وشهد مطلع يوليو/ تموز الجاري، الاجتماع الثالث للجنة العليا للانتخابات، لمناقشة آخر الاستعدادات المتعلقة بالعملية الانتخابية، بعد استحداث خاصية التسجيل الإلكتروني في السجل الانتخابي.
تلك الخاصية استفاد منها عدد كبير من المواطنين داخل وخارج عُمان، حيث قاموا بقيد أسمائهم إلكترونيا دون الحاجة للتوجه إلى مكاتب الولاة كما هو الحال في الفترات السابقة مع بقاء خدمة التسجيل الاعتيادي متاحة.
القيد الانتخابي
وكان القيد في السجل الانتخابي قد بدأ في نوفمبر 2018، ثم استقبال طلبات الترشح الإلكتروني في فبراير 2019 وصدور القرار الذي حدد قواعد ووسائل الدعاية الانتخابية واعتماد البرامج الإلكترونية التي سيتم استخدامها في الانتخابات، وتحديد عدد ممثلي الولايات في تلك الفترة بزيادة عضو لولاية لوى ليصبح العدد 86 مقعدا.
وفي يوم السابع من يوليو أعلنت وزارة الداخلية القوائم الأولية للمرشحين، وفي هذا الصدد قال سالم بن حميد الحجري المستشار بمكتب وزير الداخلية العماني، ورئيس لجنة الإعداد والتحضير للانتخابات إن "أجمالي المرشحين في هذه القوائم بلغ 767 بينهم 43 امرأة"، مشيراً إلى أن هناك فترة للاعتراض على الأسماء الواردة في القوائم وذلك خلال خمسة أيام من تاريخ إعلانها، بطلب يقدم عبر الموقع الالكتروني للانتخابات(elections.om) ، وبحسب المادة (38) من قانون انتخابات أعضاء مجلس الشورى".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك" بأن "هناك حرصًا دائمًا من الجهة المنظمة للانتخابات في كل فترة انتخابية تتسم بالتطوير والتحديث لمسايرة ما يشهده العالم من تسارع مطرد في كل المجالات، لإيجاد أحدث التقنيات الحديثة والتي من شأنها التسهيل على الناخبين الإدلاء بأصواتهم".
وأكد أنه قد تقرر في هذه الفترة تعميم التصويت الإلكتروني في كافة مراكز الانتخابات، وفقًا لاتفاقية وقعتها وزارة الداخلية مع شركة تكنولوجيا الإدارة الصناعية والمقاولات (أمتاك) لتصميم وتوريد وتركيب نظام و أجهزة التصويت الإلكتروني لانتخابات الفترة التاسعة، وذلك بديوان عام الوزارة".
ويتكون جهاز التصويت الإلكتروني الذي أطلق عليه اسم "صوتك" من شاشة تعمل بنظام اللمس، محددٌ فيها إجراءات وخطوات الانتخاب، ليقوم الناخب باختيار مرشحه من خلالها بكل سهولة ويسر، وقد تم مراعاة في تصميم شكل الجهاز وملاءمته لمختلف فئات الناخبين بمن فيهم كبار السن و ذوي الإعاقة.
استعدادات مبكرة
وتكتسب انتخابات مجلس الشورى للفترة الجديدة أهمية كبيرة كونها تتزامن مع الاستعدادات ليوم النهضة في الثالث والعشرين من يوليو الحالي، والعيد الوطني التاسع والأربعين في الثامن عشر من نوفمبر المقبل والذي يناهز مسيرة نصف قرن من تجربة سلطنة عُمان في الانتقال التدريجي من المجتمع القبلي العشائري إلى دولة مؤسسات عصرية حديثة.
ووفقاً للمتخصصين في الشأن العُماني، فإن النظام القبلي أو البناء القبلي سار جنبًا إلى جنب مع التيار المؤسسي الحديث، ولكن هذه الازدواجية المؤسسية لم تشكل عبئا سياسياً في السير نحو التحديث، فمكاتب الولاة ما زالت قائمة بدورها الحيوي ، وتعمل على خلق نوع من التوافق في المجتمع العُماني من خلال الدور الاجتماعي الذي تقوم به وحل مسائل الخلاف بشكل ودي بين الأطراف في الولاية؛ بالإضافة إلى دورها في متابعة المشروعات الخدمية والإنتاجية داخل البيئة المحلية ، أما البناء الحديث فقائم على المؤسسات والهياكل الرسمية وفق المنهج المتدرج وفق البناء المؤسسي الحديث الذي استوعب النظام القبلي، في إطار الرؤية العمانية الحديثة نحو مسايرة التطورات العالمية، وعدم التخلف عن ركب الدول المتقدمة.
محطات في مسيرة الشورى
تجسد انتخابات الفترة التاسعة (2019 ـ 2023) المقبلة ـ ضمن تطورها الطبيعي ـ مخزونا للقيم في التشريع والممارسة لتحقيق قيم التحديث عبر مراحل متتالية مع الحفاظ على الخصوصية التاريخية والاجتماعية للواقع العماني والأخذ بأسلوب التطور التدريجي البعيد عن النظريات والثقافات والأطروحات التي لا تتناسب مع الثقافة الشوروية العمانية.
مرت مسيرة الشورى في سلطنة عمان بمحطات زمنية فاصلة، اتسمت في طبيعتها بالتطور والنمو في الصلاحيات وفي عدد الأعضاء وفي العملية الانتخابية، ليس فقط على الصعيد المؤسسي والتنظيمي تشريعياً، ولكن أيضا على صعيد الممارسة والدور الذي تقوم به مؤسسات الشورى وتهيئة المناخ لمشاركة أوسع وأعمق من جانب المواطنين العمانيين في صياغة وتوجيه التنمية الوطنية.
وقد تدرجت سلطنة عمان في ممارسة الشورى، إذ تمثل هذا التدرج في آليات تطبيق منهاج الشورى العمانية من خلال تأسيس المجلس الاستشاري للدولة، الذي استمر من عام 1981 إلى عام 1991م، وكان رئيسه وأعضاؤه يرشحون بالتعيين من خلال المراسيم السلطانية، ثم الإعلان عن مجلس الشورى في عام 1991م. ومنحه الشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، كخطوة جديدة في مواصلة التقدم في التجربة الديمقراطية في السلطنة.
ثم الانتقال في عام 1997 إلى إنشاء مجلس الدولة ومجلس عمان، ويضم مجلس عمان مجلسي الدولة والشورى، حيث رافق ذلك أيضاً التدرج في عملية الانتقال من التعيين إلى الانتخاب، وزيادة في عدد الأعضاء، ونسبة التمثيل ومشاركة المرأة، وفي الصلاحيات، وفي شكل الممارسة، وذلك لإثراء مسيرة التطور والبناء، وإفساح المجال للأفكار والآراء التي تخدم الصالح العام، وتسهم في توفير الحياة الكريمة للمواطنين، وتحقيق الأهداف العليا للوطن، وتم فتح الباب أمام المواطنين العمانيين لخوض انتخابات عامة يتساوى فيها الرجل والمرأة على قدم المساواة للترشح في المجلس، بحيث تمارس فيها المرأة العمانية حق الترشح والانتخاب.
ثم شهد المجلس تطورات مهمة ونوعية سواء على مستوى الصلاحيات خاصة بعد التعديلات التي أجراها السلطان قابوس بن سعيد في عام 2011 وإعطاء المجلس صلاحيات تشريعية ورقابية، أو سواء على مستوى المشاركة السياسية وتزايد أعداد من لهم حق الانتخاب والذين وصلوا إلى 611 ألف ناخب، أو على مستوى دوره في إعداد القوانين والتشريعات والتعاون مع مجلس الدولة.