي طلبت مهلة حصلت عليها عمليا ونتج عنها هذا الاتفاق الذي يجب على تركيا تنفيذه والا سنكون امام عمل عسكري حضر له الجيش السوري كل ما يجب تحضيره وبالتالي نحن الان امام الفرصة الاخيرة التي تمنح لتركيا للمساعدة في القضاء على المجموعات الارهابية ومخاطرها."
وعن الهجوم الأخير على اللاذقية وتسببت باسقاط طائرة روسية بصواريخ سورية عن طريق الخطأ قال معربوني إن "هناك محاولات مستمرة من اسرائيل واميركا والغرب بشكل عام لفرض قواعد اشتباك جديدة وتثبيتها لان من اهم الاهداف التي تحققت خلال محاربة الارهاب هي ربط الحدود السورية العراقية التي تعتبره اسرائيل تهديدا كبيرا بما يرتبط بالخلل الكبير الذي حصل في ميزان القوى الذي بدأ يميل بشكل متصاعد لمصلحة محور المقاومة ويهبط بشكل واضح ضد حلف الهجمة على سورية والمنطقة وبالتالي كل المحاولات الان بعد اسقاط ال اف 16 الاسرائيلية منذ مدة وبعد عملية الربط وتدمير 70 في المئة من الصواريخ الغربية والاميركية على سوريا نحن الان امام وضع مختلف تماما بتنا امام اشتباكات وليس ضربات وهذا بحد ذاته في المفاهيم والعلوم العسكرية يستدعي من الكيان الصهيوني المحاولات الجادة لاعادة تثبيت الهيبة الصهيونية التي تسقط يوما بعد يوم بشكل واضح".
وقال معربوني: "على هذا الاساس هذه الهجمات ستستمر في تقديري لكن الان بعد الحادث الذي حصل للطائرة الروسية روسيا حملت اسرائيل المسؤولية الكاملة عنه نظرا للخطة المحكمة التي دبرتها الطائرات الاسرائيلية خلال وجود الطائرة الروسية في الجو وبالتالي هذا خطأ تقني لكن هذا الخطأ التقني الذي حدث خلال دقيقة تقريبا تتحمل مسؤوليته اسرائيل بشكل واضح وهذا ماصرحت به روسيا وعلى هذا الاساس ماحصل اليوم سيساعد في تحصين المجال الجوي السوري الذي هو اصلا بلت محصنا منذ اكثر من سنة بالنظر الى ان الطائرات الاسرائيلية لم تخترق المجال الجوي السوري وهي تستخدم المجال الجوي اللبناني بشكل اساسي واجواء المياه الاقليمية كما حصل اول امس لاستهداف اهداف في الداخل السوري..".
واضاف معربوني: "على العموم نحن امام تطورات معقدة جدا..العلاقة بين الاتحاد الروسي واسرائيل لن تكون كما كانت في السابق وبالتالي هذا سيحد من العمليات الاسرائيلية بمواجهة سوريا بالنظر الى الموقف الروسي المستجد."
واوضح معربوني: "هذا سقف متحرك يرتبط بطبيعة حركة الطيران الاسرائيلي خاصة ان الكرملين قال بوضوح ان العمليات الجوية الاسرائيلية تشكل خرقا واضحا لسيادة الدولة السورية وعلى هذا الاساس بتنا امام تطور جذري صنعته الحماقة الاسرائيلية وهو ماسنعكس سلبا عليها وفاعلية طيرانها واسلحتها المختلفة.."
ورأى معربوني ان " اسرائيل تركز منذ فترة على استهداف مراكز البحث العلمي في سوريا بشكل اساسي وهو امر حصل منذ اليوم الاول للحرب التي انطلقت على سوريا..لم تتوانى اسرائيل عن استهداف العلماء وطياري الطائرات الحديثة وبالتالي هذا الخوف من تطور مجالات البحث العلمي والتصنيع الحربي في سوريا له اسباب تتعلق بميزان القوى الذي يبدو فيه خلل كبير لمصلحة محور المقاومة وبالتالي تعتقد اسرائيل انه من خلال استهداف هذه المنشآت الحيوية تحت ذريعة الوجود الايراني فيها..مع العلم ان سوريا تمتلك قاعدة وبنية اساسية للتصنيع الحربي حتى منذ ماقبل انطلاق الثورة الاسلامية في ايران وبالتالي اذا فعلا ما قاربنا هذه الذريعة بشكل واضح لكان الامر الاجدى والاولى ان تستهدف اسرائيل مواقع لحزب الله الذي يمتلك الاف الصواريخ بعيدة المدى والتي يتم تزويده بها عبر ايران وسوريا..لكن كل هذه الذرائع تندرج في باب قواعد الاشتباك التي يحاول الكيان الصهيوني اعادتها الى ما كانت عليه من خلال اثبات التفوق وبنفس الوقت ارسال رسالة الى الجبهة الداخلية الاسرائيلية تقول اننا قادرون على استهداف اهداف ايرانية وسورية بأي مكان وزمان نحدده."
وخلص معربوني الى القول: "بالتأكيد اذا لم تعمد روسيا باتجاه اجراءات قاسية تجاه اسرائيل كما جرى مع تركيا سنكون في مشهد غير لائق في روسيا هذه الدولة العظمى واعتقد انها ستقوم بمجموعة من الاجراءات التي تحد من فاعلية العمليات الاسرائيلية وهذا امر سيكون له انعكاسا ايجابيا على الواقع السوري وعلى المشهد في المنطقة بشكل عام وطبعا هناك اعتذارات اسرائيلية متعددة صدرت لكنها غير كافية واعتقد ان روسيا ستتجه الى اجراءات تحافظ على هيبتها وسمعتها الدولية."