ومنذ فترة طويلة لم تنقطع المفاوضات بين الجانبين، وإن توقفت بعض الوقت، لكن الملفات العالقة كما هي وعلى رأسها الملف النفطي والمستحقات المالية لأربيل لدى الحكومة الاتحادية في بغداد... فمتى تحل الملفات العالقة بين الجانبين؟.
يقول النائب في البرلمان العراقي أمين بكر: "المفاوضات بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية في بغداد لم تنقطع، ومنذ أيام هناك أكثر من وفد سياسي واقتصادي في العاصمة".
وأشار إلى أن الملفات والأزمات بين الجانبين ليست وليدة اليوم، وعملية تأخر صرف مرتبات الموظفين كانت على رأس النقاشات، حيث شهدت مدن السليمانية وأربيل تظاهرات كبيرة خلال الأيام الماضية راح ضحيتها عدد من المحتجين وأصيب العشرات، وعندما أرادت أربيل معالجة الوضع تم صرف المرتبات بشكل جزئي.
استعدادات الجانبين
وأضاف لـ"سبوتنيك": هذا الأمر والمتعلق بصرف الرواتب تفاقم خلال الشهور الماضية، فهل لدى حكومة الإقليم الاستعداد لحل ملف مستحقات الإقليم مع الحكومة الاتحادية، خصوصا وأنها مرتبطة باتفاقية نفطية مع تركيا وبعقود لمدة 50 عاما، في ذات الوقت تريد الحكومة العراقية استخدام الوضع الاقتصادي في الإقليم كورقة ضغط على أربيل للتنازل لها عن الصلاحيات النفطية أو ما يعرف بإدارة النفط، وفي ظل تلك المناورات السياسية، فإن المتضرر الوحيد هو الشعب العراقي والموظفين الذين ينتظرون الرواتب ومستحقي الرعاية الاجتماعية.
وأوضح عضو البرلمان أن "الحكومة الاتحادية تطلب بشكل صريح من حكومة الإقليم ملف النفط أو على الأقل بيع نفط الإقليم من خلال شركة النفط العراقية "سومو"، على أن يبقى الإنتاج بيد أربيل والبيع والمتحصلات عن طريق الشركة العراقية، وهنا ستبقى حكومة الإقليم ملتزمة بدفع مستحقات الشركات النفطية والمقدرة بملايين الدولارات شهريا، والتي تصل إلى ما يقارب 25 بالمئة من الإيرادات النفطية، وهذا لن يكون بيد الإقليم للوفاء بمستحقات الشركات".
وتابع: "لذا فإن ملف النفط يسير وفق المد والجزر بين الطرفين، كما دخلت الأحزاب الشيعية على الخط بالضغط على الحكومة الاتحادية حتى لا تقدم تنازلات للإقليم فيما يتعلق بإرسال مستحقاته وحصته المالية في الموازنة العامة للدولة".
أوراق ضغط
وحول ما قد يؤدي إليه استمرار الأزمات بين أربيل وبغداد، قال بكر: "لا أعتقد أن التصعيد يمكن أن يصل إلى مراحل الصدام، وكما تعلم أنه عندما أجرى الإقليم عملية استفتاء، لم تكن تلك العملية في صالحه بل أدت إلى إضعاف دور الإقليم فيما بعد، حيث أن الكثير من الأوراق التي كانت بيد أربيل لم تعد بنفس المستوى".
ولفت إلى أن "المشكلة بين الطرفين لها ثلاث جوانب، أولها موضوع توزيع الصلاحيات أو عمليات التفسير المختلفة لبعض النصوص الدستورية، خاصة في مجال بيع النفط والإيرادات المالية، الحكومة الاتحادية تتعامل كحكومة مركزية بالنسبة للصلاحيات المالية وإدارة الملف النفطي، والجانب الثاني هو أنه يجب أن تكون هناك سياسة مشتركة بين الإقليم وبين المحافظات الأخرى المنتجة للنفط والحكومة الاتحادية، والآن الحكومة الاتحادية تسيطر وتهيمن على السياسة النقدية بشكل كامل، هذا بجانب الضغط من أجل تقليل الصلاحيات والضغط على الإقليم من أجل إعادته إلى حضن الحكومة الاتحادية".
ونوة بكر إلى أن "الجانب الثالث في أسباب الخلافات هو الفساد المالي، الكثير من الأحزاب وبخاصة الحزب الديمقراطي والحزب الاتحادي في الإقليم تورطوا وتوغلوا في الفساد المالي والهيمنة على مال الإقليم لصالحهم، بل واستخدام المال العام لشراء النفوس والذمم، وفي نفس الوقت لا يريدون التنازل عن بعض الصلاحيات لحكومة الاتحاد".
النزعة الاستقلالية
من جانبه أكد استاذ العلوم السياسية بجامعة النهرين العراقية الدكتور قحطان الخفاجي، أن " الأزمات بين أربيل وبغداد هى سياسية في الأساس وليست اقتصادية، بعد سعي الأكراد لفرض حالة الاستقلال والتحول إلى دولة مستقلة، لذا فهم يحاولون أن يبتزوا العراق قدر المستطاع".
وأضاف لـ"سبوتنيك"، "أما الجانب العراقي فيحاول الضغط على الجانب الكردي من أجل إثناءه عن توجهاته و اندفاعاته الاستقلالية والانفصالية، والجانب الاقتصادي ضعيف عند الطرفين، فهذا يضغط من أجل الرواتب والدعم وهذا يطالب بالسيطرة الإدارية، لذا فنحن نقول أن الخلاف في الأساس هو سياسي".
ويشهد إقليم كردستان العراق توترا بسبب الاحتجاجات الشعبية المطالبة بمكافحة الفساد والإفراج عن رواتب الموظفين.
ويلجأ المحتجون إلى إضرام النار بالمقار الحزبية والمؤسسات الحكومية في مسعى للضغط على السلطات في الإقليم لتحسين واقعهم المعيشي.
ودخلت الحكومة العراقية على خط الاحتجاجات التي يشهدها إقليم كردستان العراق منذ فترة.
وفي هذا الصدد أفاد مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي الخميس الماضي أنه لا يجب أن تتداخل الخلافات السياسية مع الوضع المعيشي للمواطن.
وطالب الأعرجي الحكومة المركزية وحكومة اقليم كردستان بالقيام بجهود كي لا تؤثر الخلافات السياسية بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان على قوت المواطن وعلى وضعه الاقتصادي والاجتماعي.
وخلال لقائه بوفد إقليم كردستان برئاسة قوباد طالباني نائب رئيس حكومة الإقليم اكد الأعرجي على "أهمية العمل على أن لا تؤثر الخلافات السياسية واختلاف وجهات النظر على قوت المواطن، فلا ذنب للمواطن بما يحدث من تداعيات نتيجة الخلافات السياسية".
وتناول اللقاء بين الطرفين الأسبوع الماضي أبرز الملفات العالقة وضرورة تصحيح العلاقة بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان العراق.
