أجرت "سبوتنيك" الحوار التالي مع الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور "مصطفى البرغوثي" من خلال حلوله ضيفا على برنامج "بوضوح" المذاع على راديو" سبوتنيك.
سبوتنيك: دكتور.. ما هو سقف التوقعات الذي تقف عنده آمال الفلسطينيين اليوم أمام الموقف الذي اتخذته مصر أمس فيما يخص مناصرتها للقضية الفلسطينية؟
البرغوثي: نأسف لسحب مشروع القرار نتيجة الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، ونعتقد أن ترك الأمر لإدارة ترامب هو مخاطرة كبيرة جدا، فهذا القرار من الأساس هو مطلب فلسطيني وافقت عليه كل الدول العربية، وفي حال استمرار مصر على موقفها فإن الدول الأربع نيوزيلندا والسنغال وماليزيا وفنزويللا، ستقدم المشروع للتصويت وفقا لوعد أوباما الذي التزم بعدم استخدام الفيتو ضد القرار.
ونحن نعلم أن قرار مجلس الأمن وحده لن يحل المشكلة لكن من غير المقبول أن تسمح أي دولة عربية لإسرائيل بالتدخل فيما بيننا وبينهم خصوصا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ونحن على علم تام بأن مصر حكومة وشعبا كانت دائما سندا للقضية الفلسطينية ونتوقع أن يستمر ذلك في المستقبل أيضا، ومن واجبنا كفلسطينيين في حال تعطيل تمرير المشروع إلى محكمة الجنايات الدولية بالإحالة والمسارعة إلى كل المنظمات الدولية والانضمام إلى منظمات لا تستطيع الولايات المتحدة أن تقاطعها كمنظمة الصحة العالمية ومنظمة الغذاء العالمي.
سبوتنيك: في حال تم طرح مشروع بديل للمشروع المصري أمام مجلس الأمن من قبل الدول الأربع كما جاء في المذكرة التي شاركتم فيها، ما هو رد الفعل المصري المتوقع منكم تجاه التصويت على مشروع قرار قد تطرحه تلك الدول؟
البرغوثي: نأمل أن تصوت مصر لأن هذا ما يجب أن تفعله، وهذا ما ننتظره ونتوقعه، فنحن ومصر أشقاء وأخوة ويربطنا مصير مشترك، وتاريخ نضالي مشترك، فإسرائيل اليوم تشكل خطرا إقليميا ليس على فلسطين فقط بل على كل دول المنطقة، وتسعى إلى فرض هيمنتها العسكرية والسياسية والاقتصادية على المنطقة بأسرها، فإسرائيل هي من تآمرت على مصر وعلى مياه النيل وتآمرت مع أثيوبيا لبناء سدود تحول دون وصول مياه النيل بشكل طبيعي إلى مصر.
سبوتنيك: هل تم التنسيق بينكم وبين الطرف المصري على التأجيل، على غرار التنسيق في مرحلة إعداد القرار والتي استمرت 3 أشهر بلجنة مشتركة تضم أطرافا عربية ؟
البرغوثي: إعداد االقرار تم بالتنسيق الكامل مع الجانب الفلسطيني، والدول العربية الأخرى واللجنة المختصة بالشأن الفلسطيني لدى جامعة الدول العربية، أما تأجيل التصويت على القرار فبحسب تصريحات وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي فانه لم يتم بالتنسيق مع الجانب الفلسطيني، والفلسطينيون لم يطلعوا على أي شيء يخص هذا القرار قبل أن يتخذ.
سبوتنيك: ما هي توقعاتكم للمطالبات الفلسطينية أمام مجلس الأمن الآن خاصة وأن تأجيل المشروع المصري جاء لأجل غير مسمى مما يعني أنه ربما سيطرح هذا المشروع للتصويت عقب تولي ترامب السلطة منتصف الشهر القادم والذي لن يتردد عن استعمال الفيتو ضد القرار حيث كانت تلك هي مطالباته بالفعل إلى جانب نتنياهو من البيت الأبيض أمس، وفي ظل المذكرة التي قدمتها لمصر نيوزيلندا وفنزويلا وماليزيا والسنغال والتي شاركتم فيها أيضا؟
البرغوثي: لا يوجد طرف استخدمت الولايات المتحدة حق الفيتو لصالحه أكثر من إسرائيل، ولا يوجد شعب عانى من الفيتو الأمريكي أكثر من الشعب الفلسطيني، لكن المهم هذه المرة أن أوباما الذي نكث وعوده سابقا بالعمل على وقف الاستيطان ونتيجة لسلوكيات نتنياهو وجد أن هناك حاجة للامتناع عن التصويت فهو لن يستعمل حق النقض كما أنه لن يصوت لصالح المشروع، على الرغم من الجدل الدائر حاليا داخل أمريكا نتيجة لتدخل ترامب في القرار الأمريكي وتعديه على أوباما بتدخله في شؤون الإدارة قبل أن يتولى مهامه بقيامه بالاتصال بالرئيس السيسي.
كل الإشارات الواردة إلينا من فترة تولي ترامب القادمة سلبية ، فقد عين اليميني المتطرف فريدمان سفيرا لأمريكا في إسرائيل، وهو الذي يضع على سلم أولوياته نقل السفارة إلى القدس، ويدعو إلى تكريس الاستيطان بحكم أنه صهيوني متعصب لإسرائيل، فقد دعم بماله الخاص حملات الاستيطان الإسرائيلية، ويدعو إلى ضم أجزاء من الضفة الغربية إلى إسرائيل، فمتى تأجل التصويت على القرار إلى حين تولي ترامب وسط كل هذه الأمور فلن يكون التصرف الأوحد من أمريكا هو استخدام الفيتو فقط، بل أنها ستكون شريكا في خرق القانون الدولي، وشريكة في جريمة الحرب (الاستيطان)، وشريكة أيضا في جريمة كبرى أدانها القانون الدولي منذ الحرب العالمية الثانية وهي جواز ضم أراضي الآخرين بالقوة، مما يؤكد ازدواجية المعايير لدى السياسة الأمريكية، الأمر الذي يحول بينها وبين وجودها كوسيط أو شريك في أي عملية سلام في المستقبل، وبالتالي تأجيل القرار يلحق ضررا كبيرا بنا، لأن ترامب لا محالة سيستخدم الفيتو ضدنا، لذا أملنا أن يتم تمرير القرار قبل تولي ترامب حتى لو لم تتراجع مصر عن قرارها وذلك عن طريق الدول الأربع.
سبوتنيك: جاء في بيان الرئاسة المصرية اليوم أن السيسي وترامب: "اتفقا على أهمية إتاحة الفرصة للإدارة الأمريكية الجديدة للتعامل بشكل متكامل مع كافة أبعاد القضية الفلسطينية بهدف تحقيق تسوية شاملة ونهائية لهذه القضية".
كيف تنظرون لهذا المبرر الذي أوضحته مصر لطلب تأجيل التصويت أمس؟
البرغوثي: لا نستطيع أن ننتظر شيئا من إدارة ترامب المنحازة أكثر من إدارة أوباما لإسرائيل، فعلى الرغم من أن إدارة أوباما كانت أقل تشددا من إدارة ترامب مع إسرائيل إلا أنها فشلت في تحقيق تقدم يذكر على مدار 8 سنوات، فالمراهنة على مفاوضات مع حكومة نتنياهو في فترة ولاية ترامب هي مراهنة على سراب، فما سيأتي به ترامب هو أسوأ بكثير.
المطلوب منا كفلسطينيين هو أن نعمل على تغيير ميزان القوى، سواء بحركة المقاومة الشعبية، أو بحركة المقاطعة وفرض العقوبات على إسرائيل، أو بتصعيد حركة التضامن مع الشعب الفلسطيني وقضيته.
سبوتنيك: أخيرا دكتور..الدول الأربع التي شاركها الطرف الفلسطيني بتقديم مذكرة موجهة لمصر عقب تأجيل التصويت وهي نيوزيلندا وفنزويلا وماليزيا والسنغال، أين الصوت العربي المناصر للقضية الفلسطينية داخل مجلس الأمن ؟ وما هي الرسالة التي تود تلك الدول توجيهها إلى مصر من خلال مذكرتها؟
البرغوثي: أنا متاكد من أن دولا عربية أخرى تناصر موقفنا وتستغرب الموقف المصري ، وتشعر بأسف لتأجيل التصويت على مشروع القرار.
أجرت الحوار: دارين مصطفى
