فرغم نفي سلطنة عمان أن تكون زيارة وزير خارجيتها الأخيرة إلى طهران من أجل التوسط للإفراج عن ناقلة النفط البريطانية، طرح البعض تساؤلًا مفاده: ما مدى إمكانية نجاح عمان في حل الأزمة الإيرانية البريطانية المشتعلة؟.
زيارة عمانية
زار وزير خارجية سلطنة عمان، يوسف بن علوي، طهران السبت الماضي، واجتمع مع نظيره الإيراني، محمد جواد ظريف، وبحثا المستجدات، في ظل توتر بالخليج بين إيران من جهة، وبين أمريكا وأوروبا ودول الخليج من جهة أخرى.
وقال بن علوي للتلفزيون الرسمي العماني "نحن لا نتوسط، ولكننا في هذه الحالة معنيون أكثر من غيرنا بضمان استقرار الملاحة في مضيق هرمز، ولذلك نجري اتصالات مع جميع الأطراف، والكل عبّر عن رغبته في تجاوز هذه الأزمة والحفاظ على الاستقرار".
وأضاف "نحن نتعاون مع أطراف دولية أخرى تشاركنا نفس الاهتمامات حتى نوفر قدرا كافيا من الحفاظ على الاستقرار".
وتابع بن علوي "أي خطأ أو أي تصرف غير محسوب يعيق الملاحة في الممرات المائية الدولية يعود بالضرر على العالم أجمع".
وفي أعقاب الزيارة نقلت تقارير صحفية عن السفير الإيراني في مسقط، محمد رضا نوري شاهرودي، قوله إن سلطنة عمان تسعى إلى الوساطة لأجل حل أزمة ناقلات النفط مع بريطانيا.
علاقة قوية
الدكتور عادل درويش، المحلل السياسي والصحفي المعتمد لدى مجلس العموم البريطاني، قال إن "سلطنة عمان تحاول التوسط بين إيران وبريطانيا، بسبب العلاقات القوية التي تجمعها مع الدولتين، فهناك علاقة قوية بين السلطنة ولندن، وكذلك يثق الإيرانيون فيها بشكل كبير، ويعتمدون عليها كوسيط بينها وبين السعودية ومجلس التعاون الخليجي وكذلك الدول العربية".
وفيما أزمة ناقلات النفط المشتعلة، قال درويش إن "الإيرانيين لديهم سوء فهم كبير، والصحافة البريطانية اليسارية، والاتحاد الأوروبي، وقوى أخرى في المنطقة تزيد من هذا المفهوم الخاطئ، والذي يرى أن القانون الدولي يساوي بين اختطاف طهران لناقلة تبحر في مياه دولية، وبين تنفيذ بريطانيا لقرار الاتحاد الأوروبي في مياه إقليمية بريطانية (حكومة جبل طارق)".
محاولات عمانية
وأكد أن "إيران أوقعت نفسها في مأزق كبير، وسلطنة عمان تحاول إخراجها من هذا الأزمة، قبل أن تصل للمجتمع الدولي حيث لن تجد طهران أي محاولات إنقاذ حينها".
وفيما يخص إمكانية نجاح عمان في إنهاء الأزمة القائمة، أضاف: "الطرح المتداول بشأن إمكانية تبادل الناقلات ترفضه بريطانيا، خصوصا أن الحكومة الجديدة أكثر قوة من الحكومات السابقة، ولن ترضى بهذا التنازل، لاسيما وأن الاتحاد الأوروبي سبب المشكلة، ولم يقدم الدعم اللازم لبريطانيا".
ومضى قائلًا "الحكومة الجديدة تربطها علاقة قوية بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وربما يكون هناك توافق أنجلو أمريكي لن يصب في صالح إيران، خصوصا وأن التعامل لن يكون بمواجهة عسكرية، بل عبر خنق اقتصادي شديد لطهران".
دور فعال ولكن
من جانبه قال محمد محسن أبوالنور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية (أفايب)، إن "سلطنة عمان لها تاريخ طويل وحافل جدا في تقريب وجهات النظر الأمريكية الإيرانية، فالخبرة التاريخية تقول إن سلطنة عمان بالتأكيد يمكن لها أن تلعب هذا الدور بامتيار، وقد لعبت أدورا مماثلة في سنوات سابقة".
وأشار إلى أن "سلطنة عمان يمكنها لعب هذا الدور بامتياز، خصوصا وأنها مشرفة على مضيق هرمز، ومن مصلحتها التهدئة في المقام الأول، باعتبارها شريك في هذه المنطقة، وليس من مصلحتها نشوب أي نزاع في مضيق هرمز أو حتى في شمال خليج عمان، والتي تشرف عليه بالكامل".
وأكد أن "العلاقات العمانية البريطانية وثيقة للغاية، وبريطانيا لديها في مسقط أكبر قاعدة معلوماتية على الإطلاق في الشرق، ولذلك الدور العماني مهم للغاية ونظرا أن العلاقات العمانية البريطانية قوية، يمكن لبريطانيا أن تستغل هذا الدور وتقارب وجهات النظر بين عمان وإيران لدفع السلطنة في لعب دور وساطة فيما يتعلق بهذا الأمر".
وعن إمكانية نجاح الزيارة الأخيرة في الوساطة، قال أبوالنور: "لا أتوقع أن تنجح المبادرة العمانية هذه المرة على المدى القريب، يمكن لها أن تنجح على المدى المتوسط، حيث أن إيران لم تحتجز الناقلة البريطانية من فراغ، إنما تريد أن تستخدم سيطرتها على مضيق هرمز كورقة ضغط على الولايا ت المتحدة الأمريكية والغرب في حال لجأت إلى التفاوض لتحسين تموضوعها، وشروط ومخرجات التفاوض".
رسالة عمانية
وكشف موقع "نادي المراسلين الشباب" التابع للتلفزيون الإيراني، عن حمل وزير الخارجية العماني، يوسف بن علوي، رسالتين هامتين من لندن وواشنطن إلى طهران.
وأفاد حساب "نادي المراسلين الشباب" على "تويتر"، بأن الرسالة البريطانية عرضت على إيران الإفراج عن ناقلة النفط البريطانية مقابل الإفراج عن الناقلة الإيرانية المحتجزة قبالة جبل طارق "بعدها بساعات".
واشتملت البرقية الثانية المرسلة من واشنطن على مقترح من جاريد كوشنر، يفيد بأن واشنطن ستفرج بواسطة عمان عن أموال إيرانية مجمدة، مقابل تراجع إيران عن موقفها إزاء "صفقة القرن".
ويشهد الخليج منذ العام الماضي توترا متصاعدا على خلفية انسحاب الرئيس الأمريكي من الاتفاق النووي المبرم في عام 2015 بين إيران والدول الكبرى، وإعادة فرضه عقوبات على الجمهورية الإسلامية.
وردا على القرار الأمريكي، أعلنت طهران في أيار/مايو تخلّيها عن عدد من الالتزامات التي يفرضها الاتفاق على برنامجها النووي، مهدّدة باتخاذ تدابير إضافية ما لم تساعدها الأطراف الأخرى المشاركة في الاتفاق.
وتتّهم الولايات المتحدة، إيران بالوقوف وراء هجمات استهدفت في حزيران/يونيو ناقلات نفط في مياه الخليج، وهو ما تنفيه طهران.
وفي 19 تموز/يوليو احتجز الحرس الثوري الإيراني في مضيق هرمز ناقلة نفط ترفع العلم البريطاني وطاقمها المؤلف من 23 بحارا.
واعتبرت لندن أن احتجاز طهران للسفينة رد إيراني على احتجاز السلطات البريطانية أوائل تموز/يوليو ناقلة نفط إيرانية قبالة سواحل جبل طارق.
ودعت عمان إلى الإفراج عن السفينة البريطانية "ستينا إمبيرو"، كما حثت لندن وطهران على إيجاد حل دبلوماسي للنزاع بينهما.