يرى مراقبون أن "هناك صعوبة ومخاطر دولية كبيرة ستعود بالضرر على إثيوبيا حال قيامها بإجراء أحادي الجانب، وأن التصريحات والتسريبات ماهى إلا بالونات اختبار للضغط على مصر والسودان قبل صدور قرار من الاتحاد الإفريقي، فقرار الملء والتشغيل يجب أن يحظى بتوافق إقليمي ودولي لكي يمكن الاستفادة من الطاقة الكهربائية ومشاريع التنمية، في حين يرى فريق آخر أن الجانب الإثيوبي قصد إثارة البلبلة بعد تأكيده صحة الصور الملتقطة بالأقمار الاصطناعية لسد النهضة التي تظهر ارتفاعا في منسوب المياه، ثم يعود وزير المياه الإثيوبي لينفي التقارير التي نقلت عنه ببدء ملء خزان سد النهضة".
بالون اختبار
قال حاتم بشات عضو النواب المصري ولجنة التعاون والعلاقات الدولية وفض المنازعات بالبرلمان الإفريقي: إن "التصريحات الإثيوبية حول بدء عملية الملء الأول لبحيرة سد النهضة ثم نفيها، هى بالون اختبار لمعرفة رد فعل الجانب المصري، وقد كان رد الخارجية المصرية على تلك التصريحات حاسما".
وحول الصور التي أظهرتها الأقمار الصناعية لعملية الملء قال بشات: "هناك صور للأقمار الصناعية يتم تداولها بالفعل، والجانب السوداني أعلن أيضا أن هناك نقص فعلي في المياه، ومع ذلك لا نستطيع القول أن هناك عملية ملء من عدمه قبل أن يتم عمل كل التحريات حول الموضوع للوقوف على الحقيقة وحتى تكون ردود الأفعال المصرية مبنية على أسس".
وعن القمة الإفريقية المصغرة والتي لم يحدد موعدها أشار عضو البرلمان إلى أن "مصر دائما لديها أمل في نجاح أي مفاوضات، فمازال الهدف الرئيسي لدينا هو التفاوض وفقا لما سينص عليه قرار الاتحاد الإفريقي بعد رفع الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا تقارير الجولة السابقة إلى الاتحاد وهذا هو المبدأ المصري".
إثيوبيا لن تفعلها
وأضاف الخبير الاستراتيجي لـ"سبوتنيك"، "أعتقد أن تلك التصريحات تهدف إلى تهدئة الرأي العام الداخلي، أو تحاول من خلالها الضغط على مصر والسودان أنها ستملأ السد من موقع القوة كما صرحت من قبل، ولا نستبعد أن تصريح وزير الري الإثيوبي حول ملء السد والذي نفاه لاحقا كان يهدف إلى جس نبض الدول الإقليمية والمجتمع الدولي، ومن وجهة نظري أنها تصريحات سياسية تهدف لاستكشاف ردود الأفعال والتأثير على المجتمع الدولي وقرار الاتحاد الإفريقي".
العودة لمجلس الأمن
وتوقع الخبير الاستراتيجي أن "يعود ملف مفاوضات سد النهضة إلى مجلس الأمن مجددا، إذا خرج قرار من الاتحاد الإفريقي لا يتوافق مع الحقوق المشروعة لمصر وهذا بكل تأكيد أن الضرر الأكبر سيكون عل إثيوبيا".
وقف التفاوض
قال وليد ابو زيد ممثل المجموعة المدنية السودانية المناهضة لمخاطر السدود: "نعتقد بأن إثيوبيا بتصرفها المنفرد في ملئ بحيرة سد النهضة دون الوصول لإتفاق بين الأطراف الأخرى "السودان و مصر"، يعد صفعة قوية لمبدأ التفاوض و مدى أهميته لمعالجة القضايا العالقة بين الدول المتحضرة".
وأوضح أبو زيد إلى أن "شواهد كثيرة تؤكد أن إثيوبيا قد اتخذت بعض الإجراءات الفعلية لملء السد بشكل منفرد ومنها بيان وزارة الري السودانية الذي أكد أن انخفاض مستوى المياه المفاجئ يؤكد أن إثيوبيا أغلقت بوابات سد النهضة، مما أدى لإنخفاض منسوب النيل في محطة الديم".
إجراء سوداني
قال الدكتور أحمد المفتي الخبير السوداني في مفاوضات دول حوض النيل: "نفت إثيوبيا أنها بدأت ملء السد بإجراء منفرد، علي الرغم من تأكيد التلفزيون الإثيوبي لذلك، نقلا عن وزير الري الأثيوبي، وذلك أمر تحدده الحكومتان السودانية والمصرية، لأن الأمر لو كان مجرد سقوط أمطار غزيرة، لما أكدت وزارة الري السودانية انخفاض المنسوب في محطة الديم الحدودية بـ 1.27 متر، عن منسوب العام الماضي".
وأوضح الخبير السوداني أن "الإجراء التالي يتمثل في قيام السودان بتكوين لجان لدراسة آثار انخفاض المنسوب 1.27 مترا، وأي انخفاض عن المعدل الطبيعي، لتحديد الأضرار على المواطنين السودانيين، علي طول مجري النهر حتى الحدود السودانية المصرية ، وذلك لتحديد ما يلزم، من تعويضات، وبـ " مشاركة المواطنين " المتضررين، علما بأن إثيوبيا قد التزمت بتلك الدراسات، في إعلان المبادئ".
قال الدكتور أيمن شبانة أستاذ العلوم السياسية ومدير مركز البحوث الإفريقية بجامعة القاهرة في تصريحات سابقة لـ"سبوتنيك": إن "إقدام إثيوبيا على عملية أحادية والقيام بملء السد بصورة منفردة دون التوصل إلى اتفاق بين الأطراف الثلاثة هو بمثابة إعلان حرب من جانب إثيوبيا ضد مصر وهو ما يجعل البديل العسكري مطروحا، نتيجة إضرارها بمصالح مصر الحيوية ولا توجد مصلحة لمصر أهم من مصلحتها المائية، والتأثير على تدفق مياه النيل يعني تهديد المصريين بإبادة جماعية وتهديد الأمن القومي المصري والعربي وكل خطط التنمية في مصر".
الري السودانية
قال بيان لوزارة الري السودانية: "تناقلت وسائل الإعلام المحلية والعالمية معلومات وصور ملتقطة بالأقمار الصناعية تشير إلى بدء إثيوبيا في ملء سد النهضة بالمياه قبل التوصل لاتفاق حول الملء الأول والتشغيل".
وأضاف البيان "تجدد وزارة الري والموارد المائية رفضها لأية إجراءات أحادية الجانب يتخذها أي طرف خصوصا مع استمرار جهود الاتحاد الأفريقي ورئيس جنوب أفريقيا، سيريل راما فوزا، للتوصل إلى توافق ما بين الدول الثلاث في النقاط الخلافية العالقة والتي يمكن الاتفاق حولها إذا توفرت الإرادة السياسية".
الخارجية المصرية
من جانبه قال المستشار أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية في تصريحات صحفية: إن "مصر طلبت إيضاحا رسميا عاجلا من الحكومة الإثيوبية بشأن مدى صحة هذا الأمر، مؤكدا أن مصر تواصل متابعة تطورات ما يتم إثارته في الإعلام حول ملء إثيوبيا السد".
الجولة السابقة
قدمت مصر والسودان وإثيوبيا تقريرها النهائي عن مسار المفاوضات التي استمرت 11 يوما إلى الاتحاد الإفريقي الذي ترأسه جنوب إفريقيا تمهيدا لعقد القمة الإفريقية المصغرة لاستعراض الخلافات الدائرة بين الدول الثلاث حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة.
وقد حضر الجولة السابقة وزراء المياه لكل من مصر والسودان وإثيوبيا وممثلى الدول والمراقبين بهدف التباحث حول اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة، وتضمنت المفاوضات التي انطلقت في الثالث من يوليو الجارى برعاية إفريقية، 9 جولات تفاوضية رئيسية، و 6 جولات تفاوضية في المسارين الفنى والقانونى، إلى جانب 3 جولات عبارة عن اجتماعات للمراقبين مع وفود الدول الثلاث كل على حدة.
وبحسب بيان رسمى لوزارة الرى المصري، لم تستطع اجتماعات اللجان الفنية والقانونية من الدول الثلاث الوصول إلى تفاهمات بشأن النقاط العالقة في المسارين، كما عكست مناقشات اللجان الفنية والقانونية ووزراء المياه بالدول الثلاث استمرار الخلافات حول القضايا الرئيسية بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة.
ومن المقرر أن تعقد القمة المصغرة بعد أسبوع من تاريخ تسليم التقرير، للبدء في الخطوة التالية، وفق تصريحات لوزير الرى والموارد المائية السودانى ياسر عباس.