وكذلك نلقي الضوء عمليات الرقة ودير الزور وتهديد "داعش" بتفجير سد الفرات وإغراق المنطقة وتسليح الولايات المتحدة لقوات سورية الديمقراطية بآليات مدرعة ثقيلة جديدة، وهل هي رسالة لتركيا من قبل الولايات المتحدة في تسليحها للقوات الكردية ؟ وإنعكاس هذا الوضع على إتمام متابعة المحادثات في جنيف بعد أستانا وهل بإمكاننا أن نسمي الخط البياني للتحرك العسكري السوري على أنه الاستراتيجية العسكرية السورية وسياسة العصا والجزرة في الميدان ؟
حول هذه المحاور استضفنا اليوم الخبير العسكري الاستراتيجي اللواء محمد عباس.
اللواء عباس: إن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة كانت تمتلك استراتيجية واضحة ومنسجمة مع الواقع وكانت قادرة على التصدي ومواجهة الإرهاب على الأرض السورية…القدرة القتالية العالية للجيش السوري والقدرة النارية الكبيرة التي تحلى بها بعد وصول الأصدقاء الروس الذين وقفوا بقوة إلى جانب الجيش العربي السوري، والحكمة في توزيع هذه القوة والقوات على امتداد الجغرافيا السورية بالرغم من أن هناك الكثيرين ممن كانوا يقولون إن هذا التوزيع قد يكون مضراً، وهذا الانتشار الإستراتيجي كان له سلبيات كما كان له إيجابيات، الأيجابيات أنه مكن الجيش العربي السوري من مواجهة الإرهاب على امتداد الجغرافيا السورية لكنه وضع الجيش العربي السوري في جزر مفصولة ومعزولة وربما كانت غير قابلة للإمداد والتموين في بعض الأوقات وبعض المواقع، مما فرض على بعض القوات أن تقاتل في ظروف التطويق لمدة أشهر إن لم نقل لعدة سنوات ومنها كما في مطار كويريس وسجن حلب المركزي وفي مواقع أخرى ، وفي الحقيقية الجيش السوري استطاع التأقلم مع هذه الظروف وربما كانت الحاضنة الشعبية هي من أمدته بأسباب الحياة والقوة والصمود ، والاستراتيجية العسكرية السورية هي كانت ضرب الإرهاب ومنعه من الانتشار والتمدد على امتداد الجغرافيا السورية.
وهذا الصراع تجلى بأشكال عديدة العسكرية والثقافية والاقتصادية والسياسية يعني محاولات ضرب لكل مقومات وكيان الدولة.
سبوتنيك: سيادة اللواء إننني هنا أردت أن أتحدث عن معومات أكثر من أن نتحدث عن واقع بات واضحاً تماماً ، أنا كنت تحدثت في البداية عن عمليات دير الزور وتهديد "داعش" بتفجير سد الفرات وإغراق المنطقة وتسليح الولايات المتحدة لقوات سورية الديمقراطية بأليات مدرعة ثقيلة وإنعكاس كل هذه الأوضاع بما تفضلت به والأوضاع الراهنة كيف يمكن أن تؤثر على الحل السياسي ؟
اللواء عباس: كان هناك من يراهن على أن القوات في دير الزور سوف تسحق من قبل "داعش" ، وكذلك الأمر في الحسكة ، ولذا أنا قلت أن الاستراتيجية العسكرية السورية كانت هي نشر الجيش على كافة الجغرافيا السورية من خلال إشغال المجموعات الإرهابية ومواجهتها في كل مكان ، وعندما تقوم الولايات المتحدة بدعم هذه المجموعات الإرهابية وبعض الفصائل الأخرى سواء أكانت تسمى بقوات سورية الديمقراطية أو جيش سوريا الديمقراطي، أو المجموعات التي تعطي الفرصة لوجود القوات الأمريكية على الأرض السورية، وإقامتها لقواعد عسكرية أمريكية يمكن أن تراهن عليها لضمان بعض أوراق التفاوض سواء مع روسيا أو لفرض شروط جديدة في الحل السياسي السوري، وهذا ما كانت تتنبه له القيادة السورية وتعمل على مواجهته ، ومنحت للجيش العسكري قدرة التفوق القتالي والمبادرة بالهجوم الناجح.
اللواء عباس: نعم سأصل الى هذه النقطة
هذه المواجهات اليوم مكنتها من تحقيق مصالحات وفرز المجموعات الإرهابية بين من يريد أن يرمي سلاحه ويعود الى حضن الوطن أو بين من يذهب الى إدلب، وكما نرى اليوم هذه المجموعات بدأت تتصارع في إدلب مع "جبهة النصرة" التي تريد أن تتغول وتنمو وتكبر وتبسط سيطرتها في المنطقة، وفي تصوري أن الأتراك لهم دور كبير في هذه المسألة، فهم يريدون السيطرة العسكرية على الأراضي السورية في منطقة إدلب وشمال حلب وفي الرقة ودير الزور وصولاً الى الحسكة ، وهنا علينا أن لا ننسى أن المجموعات التي تدعمها السعودية والتي تريد أن تمنح المجموعات الوهابية وجوداً أوسع وشروطا أفضل وسيطرة أكبر، وقطر أيضا تريد أن يكون لها دور آخر وهذا الوجود المتناقض في المصالح والإرتباطات والوجود الذي يكرس حالة من الصراع نشهده اليوم بين "جبهة النصرة" أو هيئة تحرير بلاد الشام أو المجموعات الجديدة، التي ولدت من رحب الإرهاب في "جبهة النصرة" والمجموعات المنضوية معها ونور الدين الزنكي ، وغيرها والتناقضات والصراعات فيما بينها قائمة لأجل السيطرة على الجغرافيا والسيادة والقرار العسكري وفرض إرادات وقيادات جديدة تتماهى مع الدور التركي والسعودي والخليجي والأمريكي
سبوتنيك: كل هذا الواقع تراه يمهد لنجاح لقاءات جنيف القادمة ؟
اللواء عباس: اليوم "دي ميستورا" يقول إن لم يتفقوا على فريق تفاوض مشترك فإنه سوف يشكله بنفسه ، أي أن قطر أو السعودية هم من سيشكلون هذ الفريق ، لأننا لا نثق بـ "دي ميستورا" ونشك بنزاهته ونشك بحيادية الأمم المتحدة، التي هي متماهية مع الدور السعودي ، لكننا هنا نقول إن هناك متغيراً جديداً على الأرض يفرض نفسه هو متغير ترامب، ومكافحة الإرهاب وهناك أمل جديد على المنطقة يوحي أن كل ما رسمته القيادة الأمريكية السابقة وربما تكون القيادة الأمريكية اللاحقة بوجود ترامب متفاعلة مع هذ المشروع، ولكن ترامب سوف يواجه من قبل الحلف المقاوم بصمود حلف الممانعة من خلال الدور الروسي، ودول بريكس، والدور الإيراني، والمقاومة الوطنية، والصمود الاسطوري للشعب العربي السوري، ممثلاً بجيشه وقواته الحليفة والرديفة.
هذا الحلف استطاع أن يفرض الأوراق أو بالأحرى الجذور الراسخة في الأرض والصمود الذي منح الدولة السورية والجيش القوة والثبات في المواجهة وأمكانية استمرار الصمود رغم كل ما كانت تحاول أن تمليه الإدارة الأمريكية والمشروع الصهيو — أمريكي — الخليجي — التركي في المنطقة ، وإعلام ما يمكن أن نسميه بالإسلام المتصهين، الإسلام المحافظ، الإسلام المعتدل الجديد وفق النموذج التركي.
أجرى الحوار: نواف إبراهيم