مسرح الطفل الذي كان أحد العناوين البارزة في البرامج الثقافية الوطنية، شهد تقهقرا كبيرا في شمال شرق سوريا، وبات يصارع الموت إبان انقطاع التواصل الجغرافي بين الحسكة وبين مناطق سيطرة الدولة ومؤسساتها المركزية بعد سيطرة المجموعات الإرهابية على منطقة شمال شرق البلاد، قبل سيطرة الجيش الأمريكي وتنظيم "قسد" عليها بعد ذلك.
مع هذا الواقع المرير والمخاطر التي يكرسها الإرهاب والاحتلال على حد سواء، إلا أن النشاط الثقافي والمسرحي لم يتوقف في المنطقة التي ظلت تحت سيطرة الدولة السورية" بمحافظة الحسكة حتى في أحلك مراحل الحرب، حيث استطاع المسرح القومي أن يقدم سبع دورات من مهرجان الحسكة المسرحي، إلا أنه مع بدء انتشار الجيش السوري في مناطق عدة من محافظة الحسكة بدأت نبضات مسرح الطفل تنبض بقوة من جديد، مستمدا مادته من واقع "الاحتلالين الأمريكي والتركي" ووما جلباه من مآس على السوريين.
وعلى خشبة مسرح المركز الثقافي في مدينة الحسكة، وتحت أنظار وتفاعل وتصفيق وقص العشرات من الأطفال ممن عانوا ويلات الحرب والنزوح، وعلى بعد كيلومترات قليلة من معارك تدور في ريف الحسكة الشمالي الغربي في رأس العين ومحيط تل تمر، وقف فنانو ( فرقة المسرح القومي بمحافظة الحسكة)، مجسدين شخصيات لحيوانات معروفة، بأسلوب كوميدي غنائي في عرض مسرحي بعنوان "يحكى إن ".
وقال الفنان إسماعيل خلف مدير المسرح القومي بالحسكة ومخرج العمل لوكالة "سبوتنيك" إنه "في ظل الهجمة التركية الشرسة على الحدود الشمالية من الحسكة، كان لابد من إعادة الابتسامة لهؤلاء الأطفال وخلق حالة من الفرح والأمل لديهم، فجاء هذا العرض الذي يعتمد الحكاية والغناء والكوميديا لغة له".
واضاف: كما أن مشاركة الطفل في العرض جزء أساسي عبر حكاية بسيطة تدعوا إلى الصدق والوفاء والتعاون، وقد أولت مديرية المسارح اهتماماً كبيراً في مجال مسرح الطفل ولهذا قدمنا العديد من العروض له وخصصنا دورة كاملة من المهرجان الثقافي للطفل وسيتم إعادة العرض مع عرض أخر بعنوان " صندوق الدنيا " خلال العطلة الانتصافية وذلك ضمن أمنياتنا أن تستطيع إعمالنا المسرحية غرس الابتسامة في نفوس الأطفال وأن تصل رسائلنا التي تحمل المحبة والصدق وحب الأرض والوطن إليهم" .
وأوضح الفنان خلف بان عرض مسرحية " يحكى إن " جاء ضمن فعاليات مهرجان الحسكة الثقافي الذي يقام بالتعاون بين مديرية الثقافة مع المسرح القومي بمجموعة من الفعاليات الفنية أبرزها حفل الافتتاح والأمسية الموسيقية التي حملت عنوان "نفحات من بلدي" والأهم والعرض المسرحي الموجه للأطفال "يحكى إن" وهو تاليف وإخراج إسماعيل خلف ويجسد العرض فيصل حميد وسلمان اسيود وباسل حريب وعبدالعزيز املح وموسيقا وأغاني بشار الظللي وديكور إبراهيم عزي.
وأشار مدير المسرح القومي بالحسكة إسماعيل خلف إلى أن "المسرح القومي في الحسكة لم يتوان في أحلك الظروف أن يقدم إعماله المسرحية واستطاع خلال سنوات الحرب أن يقدم سبع دورات من مهرجان الحسكة المسرحي وفي الوقت الذي انكفأ فيه الأطفال عن القدوم إلى المسرح ذهب المسرح إليهم وقدم عروضه في الروضات والمدارس".
الجدير بالذكر انه تتم الاستعدادات من قبل المسرح القومي بالحسكة لاطلاق مشروع الإيقونة السورية لنقابة الفنانين وهو تحية للجيش العربي السوري يعمل بانورامي كبير من إخراج إسماعيل خلف وكلمات احمد الدريس وإشراف نقابة الفنانين المركزية في دمشق.