يختلف الأديب المصري خيري شلبي عن أبناء عصره من الكتاب والأدباء، يعرف نفسه بجملة واحدة فيقول "ما أنا إلا حكواتي سريح، شرير ومجنون، ولو كنت عاقل مكنتش هأبقى خيري شلبي".
ويعد الـ"عم خيري"، كما كان يسميه تلاميذه، أحد أبرز كتاب جيل الستينيات وأغزرهم إنتاجا، ترجمت أعماله إلى الإنجليزية والفرنسية والروسية وغيرها من اللغات.
عاش ومات بسيطا، لكنه بقي خالدا في الذاكرة الشعبية المصرية، التي كانت هي همه الأول، يكتب عن الفقراء وحياتهم وآمالهم، مشكلا مشروعه الأدبي على ركيزتين أساسيتين وهما رصد التغيرات التي أصابت القرية المصرية، خاصة في سنوات الأربعينات والستينات، وتقديم صورة جديدة للريف المصري، غير رومانسية كالتي كتب عنها قبلها، خاصة كتابات الأديب المصري عبد الرحمن الشرقاوي، بل كتب شلبي عن هذه الفترة التي شهدت تغيرات كبيرة في القرية المصرية، والتحولات التي أثرت فيها، وهو ما كان واضحا بقوة في روايته الأشهر "الوتد".
أما الركيزة الثانية التي تشكل بها مشروع الـ"عم خيري" الأدبي هو الكتابة عن المهمشين داخل المدينة، (القاهرة) مبتعدا عن قلب المدينة الذي كتب عنه الكثير من أبناء جيله، فكتب عن المهمشين وخاصة سكان المقابر، (يسكن حوالي 2 مليون مواطن مقابر القاهرة التاريخية)، وظهر ذلك بشكل واضح في روايته "منامات عم أحمد السماك"، وكذلك روايته "وكالة عطية" التي تحكي عن مبنى قديم يؤوي متشردين لكل منهم قصته الخاصة وعالمه الغريب.
وظل الـ"عم خيري" حريصا على هذا الإلتزام حتى رحل عن عالمنا في عمر يناهز 73، عام 2011، بعدما فاجأته أزمة قلبية حادة.
يتحدث عن نفسه فيقول: "أنا ابن الخيال الشعبي والسير والملاحم والفلكلور، مولع بالتفاصيل الدقيقة و أحشدها في أبنية ذات شعب موصولة بالمسكوت عنه من الواقع الإنساني المؤلم والساحر في آن، فأنا ابن الفلكلور المصري الذي رسخ في وعي طفولتي المبكرة أن لي أختا تحت الأرض يجب أن أحنو عليها وأن أترك لها لقمة تقع من يدي، إن كل ما كتبته من قصص وروايات أنا في الواقع أغوص فيها على صعيد الوقائع الحياتية التي أكاد أزعم بالفعل أن كل ما كتبته من رواية أو حتى أقصوصة من نصف صفحة كان تجربة فنية نابعة من تجربة حياتية".
الطفل المولود في 31 يناير/ كانون الثاني 1938، بإحدى قرى محافظة كفر الشيخ بدلتا مصر، ابن نكته خفيف الظل، يحب كرة القدم، ويعشق نادي الزمالك، عمل في بداية حياته كمحصل تذاكر "كمسري"، وعامل بمقهى "قهوجي"، وأيضا عامل تراحيل، وكان هذا جزء أصيل لتكوين انحيازاته الأدبية والسياسية، فحتي مع أنه لم ينضم يوما لحزب أو تنظيم سياسي وإن كان أقرب دائما إلى اليسار في كتاباته.
تحتفظ المكتبة لـ"عم خيري" ما يزيد على 70 كتابا، خلال مسيرته الإبداعية التي استمرت لسنوات طويلة، وكان متنوعا في انتاجا، بل واعتبره قطاع كبير من النقاد رائدا للفانتازيا التاريخية في الرواية العربية المعاصرة.
وكتب شلبي الرواية، والقصة والمسرح، وكذلك أنتج كتبا ودراسات في النقد الأدبي، و رشحته مؤسسة "إمباسادورز" الكندية للحصول على جائزة نوبل للآداب، ومن أشهر رواياته "السنيورة"، "الأوباش"، "الشطار"، "الوتد"، و ثلاثية الأمالى:(أولنا ولد- وثانينا الكومى-وثالثنا الورق)، و"بطن البقرة"، "زهرة الخشخاش"، و"وكالة عطية"، و"صحراء المماليك"، وغيرهم.
ومن إسهامات الـ"عم خيري" في القصة القصيرة "صاحب السعادة اللص"، و"المنحنى الخطر"، و"سارق الفرح"، وغيرهم.
وكتب شلبي كذلك المسرح ، وله اسهامات كبيرة فيه، ومن أبز ما كتبه للمسرح "صياد اللولي"، "غنائية سوناتا الأول"، "المخربشين"، وفي المسرح تحديدا يعد شلبي واحد من أهم الباحثين المسرحيين، إذ انشغل بالبحث في المسرح، وكنوزه، وتمكن من اكتشاف أكثر من مائتى مسرحية مطبوعة في القرن التاسع عشر وأواسط القرن العشرين، وضمن هذه المجموعة نصا مسرحيا من تأليف الزعيم الوطني المصري مصطفى كامل وكانت بعنوان "فتح الأندلس" وقام شلبي بتحقيقه ونشره في كتاب مستقل حمل نفس العنوان، صدر عن هيئة الكتاب المصرية في سبعينيات القرن الماضي.
ولم تتوقف اسهامات على الكتابة الأدبية (الرواية والقصة والمسرح) وإنما يحسب له أنه من أدخل فن كتابة البورترية في الصحافة المصرية، ويبقى كتابه "عناقيد النور" واحد من أهم كتب البورتريه في مصر والوطن العربي، بل وسار كل كتاب هذا الفن الصحفي على خطاه حتى يومنا هذا، في "عناقيد النور" كتب الـ"عم خيري" عن 21 شخصية، حولها على الورق إلى شخصيات تنبض بالحياة، وليست مجرد كتابة جامدة، وكتب عن 250 شخصية.
ولم يكن الـ"عم خيري" مشغولا بالحصول على جوائز، ورغم ذلك حصل على العديد منها، ومن أبرزها جائزة الدولة (المصرية) التشجيعية فى الآداب عام 1980- 1981، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى 1980 — 1981، وجائزة أفضل رواية عربية عن رواية "وكالة عطية" 1993، وجائزة أفضل كتاب عربى من معرض القاهرة الدولى للكتاب عن رواية صهاريج اللؤلؤ 2002، وجائزة الدولة التقديرية فى الآداب 2005.
إن تسجيل وترخيص مستخدمي موقع "سبوتنيك" عبر حسابات الفيسبوك أو شبكات اجتماعية أخرى يشير إلى قبولهم لقواعد الموقع. يتوجب على المستخدمين الالتزام بالقوانين المحلية والدولية، واحترام المشاركين الآخرين في النقاش، والقراء والأشخاص الذين يتم ذكرهم في المنشور.
إدارة الموقع لها الحق في أن تحذف التعليقات التي تحتوي على لغات تختلف عن لغة غالبية محتوى الموقع. لدى كافة مواقع sputniknews.com باللغات المختلفة حق تحرير التعليقات.
يتم حذف تعليق المستخدم في الحالات الآتية:
إذا كان التعليق لا يتفق مع محتوى المنشور.
إذا كان التعليق يحرض على الكراهية والتمييز العنصري أو العرقي أو الجنسي أو الديني أو الاجتماعي، أو ينتهك حقوق الأقليات.
إذا كان التعليق ينتهك حقوق الأقليات، ويسبب لهم الأذى بأي شكل من الأشكال، بما في ذلك الإساءة المعنوية.
إذا كان التعليق يحتوي على أفكار ذات طبيعة متطرفة أو تدعو إلى أنشطة أخرى غير قانونية.
إذا كان التعليق يحتوي على شتائم أو تهديدات موجهة للمستخدمين الآخرين، أو للمنظمات بصورة تسيء إلى سمعة رجال الأعمال أو الموظفين فيها وتقلل من كرامتهم.
إذا كان التعليق يحتوي على شتائم أو رسائل تعبّر عن عدم الاحترام لموقع "سبوتنيك".
إذا كان محتوى التعليق ينتهك الخصوصية، بحيث ينشر بيانات شخصية لأطراف ثالثة دون موافقة هذه الأطراف، أو ينتهك خصوصية المراسلة.
إذا كان التعليق يحتوي على مشاهد عنف أو سوء المعاملة والقسوة تجاه الحيوانات.
إذا كان التعليق يحتوي على معلومات حول كيفية الانتحار والتحريض عليه.
إذا كان التعليق يهدف إلى إعلان تجاري، أو الترويج لإعلان سياسي غير لائق أو غير قانوني، أو أي مصادر أخرى على الإنترنت يكون محتواها ما تم ذكره أعلاه.
إذا كان محتوى التعليق يروّج لمنتجات أو خدمات لأطراف ثالثة دون علم هذه الأطراف.
إذا كان التعليق يحتوي على لغة فظة أو ألفاظ نابية أو تلميحات من مشتقات تلك الألفاظ.
إذا كان التعليق يحتوي على رسائل بريد إلكتروني غير مرغوب فيها، وخدمات بريدية جماعية تروّج لخطط الثراء السريع.
إذا كان التعليق يروّج لاستخدام المواد المخدرة وغيرها من العقاقير، ويحتوي على معلومات عن منتجاتها وكيفية استخدامها.
إذا كان التعليق يحتوي على وصلات لفيروسات أو برمجيات خبيثة ومضرة.
إذا كان التعليق جزءاً من عمل منظم ينطوي على كميات كبيرة من التعليقات ذات محتوى واحد.
إذا كان التعليق يحتوي على رسائل غير مفهومة وغير ذات صلة.
إذا كان التعليق ينتهك الأدب وأصول المعاملة مظهراً بذلك أي شكل من أشكال السلوك العدواني أو المهين.
إذا كان التعليق لا يتقيد بالقواعد الأساسية للغة الإنجليزية (العربية)، على سبيل المثال: الكتابة (باللغة العامية) بالأحرف الكبيرة أو عدم تقسيم المكتوب إلى جمل.
إدارة الموقع تملك الحق في أن تحظر دخول المستخدم إلى صفحة الموقع، أو حذف حسابه دون إشعاره، وذلك إذا انتهك المستخدم أو بدر منه سلوك دلّ على انتهاكه لما تم ذكره من القواعد أعلاه.
كل التعليقات
إظهار التعليقات الجديدة (0)
ردأ على(إظهار التعليق إخفاء التعليق)