منذ مطلع العام الجاري، كثف المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث من تحركاته الدبلوماسية بغرض إقناع أطراف الصراع بوقف إطلاق النار، تمهيدا للدخول في مفاوضات حل الأزمة، ولم ينجح في الوصول إلى آلية لجعل الحكومة وأنصار الله ينخرطان في مفاوضات تمهيدا لصنع اتفاق ينهي الأزمة بشكل سلمي، أو الاتفاق على آلية لفتح مطار صنعاء الدولي وتسليم مرتبات موظفي الدولة وتدفق الوقود.
ويوضح المحلل السياسي اليمني إبراهيم السراجي، أن هناك تناول خاطىء في وسائل الإعلام لما يجري في اليمن، حيث يتم الحديث بين فترة وأخرى عن تصعيد وتهدئة، وهو ما يخالف الواقع الذي يجري على الأرض، عندما تتراجع دول العدوان في الجبهات، فإن إعلامهم يتحدث عن تصعيد، والعكس إذا تقدموا في بعض المواقع.
تراجع التحالف
وأضاف السراجي في حديثه لـ"سبوتنيك"، ما يحدث الآن هو ما شاهدناه خلال 6 سنوات في مأرب والجوف وغيرها من المناطق، لكن الفترة الحالية هى فترة تراجع تحالف العدوان، وبالتالي يتم تناوله من قبل إعلامهم وتصويره على أنه تصعيد، ونظرا لما تمثله محافظة مأرب من أهمية اقتصادية واستراتيجية، يقال يوميا إن هناك تصعيد من أجل لفت انتباه العالم إلى ما يحدث وتسويق ما يريدون من أجل النيل من الجيش واللجان الشعبية.
مبادرات المقايضة
وحول رفض صنعاء لمبادرات السلام قال السراجي، لم تكن هناك مبادرات سلام على الإطلاق، وكل ما تم تسويقه إعلاميا لا يتعدى مبادرات لإنقاذ تحالف العدوان في مأرب فقط، وبالتالي هم يريدون وقف إطلاق النار وليس وقف الحرب، لذا هم يقومون بالزج بالقضايا الإنسانية في قضايا الحرب، وربط موضوع مطار صنعاء وميناء الحديدة والمشتقات النفطية بوقف إطلاق النار، الأمر الذي جعل هناك ابتزاز واضح بأن وقف توجهنا نحو مأرب يقابله السماح بدخول المشتقات النفطية.
وأكد المحلل السياسي، أن كل المبادرات التي جرى الحديث عنها لم تحمل أي نقاط واضحة للحل النهائي وإنما هي مقايضة ليست مقبولة بالنسبة لصنعاء، لذا فإن السلام لن يتحقق إلا عندما يؤمن الأمريكان والسعوديون بأنهم غير قادرين على تحقيق الانتصار فعلا وغير قادرين على التحايل على العملية السياسية، عندما يتحقق ذلك سيكون هناك حل ووقف كامل للحرب، يتمخض عنه حكومة شراكة بين جميع الفرقاء السياسيين بدون تدخل خارجي، وأن يكون هناك إعلان صريح بوقف الحرب، وإسقاط قرار مجلس الأمن 2216.
مشهد معقد
من جانبه قال رئيس تجمع القوى المدنية الجنوبية عبد الكريم سالم الساعدي، الحقيقة إن الأوضاع بعد فشل دعوة مسقط للحوار دخلت في منعطف جديد عقد المشهد.
وأضاف لـ"سبوتنيك"، إن فشل تلك المحادثات من جديد هو نتيجة الصراع في اليمن والذي بات إقليميا بإمتياز، ولم تعد الأطراف اليمنية تمتلك الكثير من مقومات القرار في توجيه دفة هذا الصراع، وإن ادعت غير ذلك.
وقال الساعدي، لا أظن أن استبدال المبعوث الأممي غريفيث بسواه سيحل معضلة اليمن، إذا لم تتفق الأطراف الدولية وأدواتها الإقليمية على وقف التدخلات في الصراع الداخلي اليمني، ووقف تكديس السلاح بأيدي مليشياتها في الداخل، ومنح اليمنيين فرصة حل مشاكلهم بأنفسهم ومساعدتهم على ذلك.
الرهان الخاسر
وتابع: مع خطورة وتعقد الأوضاع، أرى من وجهة نظري، أن الأمل في حل معضلة اليمن، مازال ممكنا من خلال توفر الأسباب التي أردناها سلفا، ومن خلال الاقتراب أكثر إلى حقيقة أسباب الصراع وأبعاده المحلية والإقليمية، ومن خلال عدم الرهان على فرض الأمر الواقع بالقوة، والاتجاه إلى الحل السياسي الذي لايتجاوز الثوابت الوطنية ويحفظ هوية اليمن العربية والإسلامية.
وقال وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، إن "المبادرة تتضمن فتح مطار صنعاء لعدد محدد من الوجهات، وتخصيص الإيرادات في دفع رواتب الموظفين"؛ داعيا "الحكومة الشرعية والحوثيين للقبول بمبادرة إنهاء الأزمة"؛ معتبرا أنها "الحل الوحيد للخروج بحل سياسي".
وأكد الوزير ابن فرحان أن "المبادرة سارية منذ الآن وننتظر قبول الحوثيين"، داعياً الحوثيين إلى "الالتزام بوقف إطلاق النار حماية للشعب اليمني"؛ مشدداً على أن "وقف إطلاق النار سيساعدنا للانتقال إلى مناقشة الحل السياسي في اليمن. وعلى الحوثيين أن يقرروا ما إذا كانوا سيضعون مصلحتهم أولا أم مصالح إيران".
وتوقع الوزير السعودي "دعم واشنطن والمجتمع الدولي لمبادرة إنهاء الأزمة باليمن"؛ معتبراً أن "التدخلات الإيرانية هي السبب الرئيسي في إطالة أزمة اليمن".
وتقود السعودية، منذ 26 آذار/مارس 2015، تحالفا عسكريا من دول عربية وإسلامية، دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في سعيها لاستعادة العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في شمال وغرب اليمن، سيطرت عليها جماعة "أنصار الله" في أواخر 2014، أبرزها العاصمة صنعاء.