وعزا الكثير من سكان المدينة الواقعة في أقصى الشمال الشرقي من سوريا، والتي تشهد وجود قوات أمريكية وتركية وميليشيات مسلحة موالية لهما، بأن اختفاء الفرح عن مدينتهم الصغيرة بمساحتها كمدينة، والكبيرة بحجمها الاقتصادي والزراعي بالنسبة لسوريا، يعود لأسباب كثيرة أهمها الحرب والحصار وتحكم الميليشيات بمصالحها وثرواتها.
عام 2020 الذي مر على سكان الحسكة بأكثر من 18 انقطاعا لمياه الشرب عن سكانها لفترات طويلة، نتيجة تحكم الميليشيات "التركمانية" الخاضعة للجيش التركي بمصدرها الوحيد في مشروع أبار علوك بريف رأس العين، وسيطرة تنظيم "قسد" على محطة الحمة، كما لم ينعموا فيه بالكهرباء نتيجة وجود مصادرها بأيدي تنظيم "قسد"، وبحال صحي سيئ نتيجة تفشي فايروس "كورونا" مع افتقار مدينتهم للمؤسسات الصحية الحكومية التي سيطر عليها من التنظيم.
ودعوا 2020 بغصة كبيرة على محاصيلهم الزراعية التي أحرقت أمام أنظارهم بفعل فاعل أو عبر الطائرات الأمريكية التي منعتهم من تسويق ما حصدوه مما بقي من محصول القمح في سياق تشديد الخناق والحصار على ملايين السوريين.
الحصار والحرب
يقول الشاب عبد المسيح لاو: نعاني في مدينة الحسكة من آثار الحصار والحرب لذلك اختفت مظاهر الفرح بأعياد الميلاد ورأس السنة ومجمل الأعياد بأنواعها وأعراقها، وبين لاو لـ"سبوتنيك": "هناك تواجد أمريكي وتركي واللذان يؤثران على حياتنا واقتصادنا بشكل مباشر عبر ميليشياتهم المسلحة (الكردية) و(التركمانية)، بل اقتصاد سوريا كلها لأن الحسكة هي الخزان الأهم للنفط والقمح للسوريين، إضافة للحصار الجائر وفق قانون (قيصر) الأمريكي الذي أدى لغلاء الأسعار وفقدان المواد والدواء"، على حد تعبيره.
يضيف الشاب عبدالمسيح متمنياً بأن يكون العام الجديد عام تحرير لكل سوريا وخروج القوات الأمريكية والتركية وأن تعود جميع الأراضي السورية بما فيها حقول النفط والغاز والقمح لنستطيع أن نعيد أيام التي كنا نعيشها بالفرح وبالسعادة والأعياد، وتمنى الرحمة للشهداء "وخصوصا شهداء الحافلة الذين ارتقوا بالعمل الإرهابي الجبان على طريق عام ديرالزور - تدمر الذين استشهدوا بأيدي أمريكية – داعشية"، على حد قوله.
المدينة كئيبة
من جانبه، قال حسن إدريس، من أبناء المدينة، ـ"سبوتنيك" اختفاء الأفراح يعود لأنفسنا التي تعبت من الحرب، حرب عمرها عشر سنوات، وإلى الغلاء الفاحش نتيجة وجود الاحتلال وتحكم القوى الخارجة عن سلطة الدولة السورية، خصوصاً ما يسمى "الإدارة الذاتية" التي يقودها تنظيم "قسد" المتعاون مع الجيش الأمريكي.
مضيفاً: "الحسكة أصبحت مدينة كئيبة بعد أن كانت جميلة جداً بتعددها مكوناتها وطوائفها الكل يحتفل ويفرح من أجل الكل، عرب وكرد وسريان، مسلمين ومسيحيين وأزيديين، اليوم حتى المسيحيين لن يحتفلوا بأعياد الميلاد ورأس السنة، كانت سنة حزينة جداً".
اختفت العائلة
وشرحت السيدة أم راشيل أسباب عدم وجود الأفراح، في حديثها لـ"سبوتنيك" بان أهم أسبابه انتشار وباء "كورونا" والذي انتشر في كل العالم وحالات الحظر المتكرر وغير المدروس مما يسمى سلطة أمر الواقع (الكردية)، إضافة لظروف الحرب على السوريين الذين تحولوا نتيجة أطالت عمرها المقصود إلى مهاجر ومغترب ونازح، لم تبقى عائلة سورية متكاملة بكل أبنائها.
تتابع أم راشيل والسبب الثالث هو الغلاء الفاحش في الأسعار "إذا قلت مرحبا لأحدهم يقلك دولار"، تقولها بتنهيدة قوية: "هذه وهي هذبت الــ 2020، بكل مآسيها وأحزانها، نتمنى أن تكون سنة عام 2021 عام الخلاص من الوباء والحرب والحصار وأن يعم الخير والسلام بلادنا سوريا وكل إجراء العالم".
في حين شاطر أفرام عكال وهو صاحب محل لبيع الإكسسوارات وسط المدينة، أم راشيل في شرح الأسباب والمسببات، موضحاً لـ"سبوتنيك" بأن أبناء الحسكة كانت معاناتهم من نوعاً أخر خلال عام 2020، "المسلحين الخاضعين للجيش التركي يقطعون علينا المياه بشكل متكرر، ولا وجود للكهرباء بشكلها الصحيح، همي الأكبر الآن ليس مظاهر الفرح، بل هو إملاء خزان المنزل بالمياه الصالحة للشرب".
يتابع أفرام حديثه "الحسكة كئيبة وحزينة من كل النواحي، لا يوجد حركة للبيع أو الشراء والتبضع لدى الناس، وإن وجدت تكون بشكل خجول وقليل وهي على عكس السنوات الماضية والتي كانت فيها المعارك قريبة وقذائف الهاون تسقط علينا".
يشار إلى أن الجيش الأمريكي ومسلحيه من تنظيم "قسد" قام خلال السنوات الماضية بالسيطرة على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والمباني الحكومية التابعة للدولة السورية في منطقة شرق الفرات السورية، أو من أملاك السكان الخاصة من منازل وأراض ومعامل وسيارات إضافة لإغلاق المدارس التعليمية والمشافي العامة والتضييق على سكان منطقة شرق الفرات من خلال قوانينه الجائرة والتي يفرضها بالقوة بمساندة القوات الأمريكية.
وتشهد المناطق حالة من الانتفاضة الشعبية العشائرية ضد ممارساتهما التي تتركز على سرقة النفط والغاز والثروات الباطنية، وفرض التجنيد الإجباري على شبانها بقوة السلاح، وفرض قوانين خاصة بها وفرض الضرائب والأتاوت على السكان.
