كانت الرحلة تمر عبر الطرق الصحراوية على ظهر الإبل والخيل، فيما كان يسير الفقراء على الأقدام، لعدم قدرتهم على ركوب الإبل بالأجر أو عدم امتلاكهم لها.
بحسب عدد من الذين تحدثت "سبوتنيك" إليهم، فإن الرحلة كانت محفوفة بالمخاطر التي تصل إلى القتل خلال رحلة الذهاب أو العودة.
في البداية قالت، نفوس محمود أيوب، وهي سيدة ستينية مصرية، إن أجدادها كانوا يستعدون للحج قبل 3 أعوام، إذ يبدأ الحاج في جمع المال واختيار الرفقة، وتجهيز المركب أو الراحلة والزاد، وأنه كان يودع أهله وأحبابه عبر موكب أو زفة في القرية وهو يعلم أنه قد لا يعود مرة أخرى.
وتضيف في تصريحاتها لـ"سبوتنيك"، الأحد، أن الحاج كان يذهب قبل الحج بشهر أو شهرين، حتى يتمكن من الوصول إلى السعودية مع بداية شهر ذي الحجة، خاصة أن الرحلة كانت محفوفة بالمخاطر نظرا لوجود "الهجامة"، حسب ما عرفوا قديما، وهم قطاع الطرق، الذين كانوا يغيرون على القوافل ويسلبون المال والزاد، وخلال عمليات المقاومة يمكن أن يقتل الكثير من الحجاج.
وأضافت "أيوب" أن فقراء القرى كانوا يسلكون الدروب الصحراوية مشيا على الأقدام، إلا أنهم كانوا يحرصون على السير مجاميع كبيرة حتى لا يتعرض لهم قطاع الطرق أو "الهجامة"، إلا أنهم في النهاية لا يسلمون من هجمات قطاع الطرق وعادة ما كانوا يسلمون لهم كل ما معهم للنجاة من الموت.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"سبوتنيك"، الأحد، ان بعض الحجاج من القرى المجاورة قتلوا خلال رحلة الذهاب إلى الحج ولم يعودوا، وأن الحجاج كانوا يتسلحون بالسيوف لمقاومة الهجامة أو قطاع الطرق، إلا أن بعض الحجاج كبار السن لا يتمكنون من الفرار أو المقاومة فكانوا يقتلون بعد نهب أموالهم، وأنهم كانوا يدفنون في المكان الذي يقتلون فيه وتكمل القافلة رحلتها نحو الكعبة.
حراسة القوافل
بعض القوافل، وخاصة تلك التي كانت تضم علية القوم، وبحسب الكثير من المصادر التاريخية وكتب رحلات الحج، وما ذكره الباحث مسعود شومان لـ"سبوتنيك"، كانت الحراسات تسير في مقدمتها ومؤخرتها، وتسير عبر طرق محددة، وتواريخ محددة، وكانت تدفع رسوم مرور للقبائل التي تمنع أي من قطاع الطرق أن يغيروا عليها وتسمى "الإتاوة".
طرق الحج
يعتبر درب "عيذاب" من أوائل طرق الحج المصرية التي سلكها الحجاج في طريقهم إلى بيت الله الحرام، فكان الحاج يخرج في نهر النيل من ساحل الفسطاط إلى قوص بصعيد مصر، ثم يركب الإبل من قوص إلى البحر الأحمر عبر وادي "عيذاب"، وصولا إلى ميناء "عيذاب" على البحر الأحمر، ثم يعبرون بالسفن الصغيرة المعروفة بـ"الجلاب" حتى ميناء جدة، ومن جدة يكملون الرحلة نحو الكعبة.
عبر سيناء
مر طريق الحج المصري عبر سيناء بمراحل ثلاث، إذ كانت المرحلة الأولى من العاصمة القاهرة حتى "عجرود" بطول 150 كيلو متر، والمرحلة الثانية من "عجرود" حتى نخل بطول 150 كيلوا مترا أيضا، ثم المرحلة الثالثة من نخل حتي عقبة أيلة بطول 200 كيلو متر، وهو ذات الطريق الذي كان يستخدمه حجاج المغرب العربي وغرب أفريقيا.
كانت رحلة المحمل أو كسوة الكعبة أيضا من أهم الرحلات التي تؤمن بحراسات شديدة، وكانت تبدأ من القاهرة وتمر إلى "غربي السويس" ثم إلى منطقة العقبة الجبلية، والتي يبدأ منها الطريق الذي مهده ملوك مصر في الجبل المطل على مدينة العقبة، ويسير إلى الوادي المصري "قلعة العقبة"، حيث يستمر طريق الحج على الجانب الشرقي للبحر الأحمر بالمويلح وبرج ضبا، ثم قلعة الوجه وينبع إلى أن تصل القافلة إلى مكة المكرمة.
قوة عسكرية
حسب الباحث المصري في التراث، مسعود شومان، كانت قوة من الجنود ترافق المحمل وتتبع أمير الحج، وكانت مهمة القوة العسكرية هي منع أعمال السلب والنهب من جانب البدو أو "قطاع الطرق"، إذ كانت القوافل في السابق تمر عبر الأودية الصحراوية وتتعرض للسرقة والنهب، وكان بعض الحجاج يموتون خلال رحلة الحج إثر بعض المعارك التي تدور بينهم وبين قطاع الطرق، كما كان يعتمد في بعض الفترات على حراسة رجال البدو أنفسهم مقابل مبالغ مالية متفق عليها.