وأفادت صحيفة "هآرتس" العبرية، قبل أيام بأن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لم يستجب لطلب أردني بشأن إمدادات المياه من إسرائيل إلى المملكة.
ورغم عدم رد إسرائيل بشكل رسمي، بدأ الأردن في البحث عن خيارات للتزود بالمياه تحسبًا لرفض تل أبيب، فيما قال مراقبون إن الخيارات محدودة جدًا، وفي مقدمتها استنزاف كميات أكبر من المياه الجوفية.
وكان الأردن، ومن خلال وزارة المياه والري، طلب إمدادات مياه إضافية لأغراض الشرب بما مجموعه 8 ملايين متر مكعب من إسرائيل، من خلال اللجان الأردنية – الإسرائيلية المشتركة، وهي كميات إضافية عن تلك الكميات المتفق عليها عبر معاهدة السلام المشتركة بين الطرفين، وذلك على خلفية تواضع الموسم المطري الحالي، لا سيما وأن معدل الهطل المطري خلال موسم الشتاء الحالي وحتى الوقت الراهن، لم يتجاوز ما نسبته 60 % من المعدل السنوي طويل الأمد والبالغ 8196.8 مليون.
أزمة قائمة وخيارات متاحة
وذكرت "هآرتس"، الجمعة الماضية، أن نتنياهو امتنع عن الاستجابة للطلب الأردني، رغم توصية مختصين في سلطة المياه الإسرائيلية والجهاز الأمني بإعطاء رد إيجابي، مشيرة إلى أن رد نتنياهو هذا، يعكس عمق الأزمة بين البلدين، والتي تبدو أيضا أنها تنعكس كخلاف شخصي بين رئيس الحكومة الإسرائيلية والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني.
وأكدت وزارة المياه والري الأردنية دراستها خيارات للمضي ضمن مختلف السيناريوهات المتاحة لتلبية كميات المياه اللازمة والاحتياجات المائية الضرورية لأغراض الشرب، في حال لم تتم الاستجابة من الجانب الإسرائيلي لطلب الأردن بزيادة إمدادات المياه منه، وفقا لصحيفة الغد الأردنية.
وقالت أمين عام سلطة وادي الأردن، المهندسة منار محاسنة، إن الأردن لم يتلق حتى الآن رفضا رسميا من الجانب الإسرائيلي بخصوص طلب كميات المياه الإضافية للشرب، من خلال اللجان الأردنية – الإسرائيلية المشتركة.
وأكدت محاسنة توفر خيارات أخرى لدى وزارة المياه والري، لتأمين الاحتياجات الضرورية من المياه المخصصة للشرب، مشيرة إلى أنها قامت بحجز مياه سد الوحدة وعدم إسالتها، وذلك لاستغلالها كمخزون استراتيجي واستخدامها صيفا في حال مواجهة أي تحديات، وذلك جنبا إلى جنب التنسيق مع سلطة المياه بخصوص تشغيل وتطوير مصادر مياه مثل آبار المخيبة وغيرها.
خيارات محدودة
ويؤكد الدكتور إلياس سلامة، خبير وأستاذ علوم المياه في الجامعة الأردنية، أن "أزمة المياه بين الأردن وإسرائيل ستؤثر بشكل كبير على المملكة، موضحًا أن الأردن لا يملك خيرات كثيرة لتوفير المياه.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن مياه الأردن مستنزفة بشكل كلي، والمياه الجوفية تحت الاستخدام، ويضخ منها أكثر من طاقتها بكثير، ولا حل الآن سوى استنزاف المياه الجوفية بشكل أكبر، وهو الحل الوحيد الآني في العام الحالي والمقبل.
ويرى أن الخيارات محدود لتوفير المياه، خاصة أن الأردن من الدول الفقيرة مائيًا، كاشفًا إمكانية تحلية مياه البحر في خليج العقبة، وضخها للمدن الأردنية للاستخدام، لكن هذا الخيار يحتاج إلى بضع سنوات وتجهيزات ضخمة.
وبشأن إمكانية الاستعانة بدول مجاورة للتخلص من الأزمة، أوضح سلامة أن الدولة الوحيدة التي يمكنها مساعدة الأردن سوريا، والتي تستخدم المياه من نهر اليرموك، لكنها تستنزفها في الزراعة والأغراض الأخرى، وهي غير مستعدة حاليًا لمشاركتها مع الأردن، مضيفًا أن باقي الدول المجاورة لا يوجد بها أي مصادر مائية مشتركة مع الأردن.
بدوره يرى عضو البرلمان الأردني السابق، الدكتور نضال الطعاني، أن الأزمة المائية القائمة بين الأردن وإسرائيل تأتي بسبب التوتر السياسي بينهما في الفترة الأخيرة على خلفية منع نتنياهو زيارة ولي العهد الأردني للمقدسات الإسلامية في ذكرى الإسراء والمعراج، وكذلك منع الملك مرور طائرة رئيس وزراء إسرائيل عبر الأجواء الأردنية إلى الإمارات.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن بنيامين نتنياهو لا يحترم المواثيق الدولية، ويحاول تصدير أزماته الداخلية إلى الأردن، وكذلك تعقيد عملية السلام، عبر محاولات ضم غور الأردن، ومحاولة مناقشة بعض الدول العربية بشأن الوصاية على المقدسات الدينية، وهو ما لن تسمح به الأردن.
وأكد الطعاني أن معاهدة وادي عربة سمحت للأردن تخزين المياه في الشتاء ببحيرة طبرية، وتعطى للأردن عند الحاجة، مشيرًا إلى أن هناك تنسيقًا مستمرًا بين الجانبين الأردني والإسرائيلي بموضوع المياه، والذي يعتبر شريان الحياة بالنسبة للأردن والأردنيين.
ورأى أن: "منع إسرائيل تزويد الأردن بالمياه لن يمر مرور الكرام، وستضغط كل الدول الداعمة لعمان ولعملية السلام على إسرائيل للعدول عن هذه التصرفات المزعجة، كما سيقود العاهل الأردني الحرب السياسية".
ووفقا لاتفاقية سلام وادي عربة التي وقعت عام 1994، فإنه يحق للأردن طلب مياه إضافية من إسرائيل قدرها 35 مليون متر مكعب سنويا، إضافة للمياه المخزنة ببحيرة طبريا خلال فصل الشتاء، لكن إسرائيل ليست ملزمة بذلك.
وفي عام 2010، اتفق الأردن على شراء 10 ملايين متر مكعب إضافية من المياه من إسرائيل، وبذلك تصل الكمية السنوية من المياه التي تزودها إسرائيل للأردن إلى 45 مليون متر مكعب سنويا.
وتفاقمت الأزمة بين إسرائيل والأردن خلال الأسابيع الأخيرة، على خلفية خلاف على الترتيبات الأمنية لزيارة كان مخطط لها لولي العهد الأردني الحسين بن عبد الله إلى الحرم القدسي، تبعها منع الأردن مرور رحلة جوية مقررة لنتنياهو إلى الإمارات عبر أجوائه ما أدى إلى إرجاء الزيارة.