وقال بيان صدر عن مكتب ممثل الاتحاد الأوروبي لدى السلطة الفلسطينية: "سيمكًن هذا الدعم السلطة الفلسطينية من الوفاء بالتزاماتها تجاه موظفي الخدمة المدنية الفلسطينية في ظل الأزمة المالية الصعبة الناجمة عن وباء "كوفيد-19"، والتطورات السياسية الأخيرة".
وقال مراقبون إن "دعم الاتحاد الأوروبي يحمل رسالة سياسية مفادها أنه ما زال متمسكًا بقناعاته فيما يخص حل الدولتين، في ظل المساعي الإسرائيلية لضم أجزاء من الضفة الغربية، وصفقة أمريكا الاقتصادية".
مساعدة أوروبية
وقال البيان: "في سياق مبادرة فريق أوروبا، قام الاتحاد الأوروبي بتقديم الموعد المعتاد لصرف مساهمته المالية وذلك لتوفير سيولة نقدية ودعم السلطة الفلسطينية لضمان استمرار الخدمات العامة الحيوية دون انقطاع".
وأكد البيان أن هذه المساهمة ممولة بالكامل من الاتحاد الأوروبي وتستهدف موظفي الخدمة المدنية في الضفة الغربية، ومعظمهم في قطاعي الصحة والتعليم، إضافة إلى مخصصات المتقاعدين.
وأفادت الحكومة الفلسطينية بأنها ستدفع نصف الراتب لموظفيها في القطاعين المدني والعسكري عن شهر يونيو الماضي، في ظل استمرار أزمتها المالية بعد خلافات مع إسرائيل التي تخطط لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة.
وقالت وزارة المالية والتخطيط في بيان إنه سيتم صرف راتب كامل لمن تقل رواتبهم عن 1750 شيقلا (508.7 دولار) و50 بالمئة لمن تزيد رواتبهم على ذلك المستوى.
رسالة سياسية
مصطفى الطوسة، المحلل السياسي المقيم في فرنسا، قال إن "التحركات الأوروبية تعكس إرادة دول الاتحاد الأوروبي بالمضي قدما في دعم مؤسسات وهيئات السلطة الوطنية الفلسطينية ومنعها من الانهيار، خاصة في ظل سياسة الضم التي تسعى لها إسرائيل، وأزمة كورونا التي هزت اقتصاديات العالم".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "الخطوات تعكس إرادة الاتحاد أنه يريد أن يبعث للعالم رسالة مفادها أنه بالرغم من التطورات والمقاربات الإسرائيلية والأمريكية الأخيرة ما زال متمسكا بحل الدولتين، وأنه يدعم المؤسسات الفلسطينية لمنعها من الانهيار".
وتابع: "لعل الرسالة يراد منها أن يتم التقاطها في مراكز صنع القرار العالمي سواء الأمريكي أو العربي، أن تحت طائلة الاتفاقات والمنعطفات الأخيرة التي عرفها الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ما زال الاتحاد الأوروبي متمسكًا بقناعته بأنه لا مفر من حل الدولتين في المنطقة".
وأكد أن "هذه الخطوات ذات الطابع والصبغة الاقتصادية تحمل في طياتها رسالة سياسية تعكس سياسة الاتحاد الواضحة، ومدى تمسكه بحل الدولتين، والرسالة وصلت للجميع".
شراكة سلام
من جانبه قال الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلوم السياسية والمستشار الفلسطيني في العلاقات الدولية، إن "الاتحاد الأوروبي ملتزم منذ البداية بدعم الحكومة الفلسطينية وهو شريك رئيس في عملية السلام".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "أوروبا هي الممول الاقتصادي في عملية السلام ولهذا قدمت الكثير من مشروعات البنية التحتية، وبناء المؤسسات والخدمات والتنمية وذلك لدعم الاقتصاد الفلسطيني".
وتابع: "أوروبا ملتزمة بدفع مساهماتها المالية بشكل منتظم منذ تأسيس السلطة الفلسطينية في 1994، لكن هذا الدعم يوجه لقطاعات تنموية محددة".
وأكد أن "تصاعد الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها الحكومة الفلسطينية منذ عدة أشهر، وتحديدا منذ وقف الدعم الأمريكي كليا ثم جائحة كورونا وما تبعها من أزمة احتجاز حكومة الاحتلال لأموال الضرائب الفلسطينية بعد وقف القيادة الفلسطينية كل أشكال الاتصالات مع الاحتلال بسبب قرار الضم للأرض الفلسطينية".
وأشار إلى أن "الحكومة الفلسطينية تمر الآن بأزمة خانقة تجلت في عدم مقدرتها على دفع رواتب الموظفين، والمنحة الأوروبية مقررة ومتفق عليها مسبقا ولكن تقديم موعد صرفها من الاتحاد الأوروبي لتوفير سيولة نقدية ودعم الحكومة الفلسطينية، لضمان استمرارها بالقيام بواجباتها وتوفير الخدمات العامة الحيوية لمواطنيها دون انقطاع".
وأشار شعث إلى أن "ضرورة أن تحذو الدول العربية الشقيقة حذو الاتحاد الأوروبي وترسل مساهمتها المالية للحكومة الفلسطينية وتوفير شبكة أمان مالية ولدعم الصمود الفلسطيني على الأرض"، محذرا "المجتمع الدولي من انهيار النظام الفلسطيني ومشروع الدولة الفلسطينية القائم على فكرة حل الدولتين وأسس عملية السلام وقرارات الشرعية الدولية".
واستطرد: "الدولة الفلسطينية على كامل الأرض المحتلة هي مفتاح السلام والاستقرار في المنطقة والعالم، وكانت السلطة الفلسطينية التي تعاني من تداعيات جائحة فيروس كورونا قد رفضت في مايو الماضي تسلم ضرائب تتولى إسرائيل تحصيلها عن البضائع التي تدخل السوق الفلسطينية من خلالها مقابل عمولة".