وسجل الدولار الأمريكي، اليوم الخميس، سعراً قياسياً أمام الليرة اللبنانية، التي تشهد هبوطاً حاداً بسبب الأزمة المالية العنيفة التي تعيشها البلاد منذ أشهر، رغم النظام الذي أطلقته الحكومة والصرافون في الأسبوع الماضي، وهو نظام تسعير موحد يشمل سعر صرف يُخفض تدريجيا ويُعلن يوميا بهدف الوصول إلى مستوى 3200 ليرة.
خبراء اقتصاديون أكدوا لـ"سبوتنيك"، أن سعر صرف الدولار تخطى 6000 ليرة، محذرين من استمرار الوضع وما يمكن أن يترتب عليه، خاصة فيما يتعلق بالقوة الشرائية ونسبة الفقر، وتهديد أدنى سبل العيش.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن انخفاض سعر صرف الليرة بهذا الشكل الكبير، خلال الأيام الماضية له عواقب كبيرة على المستويين:
مستوى الأفراد والذي أدى إلى انخفاض القدرة الشرائية بشكل كبير لدى المواطن اللبناني، وبالتالي ارتفاع مستوى الفقر والبطالة.
مستوى الدولة، والتي تدعم سلع أساسية مثل الطحين والمحروقات والدواء، وهو ما يفاقم الكلفة على موازنة الحكومة اللبنانية بطريقة غير مباشرة، وذلك لأن من يتحمل هذه الخسارة هو مصرف لبنان المملوك بشكل كامل من قبل الدولة اللبنانية، والتي تفرض المادة ١١٣ من قانون النقد والتسليف، تحملها لكامل خسارة المصرف المركزي.
ويرى عكوش أن الانهيار المستمر لا يمكن إيقافه من خلال فرض تعاميم جديدة، أو ملاحقة الصرافين، ما لم تعالج الأسباب الحقيقية لارتفاعه، والأسباب الحقيقية لقوة أي عملة هو اقتصاد قوي.
وأشار عكوش إلى أن الحكومة الحالية لم تحاول إعداد خطة لبناء اقتصاد قوي، إضافة إلى عوامل أخرى مساعدة على إعطاء دفع إيجابي لسعر الصرف وهو تخفيض خسائر مصرف لبنان، ووقف التفريط بالعملات الصعبة والناتج عن دعم سلع، يذهب معظمها للتهريب، وإلى جيب التجار وليس إلى العائلات اللبنانية، بنص قوله.
يبدأ وقف الانهيار بإعداد خطة اقتصادية شاملة، ووقف الخسائر، ووقف التفريط بالعملات الصعبة، هو ما يشدد عليه عكوش، مكملا حديثه بأنه ما لم يحدث هذا كله، فلا سقف لسعر الدولار مقابل الليرة.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن عملية خنق الاقتصاد اللبناني تهدف لإخضاع بعض التيارات السياسية في لبنان، خاصة مع بدء تطبيق قانون "قيصر"، الأمريكي، إلا أنه من المؤسف اشتراك بعض الأطراف الداخلية في المضاربات النقدية بشأن سعر صرف الليرة.
تداعيات خطيرة على مستويات عدة يؤكدها عمر إثر عملية تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار ليصل لنحو 6000 ليرة لتنخفض الأخيرة لنحو 80%، خاصة في ظل الارتفاع الهائل للأسعار والتضخم المالي الجامح، الذي يؤدي لتدهور كبير في القوة الشرائية، ما يؤدي إلى المزيد من الفقر.
نسبة كبيرة يتحدث عنها عمر حال استمرار تدهور سعر الليرة، حيث يشير إلى أن نسبة 60 بالمئة وأكثر أصبحو معرضين للفقر مع هذا التراجع الكبير لسعر الصرف.
الطبقة الوسطى دائما هي ميزان الدول والمجتمعات، إلا أن عمر يشدد على أنها ستنهار حال استمرار الأمر على هذا النحو.
ولفت إلى أن المودعين يواجهون أزمة كبيرة، خاصة أن القوة الشرائية تهاوت، وهو ما يضر بالودائع الخاصة بهم.
وأصبحت عدة قطاعات مهددة منها التعليم والصحة والغذاء، وعمليات أخرى يشدد عليها عمر، بأنها باتت في مهب الريح.
يذكر أن الليرة فقدت أكثر من 60 في المئة من قيمتها منذ أكتوبر/ تشرين الأول مع تآكل معروض الدولار وقيام البنوك بالحد من توافر العملة الصعبة وتخصيص الدولارات حصريا لشراء الوقود والأدوية والقمح بسعر صرف رسمي يبلغ 1507.5 ليرة للدولار.
وتعتبر الأزمة، التي بدأت أواخر العام الماضي، أكبر تهديد لاستقرار لبنان منذ الحرب الأهلية من 1975 إلى 1990.