في ديسمبر/ كانون الأول عام 2020، انعقد مؤتمر دعم الشعب اللبناني عبر تقنية الفيديو، تلبية للدعوة المشتركة التي أطلقها كل من رئيس الجمهورية الفرنسية والأمين العام للأمم المتحدة.
ورغم المؤتمرات التي عقدت أيضا خلال العام الجاري من أجل لبنان، إلا أن النتائج لم تصل للتوقعات التي صاحبت المؤتمر الأول في ديسمبر 2020.
عام على الانفجار
قال أيمن عمر، الخبير الاقتصادي اللبناني، إنه بعد مرور عام على انفجار المرفأ في 4 أغسطس/ آب 2020، وطرح المبادرة الفرنسية التي قدمها الرئيس الفرنسي للخروج من الأزمة، لم يحدث أي تقدم يذكر على مستوى الحلول والعلاج.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الانهيار غير مسبوق وهو من ضمن أسوأ ثلاثة انهيارات ضمن تاريخ البشرية، اجتاح كل القطاعات، وشمل كل مقومات الحياة الأساسية حتى وصل إلى رغيف الخبز.
ويضاف إلى ذلك وجود خطر يهدد مياه الشرب، بعدما بلغ سعر الصرف عتبة الـ 20 ألف ليرة، بعد أن كان يوم الانفجار 8200 ليرة للدولار.
خطة نظرية وتحذيرات سابقة
وبشأن المبادرة الفرنسية أوضح عمر، أنها اقتصرت حتى الآن على تقديم خطة نظرية مجردة، يتوقف تنفيذها على تشكيل حكومة أطلقوا عليها وصف حكومة "مهمة".
ولفت إلى أنه حذر من الوضع الراهن عند زيارة ماكرون إلى لبنان عقب الانفجار بالقول إن: "هذه العراضات الشعبوية التي قام بها ماكرون لن تسمن ولن تغني من جوع، وجل ما يمكن تقديمه من فرنسا للبنان في هذه المرحلة هو تقديم بعض المساعدات الإنسانية والغذائية".
ويرى أن فرنسا لا تزال تسعى إلى حل الأزمة في لبنان ولجم الانهيار عبر الضغط على المسؤولين فيه والتلويح بسيف العقوبات عليهم، ولكنها لم ترتق إلى مستوى الفعل والتنفيذ، كما أن مبادرتها تصطدم بتعاطي القوى السياسية مع مبادرتها القائمة على تشكيل حكومة تعيد الثقة والانتظام العام.
وبعض هذه القوى السياسية يتعاطى، رغم الانهيار المأساوي، مع عملية تشكيل الحكومة ضمن المحاصصة والمذهبية، والحصول على مكتسبات وتسجيل النقاط لتثبيت تموضعها خلال فترة ما قبل الانتخابات النيابية والرئاسية، التي أصبحت على الأبواب.
أيمن عمر: الأزمة في لبنان ظاهرها اقتصادي ومالي، لكن في جوهرها هي أزمة نظام غير قادر على إنتاج الحلول، وذلك بسبب اختلالات متجذرة في هيكليته.
وتابع: "الأزمة في لبنان أزمة كيان بتنوع ديمغرافي لم يستطع كسر الحواجز الطائفية والمذهبية فيه، وعقاب خارجي فرضته السياسة الأمريكية في خنقها لخصومها قبل وجود المسببات الداخلية".
ومضى بقوله: "يبدو أن القرار الأمريكي بحل الأزمة في لبنان لم يتم اتخاذه بعد، ومن ثم فإن فرنسا مهما بذلت من محاولات للحل ستبقى عقيمة إلى حد ما لم تتخذ الإدارة الأمريكية القرار بحل الأزمة".
صراع على الثروات
وقال وسيم بزي، المحلل السياسي اللبناني، إن وضع الدعم الفرنسي إلى لبنان يمكن تقسيمه إلى شقين:
- الأول هو الارتباط التاريخي بين لبنان وفرنسا، التي مثلت فيه فرنسا دور " الأم الحنون" ، وهو متعلق بأسباب وجودية خاصة أن الجنرال الفرنسي هنري غورو، هو من أعلن دولة لبنان الكبير منذ مئة عام.
- أما الشق الثاني، بحسب المحلل اللبناني، فهو مرتبط بالصراع على البحر المتوسط وثرواته في هذه المرحلة، خاصة أن ثروات الجزء اللبناني من المتوسط من النفط والغاز فيها الكثير من الآمال.
محاولة العودة
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/ آب عام ٢٠٢٠ أكبر محاولة فرنسية للعودة والرسو الاستراتيجي على الشاطئ اللبناني.
- منذ ذلك الحين تتخبط إدارة ماكرون في تناقضات الداخل اللبناني والأزمة السياسية العميقة، التي يعيشها البلد من جهة، وبين الصراع الكبير المندلع في المنطقة من جهة أخرى.
ويرى أن لبنان مساحة جوهرية في قلب الصراع، وفي هذا الجزء ورغم تفويض الرئيس الأمريكي جو بايدن لماكرون، إلا أن الموقف الأمريكي غير واضح ومن خلفه السعودي في إطار عرقلة الجهود الفرنسية.
الموقف الحالي
وبشأن الموقف الحالي يشير بزي، إلى أن فرنسا تقف بكل ثقلها خلف رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، وأن الرئيس ماكرون شخصيا يتابع تعقيدات المشهد الحكومي بين الرئيسين عون وميقاتي.
وفي ديسمبر 2020 حث ماكرون السياسيين اللبنانيين على تشكيل حكومة، وبعد يومين، وضع المانحون الدوليون خطة استجابة للانفجار بقيمة 2.5 مليار دولار على مدار 18 شهرا، لكنهم حثوا على "إحراز تقدم موثوق في الإصلاحات" أولا.
وفي أغسطس 2020، في ختام جولته إلى لبنان، وفي مؤتمر صحفي عقده من القصر الجمهوري في بعبدا، بعد مشاورات مع المسؤولين في لبنان، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وقوف بلاده إلى جانب لبنان في محنته.
ولم تتمكن الأطراف اللبنانية من تشكيل حكومة بعد استقالة الحكومة، وكذلك اعتذار الحريري عن تشكيل الحكومة بعد فشل التوافق.