وقال في تصريحات لـ"سبوتنيك"، اليوم السبت، إن "هذه المسألة عندما ترفع لمجلس الأمن ويجدها تهدد السلم والأمن، يعمل المجلس تحت مظلة الفصل السادس والفصل السابع من الميثاق، ما يعطي له كافة الصلاحيات أن يطلب من الدول أو يتخذ من الإجراءات ما يراه لوقف حالة التهديد للأمن والسلم".
وتابع مؤكدا أن "قرارات مجلس الأمن تعتبر ملزمة وهذه المسؤولية اليوم تقع على مجلس الأمن، وعلى المجلس التعامل معها والترفع عن الأهواء السياسية أو يضع هذا الموضوع موضع الاعتبار باعتباره يهدد السلم والأمن الدولي في منطقة شرق أفريقيا".
وشرح سامح عمرو الأسباب التي دعت مصر إلى اللجوء إلى مجلس الأمن، إذ قال: "مصر حين تقدمت بالواقعة إلى مجلس الأمن كان نتيجة للموقف المتعنت الذي لمسته في الفترة الأخيرة ونتيجة لما تم في السنوات الماضية من تعنت أصبح من الواضح لمصر أن إثيوبيا لا ترغب في إبرام أي اتفاق أي إن كان شكله، وكان هدف مصر أن تصل إلى اتفاق متوازن، ومن ثم كانت مصر حريصة أن تعلن على لسان القيادة السياسية أنها تراعي حقوق الشعب الإثيوبي في التنمية وتستجيب لما قالته وما أعلنت عنه إثيوبيا من أن الهدف من السد هو توليد الكهرباء لصالح خدمة المصالح التنموية في إثيوبيا، مصر تفهمت ذلك، وقالت إن ذلك لا يشكل أي عقبة في التوصل لاتفاق، كل ما نرغب به أن لا يترتب على هذا الإجراء (ملء أو تشغيل السد) إحداث أضرار جوهرية بمصالح مصر المائية".
وأضاف: "هذه المسألة ببساطة شديدة كان يمكن أن تحل من خلال اتفاق، ومن ثم كان يمكن أن نصل لمعادلات مائية في فترات الرخاء وفترات الجفاف بحيث تحقق المصالح والمكاسب للجميع، وإلى جانب هذه النواحي الفنية كان هناك نواحي القانونية البسيطة الأساسية الملزمة لأي اتفاق دولي، إذا اعتبرنا أن هذا اتفاق بين دول يعني معاهدة دولية، في هذا الاتفاق حين تأتي إثيوبيا وتعلن أنها تريد بعد سنة طويلة من التفاوض، يتم طرح الأسبوع الماضي فقط أنها تملك الحق في تعديل الكميات أو تغير الاتفاقية أو إلغاء الاتفاق بإرادة منفردة فهذا ليس اتفاقا دوليا".
وأردف: "لكل هذه الأسباب مصر توجهت إلى مجلس الأمن، كذلك إعلان إثيوبيا أنها سوف تلجأ إلى ملء السد اعتبارا من الأسبوع المقبل أو من بداية تموز/يوليو 2020، فمصر تعتبر هذا السلوك من الجانب الإثيوبي اعتداء مباشر على مصالحها المائية ويترتب عليه تهديد للسلم والأمن الدوليين في منطقة شرق أفريقيا، وتهديد مباشر للسلم والأمن المجتمعي والاستقرار في مصر، فما كان من مصر إلا أنها تتخذ الإجراء الطبيعي القانوني الشرعي المنصوص عليه في المواثيق الدولية وهو أن تلجأ إلى مجلس الأمن الدولي".
وأكد أن:
"تهديد السلم والأمن الدولي لا يعني فقط أن تستخدم دولة السلاح ضد دولة أخرى، ولكن له أشكال كثيرة منها قطع الشريان الرئيسي للحياة عن دولتين هما السودان ومصر يسكن فيهما أكثر من 150 مليون نسمة، هذا تهديد للسلم والأمن الدولي، إذا لم نعتبر هذا تهديد للسلم والأمن الدولي، بماذا يقل هذا التصرف عن اعتداء مسلح من دولة على أخرى".
وتابع أستاذ القانون الدولي: "حين تعلن إثيوبيا أنها ستبدأ في ملء السد من الأسبوع المقبل ما المنتظر من مصر الدولة العضو في الأمم المتحدة إلا أن تتجه إلى مجلس الأمن، هذا حقها الطبيعي، مصر سارت في مسار طويل بمنتهى حسن النية في طريق التوصل لاتفاق ولم يقابل هذا إلا بتعنت وجمود من الموقف الإثيوبي، ومصر جراء هذا الموقف اتبعت القانون الدولي وقوانين الأمم المتحدة ولجأت إلى الجهاز الرئيسي في الأمم المتحدة المعني بحفظ السلم والأمن الدوليين ألا وهو مجلس الأمن الدولي".
وأوضح: "مصر دولة يصل تعداد سكانها إلى 100 مليون، وهذا المجتمع زراعي يعتمد في غذاءه على المنتجات الزراعية التي يزرعها، ولا يوجد لديه مصدر آخر للمياه مثل إثيوبيا التي تملك مصادر متعددة للمياه، وبالتالي لا يعقل أن يكون محبس المياه في يد دولة دون اتفاق، وهي حاولت التوصل لاتفاق وأظهرت حسن نواياها في اتفاق إعلان المبادئ الذي تم توقيعه في عام 2015 والذي ينص صراحة على عدم حق إثيوبيا في البدء في ملء السد دون التوصل لاتفاق، إذا كان الجانب الإثيوبي حسن النية ويرغب الوصول في اتفاق فعليه العودة لطاولة المفاوضات ويطرح أطروحات قابلة لفهم والتطبيق منطقيا وقانونيا، وإذا لم يرغب في هذا فعليه تحمل لجوء مصر إلى مجلس الأمن".
وتابع: "ما نعرفه الآن أن ما تقوم به إثيوبيا من إعلانها البدء بملء السد دون التوصل لاتفاق، هذا يعتبر من وجهة نظر القوانين الدولية صورة من صور تهديد السلم والأمن الدوليين".
وأعلنت مصر، أمس الجمعة، اللجوء لمجلس الأمن لإلزام إثيوبيا بالتفاوض مع مصر والسودان للتوصل لاتفاق عادل ومتوازن حول قضية سد النهضة، وذلك بعد تعثر المفاوضات التي جرت بمبادرة سودانية الأسبوع الماضي، وإعلان إثيوبيا أمس أنها ماضية قدما في خطة البدء في ملء السد بداية من تموز/ يوليو المقبل.
ورفضت أثيوبيا التوقيع على اتفاق تمهيدي تحت رعاية أمريكية مطلع العام الجاري، عبر مفاوضات أشرفت عليها الولايات المتحدة وحضرها البنك الدولي.
وبدأت إثيوبيا في عام 2011 في بناء سد النهضة على النيل الأزرق، بهدف توليد الكهرباء، وتخشى مصر من إضرار السد بحصتها من المياه والتي تبلغ حوالي 55 مليون متر مكعب سنويا، تحصل على أغلبها من النيل الأزرق.