احتجاجات ومظاهرات ليلية كانت أو نهارية غالبا ما ترتكز بالمحافظات الداخلية للبلاد التونسية لا تجد السلطات الرسمية بدا من مواجهتها إلا باستخدام الردع الأمني أو بتقديم وعود لحلحلة كل الإشكاليات العالقة نتيجة التراكمات الناجمة عن تغيير الحكومات.
فهذه منطقة جلمة من محافظة سيدي بوزيد مهد الثورة جنوبي وسط تونس تشهد في الآونة الأخيرة احتجاجات إثر انتحار شاب من عمال الحضائر حرقا على خلفية عدم تسوية وضعيته المهنية.
و يطالب المحتجون بالتنمية والتشغيل وتسوية ملف عمال الحضائر الذي ظل على امتداد سنوات ما بعد الثورة مطروحا في أروقة الحكومات المتعاقبة.
الحل في التنمية
النائب بالبرلمان عن حزب التيار الديمقراطي والمترشح في الانتخابات التشريعية عن دائرة محافظة سيدي بوزيد لسعد الحجلاوي أكد في تصريح لوكالة سبوتنيك أن ما يدفع إلى الاحتجاجات في مدينة جلمة كان نتيجة انتحار شاب يشتغل وفق آلية التشغيل الهش تم إيقافه عن العمل مقابل ترسيم زملائه و ما اندلاع الاحتجاجات في الجهة إلا نتاجا لارتفاع نسبة البطالة وتواصل التهميش بالجهة وضعف التنمية .
وأوضح أن شعور أهالي الجهة بالضيم والحيف الاجتماعي المسلط من قبل الحكومة يدفع بالضرورة إلى الانتفاض في وجه الدولة، مطالبا بفتح تحقيق معمق في أسباب إهمال الإدارة لملف الشاب المنتحر والتسريع بالتنمية في محافظة سيدي بوزيد وتفعيل المشاريع التنموية المعطلة.
الحراك الاجتماعي نتاج فشل الحكومات
الحراك الاجتماعي الذي تعرفه مختلف محافظات تونس كل مرة ف شهر ديسمبر/ كانون الأول و بداية يناير/كانون الثاني من كل سنة هو رد طبيعي على فشل الحكومات المتعاقبة في توفير مناخ ملائم لامتصاص غضب المنتفضين عبر بوابة التنمية وفق ما يؤكده عضو البرلمان عن حزب حركة الشعب هيكل المكي، مشيرا إلى أن كل النشطاء السياسيين المؤثرين و الفاعلين في المشهد السياسي إذا لم يلامسوا مطالب الشعب الحقيقية في الكرامة والشغل فلن يترقبوا إلا الاحتجاجات وإذا كانت في غالبها سلمية فإنها قد تأخذ منعرجا خطيرا إذا تواصل تجاهل مطالبه.
تفعيل التمييز الإيجابي
دعا عضو البرلمان هيكل المكي إلى تفعيل التمييز الإيجابي وفق ما جاء في الفصل 12 من الدستور التونسي وتفعيل الإصلاحات الاقتصادية الكبرى التي تقتضيها المرحلة في تونس.
وأوضح المكي أن الحلول الجذرية تكمن في حكومة قوية ومستقرة متسلحة ببرنامج حقيقي واستثنائي يلبي انتظارات الشباب وأهالي المناطق المنسية لا خدمة للوبيات النافذة في هذا البلد، مشيرا إلى أن الاستمرار في برامج ليبيرالية لا تولد إلا الاحتجاجات. ونبه القيادي بحركة الشعب أن الثورة المقبلة ستكون تداعياتها وخيمة جدا وكلفتها عالية.
وتعرف عدة مناطق في تونس على غرار حاجب العيون وحفوز من محافظة القيروان وجلمة ومزونة من محافظة سيدي بوزيد موجة من الاحتجاجات على خلفية مطالب اجتماعية تضع الحكومة المرتقبة أمام تركة ثقيلة من الاستحقاقات التي لا تستوجب التأجيل فكل حراك اجتماعي يأتي في شهر كانون الأول/ ديسمبر يكون كالجمرة التي تكتوي بنارها كل حكومة تونسية.