سبوتنيك: في مجتمعات محافظة كالمجتمعات السعودية، كيف يتسنى للأهل، إرسال ابنتهم الأنثى إلى معاقل داعش، وماهي الأسباب التي قد تدفعهم إلى ذلك؟
آل زلفى: نحمد الله، أن هذه الحالات فردية جدا، ولا ترتقي إلى كونها ظاهرة آباء، أو أمهات، أو أسر تبعث بأبنائها إلى التهلكة، وهناك بعض الأسر — بكل أسف — نتيجة للجهل، أو لشدة التطرف، والتشدد الذي يؤمن به البعض، لكنهم قلة قليلة في هذا الاتجاه، وقد تنبهت الحكومة السعودية إلى مثل هذه الحالات، فاتخذت الإجراءات المشددة، لمحاسبة أصحاب تلك الحالات الفردية، بفرض أشد العقوبات عليهم.
سبوتنيك: برأيك.. هل الدافع المادي قد يكون سببا وراء مخاطرة بعض الأهالي بأبنائهم في طريق الإرهاب؟
آل زلفى: في المجتمع السعودي، يحدث العكس تماما، فلا يذهب إلى أماكن القتال والتوترات، أبناء الفقراء، وإنما —بكل اسف- هم يعدون على حساب الأسر الميسورة، أو تلك التي لا تشكو من ضوائق مادية، وإنما يذهب إلى تلك الأماكن، أبناء من يشكون من التطرف والتشدد والغلو، بل انه في كثير من الأحيان، تكون المادة عامل مساعد لدفعهم ومساعدتهم على القيام بذلك.
سبوتنيك: يتواجد حتى اليوم مايقارب 61 طفلا في سورية والعراق (37 ذكرا 24 أنثى) من 26 عائلة سعودية، وخمسة أطفال في اليمن (ذكران وثلاث إناث) من ثلاث عائلات سعودية،حسب الإحصاءات
ماهي الإجراءات التي اتخذتها المملكة للحد من انتشار أو تكرار هذه الظاهرة، وماهي سبل العودة لهؤلاء الأطفال إلى ديارهم؟
آل زلفى: هؤلاء يكونون، إما أسر تم التغرير بها، أو هم أطفال من أمهات أجنبيات- لا يحملن الجنسية السعودية- كالسوريات، وغيرهن، أو هم من فئة "البدون" الذين لا يتمتعون بأي جنسية، وبكل أسف كل هؤلاء وجدوا فيما تقوم به داعش والفئات المتطرفة، مجالا لإثبات وجودهم بطريقة أو بأخرى، وقلة من هؤلاء هم من ولدوا على أرض المملكة العربية السعودية، أو ينتمون إلى أسر معروفة، وأكرر على أنها ليست ظاهرة على الإطلاق، بل هي مجرد حالات فردية ، أذكر منها على سبيل المثال تلك المرأة، التي أخذت أولادها واتجهت بهم إلى اليمن.
سبوتنيك: أين البرامج التوعوية الأسرية، وحملات الترويج للفكر السليم، المناقض للتطرف، ونبذ العنف، والإرهاب، من المملكة العربية السعودية؟
آل زلفى: حملات توعية الأسر، والقيام ببرامج للتخفيف من حدة التشدد لدى بعض الأسر، إلى جانب من غُرر بهم ،من الشباب الذين التحقوا بركب الجماعات الإرهابية في سوريا، والعراق ،واليمن، ثم عادوا إلى أرض المملكة، كل أولئك، تم وضع برامج توعوية لهم، وبرامج إصلاحية لتصحيح المفاهيم الخاطئة لديهم، كما يتم عقاب المتشددين من الآباء، والأمهات، إذا ماعُرف عنه، أنه بتشدده هذا، قد يضر من حوله من أبناء المجتمع، أو من أفراد أسرته، في محاولة للتخفيف من حدة التشدد والتطرف لدى الأسر السعودية.
وفي فترة معينة من فترات المملكة، ربما كان هناك من يسرح ويمرح كيفما يشاء، ليبث أفكاره وسمومه هنا وهناك، ولكن منذ سنوات، تم وضع قوانين صارمة، للحد من أولئك الذين يغررون بالشباب، والزجّ بهم في ميادين الصراع، سواء في سوريا أو في غيرها.
سبوتنيك: بالانتقال الى الحديث عن ظاهرة هروب الفتيات وذلك بعد الحادثة الأخيرة لفتاة سعودية هربت عن ذويها خارج أرض الوطن والتي شغلت الرأي العام وكافة الأوساط الاجتماعية في المملكة واستحوذت على مساحة كبيرة من النقاش عبر شبكات التواصل الاجتماعي
برايك ماهو الدافع الذي يقف وراء انتشار مثل تلك الظاهرة؟ ولماذا حدث التخوف منها وشغلت الراي العام السعودي ما اذا كانت حادثة فردية وحسب؟
آل زلفى: بكل أسف، هناك بعض الأسر، تمارس غاية التشدد على أبنائها، خاصة، الإناث منهم، مما ينتج عنه هروب الفتيات من ذويهم، إلى خارج البلاد، كالحادثة التي تم ذكرها ، وتم من خلالها هرب الفتاة إلى جورجيا، او هربهن إلى مناطق أخرى، داخل البلاد أيضا، وقد تكون هي الأخرى، حوادث بسيطة ، وفردية، وإنما السكوت عن الأسباب والدوافع، التي أدت إلى حدوثها قد يجعلها تتكرر، وتصبح ظاهرة.
لذا فعلينا علاج تلك الأسباب ،من خلال خلق وعي مجتمعي، لنبذ العنف داخل الأسر، ونبذ التشدد مع الأبناء، وعدم تكرار مقولة "أننا في مجتمع محافظ، لايحق للفتاة فيه، أن تخرج إلى السوق بمفردها، بدون محرم، أو لا يحق للفتاة فيه، في اختيار الزوج، أو رفضه، على سبيل المثال، لا الحصر، وكل ماسبق هو مسببات، لابد من وضع حلول لها، وهو ماتقوم به حكومة المملكة الآن من خلال المؤسسات التعليمية، والتربوية، والتوعوية، فنحن بحاجة في الوقت الحالي إلى بعض المرونة، التي تتناسب مع ظروف المجتمع، فمحاربة التشدد والتطرف والمغالاة في معاملة الأبناء، داخل الأسرة السعودية ، هو واجب وطني ، يحد من تحول مثل تلك الحوادث إلى ظواهر قد يصعب السيطرة عليها فيما بعد.
أجرت الحوار: دارين مصطفى
