وجاء التصويت بعد ساعات من رفض روسيا والصين مشروع قرار أوروبي يمدد عمل معبري باب السلام وباب الهوى على الحدود التركية السورية لنقل المساعدات إلى دمشق لمدة عام آخر.
قال مراقبون إن "الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة تحاول الإبقاء على المعابر التي تعتبر غير شرعية في الوقت الحالي، بسبب سيطرة الإرهابيين عليها"، مؤكدين أن "هذا الأمر يعد انتهاكًا للسيادة السورية".
رفض غربي
تقول روسيا والصين إن المساعدات التي تمر من المعبرين لا حاجة لها لأن تلك المناطق يمكن الوصول إليها من داخل سوريا وإن آلية نقل المساعدات هذه كانت مؤقتة أصلا، وحان الوقت لإنهاء عملها نظرا للتغيرات على الأرض في سوريا واقترحت بدلا من ذلك تمديد آلية نقل المساعدات لمدة نصف عام، ليتم بعد ذلك إيصال المساعدات من خلال معبر باب الهوى حصرا".
وفي وقت سابق دعا بومبيو، دول العالم إلى معاقبة روسيا والصين على الفيتو المزدوج في مجلس الأمن ضد مشروع قرار قدمته بلجيكا وألمانيا، الذي يمدد لمدة عام عمل معبري الحدود (باب الهوى وباب السلام) على الحدود بين سوريا وتركيا لتقديم المساعدة الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا.
ووصفت وزارة الخارجية الروسية تصريحات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، حول تصويت روسيا في مجلس الأمن الدولي بشأن سوريا، بأنها محاولة أخرى لتشويه الحقائق من أجل مصالح أنانية ضيقة.
وجاء في بيان الخارجية الروسية، المنشور اليوم الجمعة: "موسكو تشعر بخيبة أمل من الطريقة التي سمح بها وزير الخارجية الأمريكي بومبيو لنفسه بالتعليق على المناقشات في مجلس الأمن الدولي بشأن مشروع القرار حول آلية عبور الحدود لإيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا. هناك محاولة أخرى لتشويه الحقائق وتشويه الواقع من أجل المصلحة السياسية الضيقة".
وأضاف البيان: "فيما يتعلق بآلية عبور الحدود، فنحن لا نعترض على تمديدها. ولكننا نعتبرها ضرورية لجعلها تتماشى مع الوضع الحقيقي على الأرض، خاصة في إدلب، ولتفادي وضع يتعارض مع إنشاء الإمدادات الإنسانية من داخل مناطق البلاد عبر خط التماس.
كما أعربت وزارة الخارجية الروسية عن أسفها أن الولايات المتحدة ومن يشترك معها بالأفكار، ينجحون في التلاعب في المؤسسات الإنسانية البحتة "في خدمة النظام السياسي لتغيير السلطة في الجمهورية العربية السورية".
دوافع غربية
الدكتور أسامة دنورة، المحلل السياسي والاستراتيجي، العضو السابق في الوفد السوري الحكومي المفاوض في جنيف، قال إن "الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة تحاول الإبقاء على المعابر التي تعتبر في الوقت الحاضر لا شرعية، والتي تسيطر عليها أو على محيطها من الجانب السوري من الحدود المجموعات الإرهابية وتركيا".
وتابع: "يسعى الغرب أيضًا عبر تمديد الآلية الخاصة بتدفق المساعدات عبر المعبرين إلى تخفيض الكلف الاقتصادية على تركيا التي تستفيد عملياً من المساعدات الأممية لتكريس حالة اقتصادية معاشية لا ترتبط بالحكومة السورية، وتشجيع إمكانية تخلي المواطنين عن إدارة حكومتهم الوطنية للحالة الاقتصادية والمعيشية والخدمية".
وأكمل: "ويستغل هذا الأمر أيضًا لإنتاج منظومات ولاء بديلة عن الولاء للدولة الوطنية عبر ربط الحالة الاقتصادية والمعيشية بالمنظمات الدولية والغربية، وبالحكومة التركية التي تحاول فرض التعامل بالليرة التركية كبديل عن العملة الوطنية".
ومن هنا – والكلام ما زال لدنورة- فإن المسعى لاستمرار آلية إدخال المساعدات من خارج السيادة السورية يهدف إلى تعزيز الانفصال الاقتصادي والمعيشي، وتكريس الاحتلال عبر منحه إمكانية الإشراف على إدخال المساعدات واستغلالها لتكريس سلطة بديلة تتمتع بإمكانية تسخير المساعدات الأممية لتعزيز وجودها الاحتلالي دون تحميلها أي عبء اقتصادي".
وأنهى حديثه قائلًا: "ما يحدث هو تطبيق لأجندة جيوبوليتيكية تقسيمية - احتلالية تحت اليافطة الإنسانية وبالاستعانة بأموال المساعدات الأممية-، وهو أمر ينتهك مبدأ السيادة المتساوية الذي يقوم عليه ميثاق الأمم المتحدة، ويشجع حالة الحكم الإرهابي للمناطق التي يحتلها الإرهاب عبر إيجاد آليات تساعد الإرهابيين على فصل ارتباط المواطنين عن وطنهم الأم معيشيا واقتصاديًا".
انتهاك السيادة السورية
من جانبه قال غسان يوسف، المحلل السياسي السوري، إن "الولايات المتحدة الأمريكية تحاول أن تمرر قرارات دولية مخالفة للقانون الدولي وتنتهك السيادة السورية، وهذه القرارات تريد منها أمريكا أن تكون وسيلة لإدخال الأسلحة ودعم المجموعات الإرهابية المتواجدة في إدلب ومناطق أخرى".
وتابع: "نعتقد أن الأمم المتحدة اليوم مغلوب على أمرها ولولا روسيا والصين لكانوا تمكنوا من انتهاك السيادة السورية من جميع الجهات وفتحوا معابر غير رسيمة، لذلك روسيا والصين تحاولان الضغط على هذه الدول للتأكيد أن سوريا دولة ذات سيادة ولا يجوز إدخال المساعدات عبر معابر غير رسمية".
وأشار المحلل السياسي إلى أن "الدولة السورية وبعد سيطرتها على المعابر يمكنها إدخال المساعدات عبر المعابر الرسمية وتحت مراقبة الدولة، لكن ما تريده أمريكا هو انتهاك السيادة السورية، وعدم الاعتراف بالسلطة الشرعية، وإدخال الأسلحة للجماعات المسلحة".
ومن المقرر أن ينتهي التفويض باستخدام آلية المساعدة عبر الحدود التابعة للأمم المتحدة، اليوم 10 يوليو/ تموز الجاري.