هكذا يمر مثل من الأمثلة المتعددة والمختلفة في ساحة التظاهر وسط العاصمة موسكو، يحاول المحتجون تسجيل موقف اعتراض على رفض السلطات الروسية تسجيل مرشحين إلى مجلس البرلمان المحلي لمدينة موسكو لعدم حصولهم على العدد المناسب للتواقيع للترشح.
تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورا كبيرا بتضخيم الحدث للرأي العام العالمي بأن مظاهرات تجري في موسكو والحقيقة أن ضجيجها لا يخرق الشوارع المجاورة والشرطة لم تتدخل بعد ولم تستخدم القوة المعطاة لها لعدم جر الحدث وتضخيمه أكثر وهو هدف المنظمين الأول والأخير.
ولوحظ أن أعداد أخبار التحركات على وسائل التواصل الاجتماعي ونشرها أخذت على عاتق نشطاء ومواطنين لهم توجهات غربية الطابع، وبدا ذلك جليا من خلال حسابات الناشطين التي تحوي على شعارات وعناوين سياسية غربية وتلهث وراء الأعراف والقوانين الأوروبية والأمريكية السائدة اليوم وناهيك عن شعارات مناهضة لبوتين والسلطات الروسية.
شوارع موسكو الحية والاحتجاج الميت
الحياة في موسكو صاخبة ولا تهدأ أبدا، سكانها دائما في عجلة من أمرهم والشوارع دائما تنبض بالناس وأيام عطلة نهاية الأسبوع تعد متنفسا للسكان القابعين طيلة الأيام الخمسة في أعمالهم فرصة للخروج إلى الحدائق والغابات والحفلات مع العائلات والأصدقاء للترفيه عن الذات.
حاول المنظمون من اختيارهم ليوم السبت إنجاح التحرك من خلال إنزال وحشد العدد الأكبر من المواطنين ظنا منهم أن هذا الأمر سيقلب الأمور لصالحهم وستعمل وسائل الإعلام على تغطية احتجاجاتهم أكثر، وبحسب التقديرات فإن الاحتجاج الأخير حشد نحو 27 ألف متظاهر في مدينة يعيش فيها أكثر من 18 مليون نسمة ولكم الحكم على النتيجة.
سيكولوجية المعارض الروسي
اعتقادا منه أنه "المخلص" الحقيقي للديموقراطية الغربية وحامل شعاراتها، معتبرا نفسه على الجانب المشرق من السياسة السوداء المنتشرة في البلاد يعيش أغلبهم الحلم والديمقراطية عبر وسائل إعلام معارضة وصفحات وسائل تواصل اجتماعي ينشرون من خلالها أحلامهم السياسة المنبعثة من الغرب الديمقراطي المتحضر.
لسبب نفسي بحت يعتبر "المعارض" الروسي نفسه الكائن "المختار" من الجنة والتقدمي الديمقراطي الملزم بإعادة روسيا "الضائعة" إلى معسكر "الحضارة" والديمقراطية عبر تطبيق مقولة "إذا لم تستسلم أو تتنحى السلطة فيجب الإطاحة بها بأي طريقة ممكنة".
عيون العرب على حدث موسكو
يبستم بعض معادي روسيا على الأحداث الأخيرة متمنين بالتغييرات من أجل إزاحة بوتين الذي ساهم بإعادة روسيا إلى الواجهة العالمية من خلال دورها السياسي في وجه العنجهية الأمريكية، بالإضافة إلى سياسة موسكو الداعمة لسوريا وإيران بوجه "الديمقراطية والحرية" التي استطاعت روسيا إيقاف مدها وبالتالي إفشال مشاريع غربية أمريكية في منطقة الشرق الأوسط.
يتمنى هؤلاء وبعضهم للأسف درسوا وتعلموا في الاتحاد السوفياتي أصبحوا اليوم يعادون التاريخ والبلد الذي قدم لهم المعرفة والوعي ويسعون في كل لحظة سانحة بث الحقد ونشر كل الأوساخ لأهداف أو بسبب عقدة أصبحت نفسية ليس أكثر.
أخيرا، رمت المعارضة "الليبرالية" بكل ثقلها السياسي في احتجاجات موسكو الأخيرة وفشلت من الخروج حتى بمطلب واحد كان هدفها الوحيد جر البلاد إلى الفوضى الخلاقة المستوردة من النظريات الغربية لتأجيج الصراعات الداخلية وستحاول مرة أخرى باحثة عن أمل لتنفيذ ما يطلب منها وبالتالي فإن المطلوب اليوم ليس انتخابات نزيهة وديمقراطية وليس لتحسين الوضع المعيشي إنما لإسقاط روسيا ودورها ولتعود لأيام يلتسين تابعة.
روسيا التي تحبط المئات من العمليات الإرهابية كل أسبوع بحسب التقارير الأمنية لن تردعها احتجاجات ألاف من المعارضين المتمولين ماليا من الغرب وبالتالي هم الأقلية التي تباع وتشترى في الوقت والزمان المناسبين.
(المقال يعبر عن رأي كاتبه)