اليوم، كالينينغراد مركز المنطقة الغربية لروسيا، التي في نفس الوقت ليس لها حدود مباشرة مع البلاد. ومع ذلك، هي بؤرة روسيا في أوروبا، والمدينة فخورة جدا بتاريخها الألماني وتحاول الحفاظ على تراث أجدادها.
"هذه مدينة كبيرة، تقع على البحر وبالقرب من النهر في آن واحد، ومريحة للتجارة البحرية واستكشاف الأراضي البعيدة. إن مدينة مثل كونيغسبرغ، الواقعة على نهر بريغوليا، يمكن اعتبارها مكانا مناسبا لتوسيع المعرفة والإنسان ." - إيمانويل كانت.
تأسست مدينة كونيغسبرغ عام 1255 من قبل الفرسان الصليبيين من الحكم التوتوني، أما الاعتراف رسميا بالمدينة كان في عام.1724
لعبت المدينة دورا هاما في الحياة الدولية الأوروبية. وترتبط المدينة بتشكيل أول دولة بروتستانتية - دوقية بروسيا. تأسست جامعة كونيغسبرغ في عام 1544 وكانت مركزا لجذب العلماء والشخصيات الثقافية.
عاش الفيلسوف إيمانويل كانت كل حياته في كونيغسبرغ. وكذلك، عاش وعمل فيها الكاتب إرنست تيودور وفيلهلم هوفمان. كما تشتهر المدينة برجالها البارزين في مجال الثقافة والعلوم - الفيلسوفان يوهان هردر ويوهان فيشته، وعالم الفلك فريدريك بيسيل والملحن ريتشارد فاغنر، والمنظر السياسي هانا أريندت وغيرهم.
ومع ذلك، على مدى تاريخ المدينة، ارتبطت كونيغسبرغ بروسيا، وكانت جزءا لا يتجزأ من تاريخ روسيا. فهنا درس الإمبراطور الروسي بطرس الأول وأسس سلاح المدفعية، وإمكانية تطوير الحصون – الأمر الذي ساهم في بناء كرونشتادت. كما زارت المدينة الإمبراطورة الروسية يكاتيرينا الثانية، وكذلك المؤرخ الروسي كارامزين والقائد العسكري كوتوزوف ، وكل من الشعراء: جوكوفسكي، وباراتينسكي ونيكراسوف وماياكوفسكي. وفي عام 1758، خلال حرب "السنوات السبع"، أصبحت المدينة جزءا من الإمبراطورية الروسية.
يعتبر ميناء كونيغسبرغ من الموانئ التي لا تتجمد على بحر البلطيق - الأمر الذي لعب دورا هاما في مصير المدينة عام 1945. وكان من نتائج مؤتمر "بوتسدام"، نقل جزء من مقاطعة بروسيا الشرقية الألمانية للاتحاد السوفييتي وفي 4 يوليو/ تموز عام 1946 تم تغيير اسم المدينة من كونيغسبرغ إلى كالينينغراد.
منح البحر لمدينة كونيغسبرغ أهمية اقتصادية كبيرة، حيث يوجد على سواحلها 90% من احتياطي العالم من العنبر، المتواجد على طول ساحل منطقة المدينة. يوجد متحف خاص لعينات فريدة من العنبر. كما يوجد في المدينة أماكن خاصة حيث يمكن شراء حلي من العنبر.
وتعود أسطورة العنبر إلى فتاة جميلة تدعى يوراتي، وهي ابنة إله البحر، وقعت بحب صياد بسيط يدعى كاستيتيس. وعندما علم والدها بذلك، قام بقتل الصياد بصاعقة، وربط ابنته في قلعة تحت البحر. كانت يوراتي تبكي حبيبها، وتذرف دموعا على شكل عنبر تقذف بها الأمواج إلى الشاطئ.
هنا تم صناعة غرفة العنبر الشهيرة التي أهداها الملك فريديريك وليام الأول إلى بطرس الأكبر. خلال الحرب العالمية الثانية، قامت القوات الألمانية على نقلها من "تسارسكوي سيلو" بالقرب من سان بطرسبورغ، وعثر عليها مرة أخرى في بروسيا الشرقية. وشوهدت لآخر مرة في القلعة الملكية في كونيغسبرغ، في يناير/ كانون الثاني عام 194، ومنذ ذلك الحين لم يرها أحد.
أماكن ينصح بزيارتها
مبنى الكاتدرائية – المكان الأول لاستقطاب السياح في كالينينغراد. تم ذكر الكاتدرائية أول مرة في وثائق تعود لعام 1333، أما الانتهاء من بنائها عام 1380. وتعرض مبنى الكاتدرائية لأضرار جسيمة في الحرب العالمية الثانية، فقد دمر جزء كبير منه وتضرر تصميمه المعماري، ولم يتبق منه سوى الجدران. وفي عام 1992 تم إعادة ترميمه.
يوجد اليوم متحف للتعرف على تاريخ المدينة، ويضم قطعا وأوراقا نقدية قديمة، بالإضافة إلى مكتبة خشبية. كما يوجد آلتين من الأرغن وهي الأكبر في روسيا وأوروبا. ولمحبي الموسيقى الكلاسيكية والدينية تعتبر المدينة مثالية لزيارة الحفلات. ويوجد بالقرب من حائط الكاتدرائية قبر إيمانويل كانت، أما في القسم العنبري فتم دفن حكام بروسيا من سلالة "آل هوهنتسولرن."
متحف المحيط العالمي يعتبر مكانا مثيرا للأطفال والكبار على حد سواء. حيث يحوي نماذج من السفن القديمة والخرائط والتحف المتعلقة بالاكتشافات الجغرافية وعلم الآثار وصيد الأسماك. كما يوجد سفن حقيقية يمكن مشاهدتها والتعرف عليها من الداخل والخارج.
كما توجد السفينة الشهيرة "فيتياز" (فارس) - وهي سفينة البحث العلمي، التي أبحرت 800 ألف ميل، وكانت في خدمة علماء من 20 بلدا، كما استضافت عالمين شهيرين هيردل وكوستو. ويمكنك أيضا زيارة غواصة حربية حقيقية "B-413" - وهي الغواصة "ما قبل الذرية" الوحيدة التي تُركت في روسيا وحافظت على شكلها الخارجي، وتم سحبها من خدمة الأسطول الروسي.
"برزخ قورش" - يبعد حوالي نصف ساعة بالسيارة عن مدينة كالينينغراد، وهو عبارة عن شريط ضيق وطويل من الأراضي التي تمتد على طول ساحل البلطيق من مدينة زيلينوغرادسك الروسية وحتى مدينة كلايبيدا الليتوانية، ويصل طوله إلى 100 كم. تمتزج الكثبان الرملية هنا مع غابات الصنوبر، أما السباحة ففي المياه المالحة لبحر البلطيق، وفي المياه العذبة في خليج قورش. خلال فترة الهجرة، تحلق فوق البرزخ ملايين من الطيور. وفي عام 2000 تم وضع المنطقة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي.
يمكن التجول في المدينة – إذ أن للهندسة المعمارية في المدينة مزيج فريد من الماضي والحاضر. كما ويحاول سكان المدينة المحافظة على الآثار الموروثة من العصور الأوروبية القديمة، مثل بوابات المدينة والعديد من القلاع والكنائس.
وتتميز المدينة بخضارها، حيث تغطيها مساحات خضراء شاسعة، تضم أشجار الجير، والقيقب الأحمر، والزان، والكستناء، بحيث تبدو وكأنه تم جمعها من كافة أنحاء العالم لتزيين هذه المدينة.
ملعب كالينينغراد
ستستضيف المدينة أربع مبارايات في دوري المجموعات أيام 16،22،25،28يونيو/حزيران ويتسع الملعب لـ35 ألف متفرج.
يتميز الملعب بشكله البيضاوي ويقع على جزيرة "أكتيابرسكي". وفقا للمشروع، سوف يتم إزالة 10 ألاف مقعد بعد انتهاء البطولة. وبطلب من "الفيفا"، لن يتم إغلاق الملعب بسقف متحرك، بل سيغطى بلوائح فقط. وبعد انتهاء البطولة، سيصبح الملعب الرسمي لنادي "بالتيكا". الملعب سيكون مركزا لأحداث فنية ورياضية مختلفة. يوجد في المدينة الآن ملعب آخر بني في عام 1892 ويتسع لـ16 ألف متفرج.
دفعت بطولة كأس العالم السلطات المحلية إلى القيام بإصلاحات وإعمار في جزيرة أكتيابرسكي، من حيث بناء الحدائق والسدود وأرصفة المشاة على طول ضفة نهر بريغوليا.
كيفية الوصول
بواسطة القطار: نظرا لأن مدينة كالينينغراد لها حدود مع دول الاتحاد الأوروبي مثل ليتوانيا وبولندا، فلابد من الحصول على تأشيرة "شينغن" لكي تمر عبرها بالقطار. يوجد قطار "موسكو – كالينينغراد"، وزمن الرحلة: يوم كامل تقريبا.
بواسطة الطائرة: تستغرق الرحلة حوالي ساعتين فقط، ولن يحتاج المسافر إلى تأشيرة "شينغن". وهو الأمر الذي سيلائم كثيرا المشجعين الروس والأجانب القادمين إلى المدينة خلال بطولة كأس العالم.2018