يحتفل العمانيون في هذا اليوم بما تم تحقيقها على مدى نصف قرن تقريبا، في منطقة تعتبر الأكثر حساسية في العالم، من حيث التقاء مصالح العديد من القوى والأطراف الإقليمية والدولية.
وعلى المستوى السياسي يرى متابعون أن السياسة العمانية تتسم بالحيادية والابتعاد عن كافة أشكال الصدام مع الدول الأخرى، وبناء جسور الصداقة مع كافة دول العالم، وهو ما ساعد على تحقيق الأمن والاستقرار للسلطنة على مدى عقود.
نهضة سلطنة عمان
يعزو الكثير من المحللين الاستقرار والتطور العماني إلى السياسة التي تنتهجها عمان، وحول يوم النهضة العماني، وأسباب تطور واستقرار عمان يتحدث لـ"سبوتنيك" الصحفي والباحث سالم بن حمد الجهوري من سلطنة عمان، ويقول: "أعتقد أن الاستقرار يعود إلى نهج السياسة الثابت لعمان منذ عام 1970، وهناك مجموعة من النقاط التي حددت مسارات السياسة العمانية منذ مجيء صاحب الجلالة السلطان قابوس لتولي قيادة عمان من مرحلة إلى أخرى".
ويتابع: تم تحديد ثوابت ونهج معين لهذه السياسية على مدى 50 عاما، وبقيت هذه السياسة مستمرة واستطاعت خلال العشرين عاما الأولى أن تحقق إنجازات مهمة جدا على الصعيد العربي والإقليمي والعالمي، وبعد 25 عاما اكتسبت عمان ثقة القوى الكبرى على مسرح السياسة الدولي.
ويكمل الجهوري: "ارتكزت هذه النقاط التي حددها السلطان بعدم التدخل في شؤون الغير، ورفض تدخل الفير في شؤون عمان، والعمل على استقرار المنطقة في الخليج ودول الجوار، ودعم الامن والسلم الدولي، وكذلك كانت عمام بوابة لعدد من الدول الكبرى لاتصالات مباشرة وغير مباشرة مع دول أخرى على خلاف معها".
ويواصل حديثه لـ"سبوتنيك": "هذه السياسة الثابتة أكسبت عمان ثقة ومكنتها كأول دولة في الجزيرة العربية من رسم حدودها مع المملكة العربية السعودية والإمارات واليمن، وبالتالي أعطت انطباع بأنها لا ترغب في ضم أراضي الغير، وأنها تحترم هذه الحدود الدولية وتعمل على حمايتها".
العلاقة الجيدة مع الدول
وحول علاقات عمان مع باقي الدول، ودورها في الوساطة في عدة مشكلات عصفت بالمنطقة، يقول الصحفي العماني: "سر العلاقة هي الوضوح في التعاطي السياسي مع كل الدول، فعمان ليس لديها أجندة مخفية تحت الطاولة، وليس لديها أطماع اقتصادية وأمنية وعسكرية مع أي دولة، سواء من دول الجوار أو الدول الأخرى في العالم".
ويواصل سالم: عمان لا تدعم أو تتبنى أي أفكار لبعض الأطراف أو الأحزاب ضد أطراف أخرى داخل الدول، وهي تقوم على مبدأ السلام والعدل والمساواة مع الجميع، وبالتالي ترتكز على هذه الثلاثية والتي قدمتها للعالم كأنظف الدول التي تمارس السياسة في العالم، سواء مع الدول الكبرى كالولايات المتحدة وروسيا وغيرها، أو الدول المتوسطة والصغيرة.
ويستطرد الباحث بن حمد: "تتابع عمان كل الدول في العالم، وتتواصل مع كل دولة تنضوي تحت منظمة الأمم المتحدة، ولها تواصل دائم ومباشر من خلال رسائل واتصالات وزيارات، وهناك الكثير من الدول لا يوجد معها علاقات اقتصادية لكن عمان تحرص على التواصل معها، لأنها تريد أن يكون اسمها حاضرا وأن تساعد وتعاون في حل الكثير من المشاكل على المستوى الدولي".
على ماذا تعتمد عمان في نهضتها؟
وحول المستوى المعيشي الذي وصل له المواطن العماني، ومدى قوة الاقتصاد في البلاد، يوضح سالم بن حمد: "عمان رغم شح الموارد تقع في نطاق صحراوي وتعاني من ارتفاع درجات الحرارة وشح الأمطار والموارد المائية، ما يقلل من الإنتاج الزراعي، ورغم ذلك استطاعت عمان أن تحقق تقدما في جوانب الزراعة وصيد السمك، واستخراج المعادن وتصديرها".
ويستدرك: اعتمدت عمان فيما سبق على الموارد النفطية والآن ظهرت كميات كبيرة من الغاز، ما يشكل رافدا آخرا للإيرادات، واستطاعت خلال 49 عاما بناء دولة حديثة على عائدات نفطية قليلة في العشرين العام الأولى، وهناك تطلع في السنوات القادمة لزيادة الانتاج النفطي من خلال الاستكشافات البحرية.
ويضيف: "تركز اليوم عمان على مشاريع كبيرة، كالمنطقة الحرة في الدقم، وهي منطقة كبيرة بالإضافة إلى ميناء وحوض جاف والعديد من المصانع، وتحتوي على استثمارات من كوريا والصين وفرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا، وقبل أيام أصدر السلطان قابوس مرسوما بتعديل نظم ولرائح الاستثمار وتسهيلها بشكل أكبر للمستثمرين الأجانب".
رؤية 2040
تهدف رؤية 2040 إلى مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي للفرد، وحول هذه الرؤية يقول الصحفي العماني: "هي استكمال لرؤية 2020 التي وضعتها الحكومة العمانية مع مطلع هذا القرن، وكان هناك قبلها رؤية 70-2000، والتي امتدت لـ30 سنة نفذت على خطط خمسية، بنت فيها عمان ونفذت مشاريع كثيرة، وأقيمت فيها العديد من المرافق والاحتياطات الإنسانية، ساهمت فيها الحكومة على إبقاء العمانيين في محافظاتهم وإيصال الخدمات والوظائف والاحتياجات الأخرى لهم".
ويواصل حديثه لـ"سبوتنيك":
في عام 2000 قدمت رؤية 2020، وهي بنت أيضا على خطط خمسية ستنتهي قريبا، وبعدها ستبدأ رؤية 2040، وهي لنقل عمان إلى الثقل الاقتصادي بشكل كبير، وقد تم الانتهاء من بعض الأسس ويجري الآن تطوير هذه الأسس.
وأشار الكاتب الصحفي إلى أن "هناك خصخصة كبيرة لكثير من المؤسسات الحكومية، والعمل في هذه المؤسسات بشكل أقرب إلى القطاع الخاص، حيث أنها تحول إلى شركات لتقدم خدمات أفضل".
ويكمل: يضاف إلى ذلك الاهتمام بالإنسان والابتكار والحفاظ على الموروث والتاريخ، حيث أن عمان بلد ضارب في القدم، واستكمال المنظومات الحديثة للمرافق من مطارات وموانئ وإقامة مناطق حرة وتطويرها.
ويختم الجهوري حديثه: الأهم في هذه الرؤية أن الحكومة أشركت المجتمع ولم تتفرد في وضعها، خصوصا النخب والمثقفين والمفكرين، لكي يستطيع الجميع أن يقدم رؤية واحدة لتقليل القصور والعيوب، وسيتم فيها التركيز على الشفافية واستقلال القضاء، وسيتم تدشينها في 1/1/2021.
