مديرية "الأزارق" في محافظة الضالع، التي تعد أولى المحافظات التي تم إجلاء "الحوثيين" منها، ليست هي المنطقة الوحيدة في اليمن بعد الحرب، لكنها نموذج صارخ لمعاناة أطفال اليمن، وتوضيح بسيط لحجم القهر والظلم والمعاناة، في ظل مجتمع دولي لا يعترف سوى بمصالحه على حساب الآخرين.
كارثة مجتمعية
يقول بسام القاضي، مؤسس ورئيس مبادرة "إنقذوا أطفال أزارق" لـ "سبوتنيك"، ثمة كوارث مجتمعة تطوق الأزارق، المديرية الأفقر في البلاد، وتهدد بكارثة إنسانية كبيرة، فالمجاعة وسوء التغذية والكوليرا والضنك والحصبة والدفتريا، باتت اليوم أشباح تنهش سكان الأزارق، تحاصرهم وتقض مضاجعهم، والحكومة الشرعية في صمت مريب وعجيب، فالأزارق التي تجتاح مناطقها المجاعة ويفتك بأطفالها سوء التغذية، وتحاصر أهلها الأوبئة والأمراض القاتلة، تنتظر اليوم المبادرة من الجميع، لإنقاذ أهلها من كارثة إنسانية كبيرة.
المعاناة في صورة
وتابع القاضي، لا أحد يستطيع تصوير حجم المعاناة التي يعيشها سكان هذه المديرية، وفقدانهم لأبسط مقومات الحياة، فالوضع بشكل عام فيها صعب للغاية، وحدها صور أطفال المديرية تلخص ما تعانيه المنطقة من كوارث إنسانية مجتمعة.
وأشار رئيس مبادرة "أنقذوا أطفال الأزارق"، وحدها مديرية الأزارق، وخلال أقل من عام، تم تسجيل أكثر من 4 آلاف طفل لما دون سن الخامسة، مصابون بسوء التغذية، بينهم 1450 حالة إصابة بسوء التغذية الحاد، و2550 حالة إصابة بسوء التغذية المتوسط، تمت معالجة أكثر من 2000 طفل منهم، والبعض الآخر ما يزالون قيد الرعاية العلاجية، كما تم تسجيل 5 حالات وفاة خلال أقل من عام، فيما 11 حالة بسوء التغذية يوميا تسجل لأطفال الأزارق، دون سن الخامسة، 4 حالات منها سوء تغذية حاد، و7 حالات إصابة متوسطة، كما تم رصد حالة وفاة كل شهرين، وسجل متوسط الإصابة الشهرية لأطفال الأزارق بحالات سوء التغذية، 330 حالة إصابة بشكل عام، منها 120 حالة إصابة سوء تغذية حاد و210 حالة إصابة سوء تغذية متوسطة.
تضاعفت بسبب الحرب
المسؤولية الإنسانية
وتابع الأكاديمي بجامعة عدن، وفي ظل الأوضاع الحالية أصبحت تلك الرواتب لا تكفي، ولو جزء بسيط من متطلبات الأسرة، ويتحتم على التحالف العربي مسؤولية أخلاقية تجاه المناطق المحررة التي قدمت أبنائها في معارك التحرير ما بين "شهيد" وجريح، ومازالت تقدم، وقد طالبت السلطات المحلية "على حد علمي" السلطات الشرعية والتحالف العربي بتحمل مسؤوليتهم السياسية والإنسانية والقانونية تجاه الوضع الإنساني في المحافظات المحررة.
تدهور الأوضاع الصحية
وحول الوضع الصحي للأطفال، يقول الطبيب ماجد عواس منسق مبادرة "انقذوا أطفال الأزارق" لـ "سبوتنيك"، برزت مشاكل كبيرة بعد الحرب، وتوطنت الكثير من الأمراض بفعل الواقع على الأرض، منها "الكوليرا وسوء التغذية"، وتدهورت الأوضاع الصحية بصورة كبيرة، في الآونة الأخيرة، في الأزارق بمحافظة الضالع بشكل عام، نتيجة الفقر وارتفاع الأسعار وتدهور العملة اليمنية، وتواكب هذا مع نقص كبير جدا في الخدمات الصحية وعدم وجود مراكز صحية لتقديم خدمات الرعاية، والتي كانت أحد أسباب تدهور الوضع الصحي بالمديرية.
التشوهات الخلقية
وكان الدكتور محمد صالح المقرعي، مدير مكتب الصحة بـ الأزارق، قد قال في تصريحات سابقة لصحفية "الأيام اليمنية"، أن المديرية تعيش وضعا صحيا وإنسانيا معقدا، يوشك على الانفجار، وينذر بكارثة تهدد أطفال المديرية في حال عدم تدخل المنظمات الدولية والتحالف لإنقاذ الأزارق، بشكل عاجل، من ثلاثي الفقر والمرض والمجاعة، مناشدا المنظمات الدولية ومركز الملك سلمان والهلال الإماراتي والمؤسسات الخيرية وهيئات الأمم المتحدة، التدخل العاجل لإنقاذ أطفال الأزارق من كارثة إنسانية، وشبح المجاعة والأمراض القاتلة التي تفتك بالمديرية، مؤكدا أن الوضع في المديرية كارثي، وتفاقم الحالات المرضية تزداد يوما بعد آخر، نظرا للوضع الحالي الذي تعيشه المديرية من تدهور للأوضاع الاقتصادية، التي نمر بها وقلة الدخل على مستوى الفرد، وانعدام لأبسط مقومات الحياة.
رسالة الأهالي ننقلها إلى الشرعية والتحالف والمجلس الانتقالي، بأن يتداركوا تلك الكارثة الإنسانية ويرفعوا صخرة المعاناة من على كاهل أطفال، ولدوا في زمن الحرب، فاكتووا بنيرانها دون ذنب.
تقرير أحمد عبد الوهاب